0 / 0

توسط لشخص عند مقاول لأجل العمل فأعطاه مالا مقابل ذلك

السؤال: 220023

أنا مهندس مدنى أعمل فى إحدى الدوائر الحكومية بدبى ، أقوم بعمل مراجعة الرسومات الهندسية ، وكذلك التفتيش فى المواقع ، ويمر علينا الكثير من المراجعين ؛ ملاك ، أو مقاولين ، أو استشارين بحكم عملنا ، وأنا شخصيا أعرف أحد المقاولين يقطن بجوارى ، وهو من الذين يعملون فى توريد الرمل والحفر ، وليس لديه أى علاقة بمؤسستنا الحكومية ، وقد سألنى يوما أن أبحث له عن عمل ، وقد قمت بدورى بعرضه على بعض المقاولين من الذين يمرون علينا وقد تم الاتفاق فيما بينهم ، وقد أعطانى عمولة نظير ذلك .
فهل علىًّ حرمة فى ذلك ؟
مع العلم :
1/ أنه ليس من صميم عملى أن أقوم بترشيح المقاولين .
2/ ليس لدى مؤسستنا أى علاقة بالمشروع من ناحية مالية حالنا كحال أى جهة حكومية يأتى إلينا للحصول على التراخيص فقط .

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

أولا :
ما فعلته مع ذلك المقاول يُسمَّى ” الشفاعة ” ، وهي التوسط للغير لجلب منفعة له أو دفع مضرة عنه .
جاء في ” الموسوعة الفقهية الكويتية ” ( 26 / 131 ) :
” والشّفاعة إن كانت إلى النّاس فهي كلام الشّفيع في حاجة يطلبها لغيره إلى من يستطيع قضاءها كالملك مثلا ” انتهى .
وهذه الشفاعة – إن كانت في الخير – فهي عمل صالح يؤجر عليه الإنسان .
قال الله تعالى : ( مَّن يَشْفَعْ شَفَاعَةً حَسَنَةً يَكُن لَّهُ نَصِيبٌ مِّنْهَا وَمَن يَشْفَعْ شَفَاعَةً سَيِّئَةً يَكُن لَّهُ كِفْلٌ مِّنْهَا وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ مُّقِيتًا ) النساء /85 .
وعَنْ أَبِي مُوسَى : ” كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا أَتَاهُ السَّائِلُ – وَرُبَّمَا قَالَ جَاءَهُ السَّائِلُ – أَوْ صَاحِبُ الحَاجَةِ، قَالَ: ( اشْفَعُوا فَلْتُؤْجَرُوا ) ” رواه البخاري ( 6028 ) .
ثانيا :
أما حكم أخذ الأجر والهدية مقابل الشفاعة ، أو كما يسميه بعضهم ” ثمن الجاه ” فقد اختلف العلماء في ذلك ، فذهب بعضهم إلى تحريمها ، واستدلوا بحديث أَبِي أُمَامَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: ( مَنْ شَفَعَ لأَخِيهِ بِشَفَاعَةٍ فَأَهْدَى لَهُ هَدِيَّةً عَلَيْهَا فَقَبِلَهَا فَقَدْ أَتَى بَابًا عَظِيمًا مِنْ أَبْوَابِ الرِّبَا ) رواه أبوداود ( 3541 ) ، وحسنه الألباني في ” سلسلة الأحاديث الصحيحة ” ( 7 / 1371 ) .
وذلك لأن الشفاعة عمل صالح يثاب عليه الإنسان من الله تعالى ، فإذا أخذ عليه أجرا أو هدية فقد ضيع أجره عند الله ، كما أن الربا يضيع الحلال .
ينظر : ” عون المعبود ” ( 9 / 457 ) .
وقد سُئل الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله تعالى :
قمت بإحضار بعض الناس ؛ لكي يعملوا في إحدى دول الخليج ، أخذت منهم بعض النقود برضاهم ، فهل يحق لي ذلك ، وإن كان غير ذلك فماذا أفعل ؟
فأجاب : ” إذا كنت اتفقت معهم على مال معلوم من بلادهم حتى توصلهم إلى الخليج ، وتقوم بما يجب من قيمة التذاكر وغير ذلك ، هذا شيء لا حرج فيه ؛ لأنك أديت عنهم مالاً حتى توصلهم إلى إحدى دول الخليج بسبب خدمتك لهم ، وسعيك لهم في إيصالهم إلى دول الخليج حتى يعملوا هناك ، أما إن كانت الأموال التي أخذتها من أجل الشفاعة لهم بأن يعملوا عند فلان ، أو عند فلان ، والنفقة على حسابهم ، لكن أعطوك المال للشفاعة عند فلان أو فلان حتى يستخدمهم ، فلا ينبغي لك أن تأخذ المال ، في الحديث: ( من شفع لأخيه شفاعة، فأهدى له هدية ، فقد أتى بابًا عظيمًا من أبواب الربا ) فلا تأخذ عن شفاعتك مالا ، أما إن كنت خدمتهم في شيء ، أعطوك المال عن خدمة ، أخذت لهم الجوازات ، تعبت لهم في الإقامة ، عملت لهم أعمالاً كفيتهم إياها ، وأعطوك المال لخدمتك فقط ، فلا نعلم حرجًا في ذلك في مقابل الخدمة التي خدمتهم إياها ” انتهى من ” فتاوى نور على الدرب ” ( 19 / 291 – 292 ) .
وذهب آخرون من أهل العلم إلى جواز أخذ الأجرة أو الهدية على الشفاعة إذا لم تكن تلك الشفاعة واجبة عليه ، وأجابوا عن الحديث السابق إما بأنه ضعيف ، فقد ضعفه الحافظ ابن حجر في بلوغ المرام بقوله : في إسناده مقال . وإما بحمله على الشفاعة التي يجب على الإنسان القيام بها ، أو الشفاعة في شيء محرم .
قال الصنعاني رحمه الله تعالى :
” فيه دليل على تحريم الهدية في مقابلة الشفاعة … ولعل المراد إذا كانت الشفاعة في واجب كالشفاعة عند السلطان في إنقاذ المظلوم من يد الظالم ، أو كانت في محظور كالشفاعة عنده في تولية ظالم على الرعية ، فإنها في الأولى واجبة فأخذ الهدية في مقابلها محرم ، والثانية محظورة فقبضها محظور ، وأما إذا كانت الشفاعة في أمر مباح فلعله جائز أخذ الهدية لأنها مكافأة على إحسان غير واجب ، ويحتمل أنها تحرم لأن الشفاعة شيء يسير لا تؤخذ عليه مكافأة ” انتهى من ” سبل السلام ” ( 5 / 128 ) .
وقال الشيخ الألباني رحمه الله تعالى :
” وقد ترجم أبو داود للحديث بقوله ” باب في الهدية لقضاء الحاجة ” .
وعليه أقول: إن هذه الحاجة هي التي يجب على الشفيع أن يقوم بها لأخيه ، كمثل أن يشفع له عند القاضي أن يرفع عنه مظلمة ، أو أن يوصل إليه حقه ، ونحو ذلك …
وقد يتبادر لبعض الأذهان أن الحديث مخالف لقوله صلى الله عليه وسلم : ( من صنع إليكم معروفاً فكافئوه ، فإن لم تستطيعوا أن تكافئوه ؛ فادعوا له حتى تعلموا أن قد كافأتموه ) . رواه أبو داود وغيره.
فأقول : لا مخالفة ، وذلك بأن يحمل هذا على ما ليس فيه شفاعة ، أو على ما ليس بواجب من الحاجة . والله أعلم ” انتهى من ” سلسلة الأحاديث الصحيحة ” ( 7 / 1371 – 1372 ) .
وبناء على هذا ، فالأفضل لك أن لا تأخذ مقابل هذه الشفاعة شيئا حتى تدخر أجرك كاملا يوم القيامة ، وإن أخذت هذه الهدية فنرجو أن لا يكون عليك إثم .

والله أعلم .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر

موقع الإسلام سؤال وجواب

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android