فالحاصل : أننا لا نجزم بصحة هذه الأخبار ، وفي الوقت نفسه لا نقطع بكذبها ؛ فلا
يستعبد حصولها لأنها لا تتعارض مع ما اشتهر عن الحجاج من الجرأة على الدماء ، وعدم
احترامه لأعلام الأمة وإلحاقه الأذى بهم ، كما فعل بعبد الله بن الزبير رضي الله
عنه ، وبسعيد بن جبير رحمه الله تعالى ، وكل ذلك لأجل تثبيت حكم بني أمية ، ومبالغة
منه في سعيه لحفظ هيبة خلفائها .
ويتأيد هذا بما رواه ابن حبان في " الثقات " ( 4 / 40 ) بسند ظاهره الصحة : " عَن
أَزْهَر بْن عَبْد الله قَالَ : كنت فِي الْخَيل الَّذين سبوا أنس بْن مَالك ،
وَكَانَ فِيمَن يؤلب على الْحجَّاج ، وَكَانَ مَعَ عَبْد الرَّحْمَن بْن الْأَشْعَث
، فوسم فِي يَده : "عَتيق الْحجَّاج" !! فَقَالَ : لَوْلَا أَنَّك خدمت رَسُول
اللَّهِ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم لضَرَبْت عُنُقك " ورواه ابن عساكر في " تاريخ
دمشق " ( 9 / 372 ) .
وهذا الختم جاء في بعض الروايات أنه عبارة عن خيط فيه رصاص ، انظر كتاب " المحن
" لأبي العرب التميمي ( ص 334 ) .
ويحتمل أن يكون المراد به هو " الوسم " كما في رواية ابن حبان السابقة ، والوسم
في اللغة هو الكي بحديدة تترك أثر علامة ، أو كتابة ، على مكان الكيّ .
ولمعرفة موقف أهل العلم من الحجاج بن يوسف الثقفي راجع الفتوى رقم : (
144424 )
.
والله أعلم .