0 / 0
71,50317/02/2015

هل يجوز أن يقول لشخص تارك للصلاة : انت لا توقر الله وأنه كافر ؟

السؤال: 225270

قلت لأحدهم : ” ليس لله في نظرك مثقال ذرة من توقير ، ولو كنت توقره لصليت ، فأنت كافر إذن لأنك لا تصلي ” ، وإذ قلت هذا فأنا استحضر أقوال العلماء في تارك الصلاة ، خصوصاً وأني قد بيّنت له من قبل مراراً وتكراراً هذا الحكم ، وسقت له أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم ، فما حكم تكفيره في هذه الحالة ؟

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

أولا :
تارك الصلاة الذي لا يصليها مطلقا ، كافر ، سواء تركها جحودا ، أو كسلا في أصح قولي العلماء ؛ لأدلة كثيرة ، سبق ذكر بعضها في الجواب رقم : (5208).
ثانيا :
الحكم على شخص معين بالتكفير يجب أن يكون منطلقا من يقين وعلم بحال المسؤول عنه ، فقد يكون الرجل يصلي في بيته أحيانا ، ومن ثبت إسلامه بيقين ، لم يجز أن يُخرَج منه إلا بيقين ، ولا مجال هاهنا للظن ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ ) الحجرات /12.
وما ذكره السائل صحيح من أن تارك الصلاة ليس في قلبه توقير لله عز وجل ، ولو كان في قلبه ذلك التوقير لما ترك الصلاة التي هي عمود الدين والحد الفاصل بين أهل الإسلام وأهل الكفر .
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : ” ليكن معلوما أن من شهد بالتوحيد مخلصا فلا يمكن أبدا أن يدع الفرائض؛ لأن إخلاصه يحمله على فعلها، كيف يشهد أن لا إله إلا الله أي: لا معبود بحق إلا الله ، ويقول: أنا أريد بذلك وجه الله ، ثم لا يعمل العمل الذي يوصله إلى الله ؟! فهذا لا يمكن ، ولهذا من حافظ على ترك الصلاة ولم يصل صار كافرا، حتى ولو قال: أشهد أن لا إله إلا الله، وأؤمن بالله، وملائكته، وكتبه، ورسله، واليوم الآخر؛ فما دام أنه لا يصلي نقول: أنت كافر، لا فرق بينك وبين الذي يسجد للصنم ؛ ولهذا جاء لفظ في رواية مسلم من حديث جابر : (بين الرجل وبين الكفر والشرك ترك الصلاة)… متى شهد أن لا إله إلا الله حقا فسوف تحمله هذه الشهادة على القيام بفرائض الله” انتهى من اللقاء الخامس والأربعين من “لقاءات الباب المفتوح” .
وقد سأل سائل الشيخ ابن باز رحمه الله سؤالا مشابها لسؤالك فقال : حدث حوار بيني وبين صديق لي عن الإسلام حيث قال هذا الصديق : إنه لا يصلي على الإطلاق ، فقلت له : أنت كافر..
فأجاب الشيخ رحمه الله :
الصواب : أن من ترك الصلاة فهو كافر ، وإن كان غير جاحد لها ، هذا هو القول المختار والمرجح عند المحققين من أهل العلم ؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح : ( العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر ) خرجه الإمام أحمد ، وأهل السنن ، عن بريدة بن الحصيب رضي الله عنه بإسناد صحيح ؛ ولقوله أيضا صلى الله عليه وسلم : ( بين الرجل وبين الشرك والكفر ترك الصلاة ) خرجه الإمام مسلم في صحيحه ، ولقوله أيضا عليه الصلاة والسلام : ( رأس الأمر الإسلام وعموده الصلاة ) خرجه الإمام أحمد ، والإمام الترمذي رحمة الله عليهما بإسناد صحيح ، عن معاذ بن جبل رضي الله عنه؛ ولأحاديث أخرى جاءت في الباب .
فالواجب على من ترك الصلاة أن يتوب إلى الله ، وأن يبادر بفعلها ، ويندم على ما مضى من تقصيره ، ويعزم ألا يعود ، هذا هو الواجب عليه .
وذهب بعض أهل العلم إلى أنه يكون عاصيا معصية كبيرة ، وجعلوا هذا كفرا أصغر ، واحتجوا بما جاء في الأحاديث الصحيحة من فضل التوحيد ، وأن من مات عليه فهو من أهل الجنة إلى غير هذا ، لكنها لا تدل على المطلوب ، فإن ما جاء في فضل التوحيد ومن مات عليه فهو من أهل الجنة إنما يكون بالتزامه أمور الإسلام ، ومن ذلك أمر الصلاة ، من التزم بها حصل له ما وعد به المتقون ، ومن أبى حصل عليه ما توعد به غير المتقين ، ولو أن إنسانا قال : لا إله إلا الله ، ووحد الله ثم جحد وجوب الصلاة كفر ، ولا ينفعه قوله : لا إله إلا الله ، أو توحيده لله مع جحده وجوب الصلاة ، فهكذا من تركها تساهلا وعمدا وقلة مبالاة حكمه حكم من جحد وجوبها في الصحيح من قولي العلماء ، ولا تنفعه شهادته بأنه لا إله إلا الله؛ لأنه ترك حقها ؛ لأن من حقها أن يؤدي المرء الصلاة ، وهكذا لو وحد الله وأقر بأنه لا إله إلا الله ، ولكنه استهزأ بشيء من دين الله فإنه يكفر ، كما قال الله عز وجل : (وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ * لا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ) التوبة/65-66.
وهكذا من ترك الصلاة وتساهل بها يكون كافرا ، وإن لم يجحد وجوبها في الأصح من أقوال العلماء؛ للأحاديث السابقة وما جاء في معناها ، فنسأل الله أن يصلح أحوال المسلمين “.
انتهى من “فتاوى ابن باز” (10/266) .
ثالثا:
ينبغي التنبه إلى ضرورة اعتبار خلاف العلماء ، والتأدب بالآداب المقررة في المسائل المختلف فيها بين أهل العلم .
وهذه المسألة (تكفير من ترك الصلاة تكاسلا) الخلاف فيها مشهور ومعروف بين العلماء .
فلك أن تعمل في هذه المسألة بما ترى أنه الأرجح ، فلا تصلى على هذا الشخص مثلا ، أو لا تأكل ذبيحته ، أو لا ترث منه إن كان أحد أقاربك .. ونحو ذلك .
لكنك لا يمكنك إلزام الناس كلهم بذلك .
وينبغي التنبيه أيضا على أنه ينبغي النظر فيما يترتب على مواجهة الشخص بهذا الكلام ، هل ذلك سيكون أدعى لقبول النصيحة أم سينصرف عنها ؟
فعلى الناصح أن يكون رفيقا حكيما في دعوته ، غير منفر للناس ، قال الله تعالى : (ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ) النحل/125، بل هذه الأحكام موكولة إلى علماء وقضاة منطقتكم وما يؤديه إليه اجتهادهم .
والله أعلم .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر

موقع الإسلام سؤال وجواب

answer

موضوعات ذات صلة

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android