وضعت الشريعة الإسلامية ضوابط لتعامل المرأة المسلمة بالرجل الأجنبي عنها ممن ليس من محارمها ، فلا يختلي بها ، ولا تصافحه ، ولا تخضع معه بالقول ، ولا تمازحه ، ولا تكثر من الحديث معه ، إنما يكون الحديث معه للحاجة ، مع ضرورة الالتزام بالحجاب الكامل .
وزوج العمة ليس من المحارم ، كما بيناه في الفتوى رقم : (20248 ) .
فتعامل المرأة مع زوج عمتها لا بد أن يكون وفق تلك الضوابط .. واعتياد الجلوس معه والتحدث إليه والاتصال عليه دائما وكثرة سؤاله عن أحواله : مما لا ينبغي ، وهذا باب من أبواب الفتنة ، يجب على المسلمة أن تحترز منه .
نعم ، لا بأس من إلقاء السلام عليه عندما يفرض اللقاء ذلك ، ولا مانع من الاتصال عليه عند وجود الحاجة إلى ذلك أيضا ، وسؤاله عن حاله وحال الأسرة عند الاتصال ، فهذا ونحوه لا حرج فيه .
أما التساهل في التعامل معه ، والظهور كثيرا في حياته ، والاتصال به لحاجة ولغير حاجة ، والاسترسال معه في الحديث ، ولو في وجود زوجته أو بناته : فهذا يفتح باب الفتنة ، والتعلق الخفي ؛ فلا يجوز ؛ والإثم : حوَّاز القلوب ، يسرقها ويحتازها من صاحبه !!
والتساهل في التعامل مع الأقارب أشد فتنة من التعامل مع الأجانب ، وكم جر على الناس من ويلات ؛ ولذلك حذر الرسول صلى الله عليه وسلم من التساهل مع الأقارب تحذيرا شديدا ، فروى البخاري (5232) ، ومسلم (2172) عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( إِيَّاكُمْ وَالدُّخُولَ عَلَى النِّسَاءِ ) ، فَقَالَ رَجُلٌ مِنْ الْأَنْصَارِ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، أَفَرَأَيْتَ الْحَمْوَ ؟ قَالَ : ( الْحَمْوُ الْمَوْتُ ) .
والحمو هم أقارب الزوج الذين ليسوا محارم لزوجته ، كأخيه وعمه وابن عمه .... إلخ .
قال النووي رحمه الله :
" قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( الْحَمو الْمَوْت ) َمَعْنَاهُ : أَنَّ الْخَوْف مِنْهُ أَكْثَر مِنْ غَيْره , وَالشَّرّ يُتَوَقَّع مِنْهُ , وَالْفِتْنَة أَكْثَر لِتَمَكُّنِهِ مِنْ الْوُصُول إِلَى الْمَرْأَة وَالْخَلْوَة مِنْ غَيْر أَنْ يُنْكَر عَلَيْهِ , بِخِلَافِ الْأَجْنَبِيّ . وَعَادَة النَّاس الْمُسَاهَلَة فِيهِ , وَيَخْلُو بِامْرَأَةِ أَخِيهِ , فَهَذَا هُوَ الْمَوْت " انتهى .
فالواجب عليك التوقف عن هذا التساهل ، وألا يكون الحديث معه إلا للضرورة أو الحاجة ، سواء في المجلس أو عبر الهاتف .
وكذلك الأمر بالنسبة للجلوس في مجلسه ، بل هو أولى بعدم التساهل أو التوسع فيه .
وإذا مرض : فلا بأس من السؤال عنه ؛ لأن هذا من الحاجات .
ولا بد أن يتقبل زوج عمتك هذا التغير ، ويتفهمه ، لأنه ليس هناك علاقة تربطك به ، وأنه ليس هناك حقوق ولا واجبات متبادلة بينكما ؛ واجتهدي في أن تغلقي عنك وعنه كل باب للتعلق والافتتان ، ولو اضطرك الأمر إلى قطع التواصل بالكلية .
والله أعلم .