القوامة من الأمور التي خص الله بها الرجل دون المرأة ، وقد سبق بيان معنى القوامة وذلك في الفتوى رقم : (930).
وأما شهادة المرأة ، وكونها تعدل نصف شهادة الرجل : فهذا مما نص عليه القرآن الكريم ، قال الله تعالى : ( وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ فَإِنْ لَمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنْ الشُّهَدَاءِ أَنْ تَضِلَّ إِحْدَاهُمَا فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الأُخْرَى ( البقرة /282.
والأمر إذا جاء من عند الله جل وعلا ، فلا مجال لمراجعته ، أو مناقشته ؛ بل لا بد من التسليم التام الذي ينتفي معه الحرج ، وهذا أبسط معاني الإسلام : الاستسلام لرب العالمين في كل أمر ، وإسلام الوجه له سبحانه ، قال تعالى : (وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُبِينًا)الأحزاب/ 36 .
إننا نستجيب لأمر الله جل وعلا في هاتين القضيتين (وهما قضية قوامة الرجل على المرأة ، وكون شهادتها على النصف من شهادته ) ، ليس لأن الرجل أذكى والمرأة أقل ذكاء ، ولكن لأن الله تعالى قضى وأمر، فالواجب حينئذ هو السمع والطاعة ، قال تعالى : ( إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَنْ يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) النور/ 51 .
إن قوامة الرجل على المرأة هي نوع من أنواع الولاية ، والولاية في الشريعة الإسلامية تكون للرجل ، في الغالب الأعم من الأمور ؛ وفي ذلك مناسبة ظاهرة لما هو معلوم مشاهد من أن الرجل أقدر على إدارة الأمور ، والتحكم في عواطفه ، وتقديم عقله على انفعالاته ، بخلاف النساء اللاتي تغلبهن عواطفهن كثيرا . بالإضافة إلى أن الظروف الطبيعية التي تدهم المرأة في حالات الحيض والحمل والنفاس : لها أثر كبير على اتزانها النفسي ، وصحتها البدنية والعصبية ،
واعتبر بدول العالم غير المسلم ، في أوربا وأمريكا ، الذين هم أكثر الناس مناداة بالحقوق المزعومة للمرأة ، ومساواتها بالرجل ، بل وتقديمها عليه ، كم تجد من دولة ولَّت أمر قيادتها إلى امرأة ، إن قارة أوربا تضم ما يقارب من خمسين دولة ، كم دولة منها تتولى قيادتها المرأة ؟ لن تجد إلا أقل القليل ، بل إن الولايات المتحدة الأمريكية التي تسوِّق نفسها راعية لحقوق المرأة في العالم ، تناوب على قيادتها منذ إنشائها أربعة وأربعون رئيسا ، لم يكن من بينهم امرأة واحدة ، أليس هذا إقراراً منهم بأن الرجال هم الأقدر على إدارة الأمور وحكم البلاد ؟
أما ما تذكر من أن عملية نمو وتطور الفص الأمامي من الدماغ المسؤول عن حساب المخاطر والمسؤولية ، أبطء بكثير لدى الرجال من النساء : فسواء أكان هذا صوابا أم خطأ ؛ فإنه لن يغير شيئا من الأحكام الشرعية ، ولن يغير شيئا مما اتفق عليه الشرع والعرف والواقع والتاريخ : من أن الرجال هم الأقدر على الإدارة والقيادة من النساء ، تلك هي الحقيقة التي اعترف بها الناس جميعا مؤمنهم وكافرهم ، برهم وفاجرهم .
والله أعلم .