0 / 0
15,32727/06/2015

أيهما أولى تقديم الإنجاب أم أداء فريضة الحج ؟

السؤال: 222102

كنت أخطط أنا وزوجتي للذهاب إلى الحج هذا العام ، لكن على ما يبدو أننا سنضطر للتأجيل إلى العام القادم ، لكن في العام القادم لدينا مشروع آخر وهو الإنجاب ، وزوجتي مصممة على ذلك ، ولا يمكن أن نؤخر لأنه قد مضى أكثر من عامين على الزواج ، وليس من الحكمة تأخير الإنجاب أكثر من هذا .
والحاصل أنه إما أن نركز على الحج ، وإما على الإنجاب . وأنا أحاول إقناعها بأن ننتظر عاماً آخر إلى أن نحج ، كونه فريضة ، لكنها ترى أن الإنجاب فريضة أيضاً ، وهو ما أوافقها عليه ولا شك ، فأي الفريضتين أولى بالتقديم ؟

ملخص الجواب

والخلاصة : أنه ينبغي أن تسعى لإنجاب الأولاد ، ثم إن تيسر لك الحج حججت ، وإن لم يتيسر ، فإنك تؤجله إلى أن يتيسر ذلك لك . والله أعلم .

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

أولا :
من كان مستطيعا للحج ، ببدنه وماله يجب عليه أن يبادر إلى الحج ، ولا يجوز له تأخيره ، وقد سبق بيان ذلك في الفتوى رقم : (41702) .
ثانيا :
إنجاب الأولاد مقصد أساسي من مقاصد الزواج ، ويترتب عليه مصالح كثيرة ، وقد حث عليه الرسول صلى الله عليه وسلم في أكثر من حديث .
فالذي ننصحك به أن تبادر بإنجاب الأولاد ، ولا تؤخر هذا أكثر مما فعلت ، فإنك قد ذكرت أنك أخرته سنتين ، فإن الأولاد نعمة عظيمة من نعم الله تعالى على الإنسان .

والحج وإن كان واجبا على الفور – كما سبق – إلا أنه يجوز تأخيره إذا وجد عذر لذلك .
وأنت لا تدري متي ينعم الله عليك بنعمة الأولاد ، وقد يرزقك الله بالأولاد ولا يكون ذلك مانعا لك من الحج بما ييسره الله لك من الأسباب .

وقد سئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : سائلة تقول: أريد أداء فريضة الحج لأول مرة ، وأنا متزوجة ولي أولاد صغار، أصغرهم تبلغ من العمر خمسة أشهر، وأقوم برضاعة طبيعية ، ولكن باستطاعتها أن تتناول وجبة أخرى بجانب الحليب ، وقد منعني زوجي من الحج بحجة الرضاعة الطبيعية ، وأنا لا أريد اصطحابها معي خوفاً عليها من الأمراض وتغير الجو.
وأيضاً لأنها سوف تشغلني في وقتي ، فهل هذا من الأمور التي تسمح لي بترك الحج هذا العام؟
فأجاب : ” لا حرج على هذه المرأة التي هذه حالها أن تؤخر الحج إلى سنة قادمة ، أولاً : لأن كثيراً من العلماء يقولون: إن الحج ليس واجباً على الفور، وإنه يجوز للإنسان أن يؤخر مع قدرته ، وثانياً : أن هذه محتاجة للبقاء من أجل رعاية أولادها، ورعاية أولادها من الخير العظيم ، قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (المرأة راعية في بيت زوجها ومسئولة عن رعيتها) فأقول: تنتظر إلى العام القادم ، ونسأل الله أن ييسر لها أمرها، ويقدر لها ما فيه الخير” .
انتهى من ” مجموع فتاوى ورسائل العثيمين ” (21/ 66).
وهناك سبب آخر يجعلك تبادر بالإنجاب ، وأن لا تأخره أكثر من ذلك وهو رغبة زوجتك في الأولاد ، فإن الأولاد حق لكل واحد من الزوجين ، وإذا طلب ذلك أحدهما ، فليس للطرف الآخر أن يمتنع أو يؤجل إلا بعذر يبيح له ذلك .

وأما الحج ، فإنه ، وإن كان واجبا من غير شك ؛ إلا أنه إنما يجب على المستطيع ، وإذا كان الحمل والولادة ، سوف يكون مانعا من ذلك ؛ فليُعلم أن تحصيل الاستطاعة ، أو تحصيل شرط وجوب الحج : ليس واجبا على المكلف ، فليس واجبا عليه ـ إذا كان فقيرا ـ أن يذهب ويجمع من المال ، ما يجعله مستطيعا استطاعة مالية .
وإذا كان مريضا ، فليس واجبا عليه ـ من أجل الحج ـ أن يتداوى ، ويحصل أسباب الصحة ، ليحقق الاستطاعة الجسدية . وهكذا .
وشروط الاستطاعة ونحوها ، هو ما يعبر عنه بـ ” ما لا يتم الوجوب إلا به ” ، يعني : أن وجوب العبادة لا يستقر في ذمة المكلف ، إلا بحصول ذلك ، ويقولون : إنه تحصيلها ليس واجبا على المكلف .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :
” وهذه المسألة هي الملقبة بأن: ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب .
وقد غلط فيها بعض الناس، فقسموا ذلك إلي :
ما لا يقدر المكلف عليه ، كالصحة في الأعضاء والعدد في الجمعة، ونحو ذلك مما لا يكون قادراً علي تحصيله .
وإلي ما يقدر عليه كقطع المسافة إلي الحج، وغسل جزء من الرأس في الوضوء، وإمساك جزء من الليل في الصيام، ونحو ذلك .
فقالوا: ما لا يتم الواجب المطلق إلا به ، وكان مقدوراً للمكلف فهو واجب.
وهذا التقسيم خطأ، فإن هذه الأمور التي ذكروها : هي شرط في الوجوب ، فلا يتم الوجوب إلا بها، وما لا يتم الوجوب إلا به لا يجب علي العبد فعله باتفاق المسلمين ، سواء كان مقدوراً عليه أو لا، كالاستطاعة في الحج ، واكتساب نصاب الزكاة ، فإن العبد إذا كان مستطيعاً للحج: وجب عليه الحج، وإذا كان مالكاً لنصاب الزكاة : وجبت عليه الزكاة ؛ فالوجوب لا يتم إلا بذلك، فلا يجب عليه تحصيل استطاعة الحج ، ولا ملك النصاب .
ولهذا : من يقول: إن الاستطاعة في الحج ملك المال ، كما هو مذهب أبي حنيفة والشافعي وأحمد فلا يوجبون عليه اكتساب المال ..” انتهى من “درء تعارض العقل والنقل” (1/211-212) ، وينظر أيضا : “المسودة في أصول الفقه” (1/52) .

وقال ابن مفلح رحمه الله : “
” ما لا يتم الوجوب إِلا به ليس بواجب إِجماعًا، قدر عليه المكلف ، كاكتساب المال في الحج والكفارة .. ، أوْ : لا، كاليد في الكتابة ، وحضور الإِمام والعدد في الجمعة ” .
انتهى من “أصول الفقه” لابن مفلح (1/211) .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر

موقع الإسلام سؤال وجواب

answer

موضوعات ذات صلة

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android