0 / 0

ما حكم الحلف على ترك المعاصي ؟

السؤال: 217045

أمر النبي صلى الله عليه وسلم من حلف على يمين ثم رأى غيرها خيرا منها أن يكفر عن يمينه ثم يأتي الذي هو خير ، فهل إذا كان الحنث محرما ، هل يلزمه كفارة .
مثلا : إذا حلف على ألا يأتي معصية بعينها ، هل يكفر عن يمينه إذا وقع في هذا المحرم . وهل مثل هذا اليمين من أساسه مشروع أم هو بدعة ؟

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

أولاً :
من حلف على ترك معصية ما ، حرم عليه الحنث في تلك اليمين ؛ لكون الحانث في هذا النوع من اليمين سيقع في الحرام بحنثه .

قال ابن قدامه رحمه الله : ” ومتى كانت اليمين على فعل واجب , أو ترك محرم , كان حَلُّها محرما ; لأن حلها بفعل المحرم ، وهو محرم ” انتهى من ” المغني ” (9/390) .

وقال الرحيباني رحمه الله : ” ( و ) من حلف ( على فعل واجب ، أو على ترك محرم , حرم حنثه ) ؛ لما فيه من ترك الواجب ، أو فعل المحرم , ( ووجب بره ) ” انتهى من ” مطالب أولى النهى ” (6/366) .

وجاء في ” البناية شرح الهداية ” (6/111) : ” و” اليمين ” في وجوب الحفظ أربعة أنواع : ما يجب فيها البر وهو الحلف على فعل طاعة أو ترك معصية ، وذلك فرض عليه ، وبالحلف يزداد وكادة ..” انتهى .

ثانياً :
إذا حلف الشخص على أن لا يفعل معصية بعينها ، ثم فعل تلك المعصية ، فإنه يلزمه أن يتوب من مخالفة يمينه ، ووقوعه في المعصية ، ويلزمه مع ذلك كفارة يمين .

فقد سئل الشيخ عبد العزيز بن باز : إني أقسمت بوضع يدي على كتاب الله ، أن أقلع عن معصية معينة ، وأقلعت فعلاً ، ولكن ما حدث : أني عدت مرة ثانية ، سؤالي هل علي كفارة ؟

فأجاب رحمه الله : ” عليك التوبة ، والكفارة جميعًا ، التوبة إلى الله ، إذا كانت معصية ، وعليك الكفارة ، كفارة يمين ، وهي إطعام عشرة مساكين ، أو كسوتهم ، إطعام عشرة ، تعشيهم أو تغديهم ، أو تدفع لهم نصف صاع من التمر ، أو من الأرز ، أو من الحنطة ، ولو دفعت معه إدامًا يكون أفضل ، ‏أو تكسوهم كسوة ، تجزئهم في الصلاة ، كالقميص ، أو إزار ورداء ، لكل واحد ، أو تعتق رقبة إن قدرت ، وإن عجزت عن الثلاثة ، تصوم ثلاثة أيام ، هذه كفارة اليمين ” انتهى من ” فتاوى نور على الدرب ” لابن باز .

وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : ” الواجب على من حلف على ألا يفعل معصية : أن يثبت على يمينه ، وألا يعصي الله عز وجل ، فإن عاد إلى المعصية مع حلِفه ألا يفعلها : فعليه كفارة يمين ، وهي عتق رقبة ، أو إطعام عشرة مساكين ، أو كسوتهم ، والصوم لا يجزئ في كفارة اليمين إلا مَن عجز عن هذه الأشياء الثلاثة : العتق ، والإطعام ، والكسوة ، وأما مَن قدِر : فلو صام ثلاثة أشهر : لا يجزئه .
وإني أنصح هذا الأخ أن يكون قوي العزيمة ، ثابتاً ، وألا يجالس أهل المعصية التي تاب منها ، بل يبتعد عنهم، حتى يستقر ذلك في نفسه ” انتهى من ” فتاوى نور على الدرب ” لابن عثيمين .

ثالثاً :
الحلف على ترك المعاصي ، من أهل العلم من قال : إنه مندوب ؛ لما فيه من حمل النفس على ترك المعصية ، ومنهم من قال : إنه ليس بمندوب ؛ لعدم وروده .

قال ابن قدامه رحمه الله : ” وإن حلف على فعل طاعة , أو ترك معصية , ففيه وجهان :
أحدهما : أنه مندوب إليه . وهو قول بعض أصحابنا , وأصحاب الشافعي ; لأن ذلك يدعوه إلى فعل الطاعات , وترك المعاصي .
والثاني : ليس بمندوب إليه ; لأن النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه لم يكونوا يفعلون ذلك في الأكثر الأغلب , ولا حث النبي صلى الله عليه وسلم أحدا عليه , ولا ندبه إليه , ولو كان ذلك طاعة لم يُخِلُّوا به , ولأن ذلك يجري مجرى النذر , وقد ( نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن النذر , وقال : إنه لا يأتي بخير , وإنما يستخرج به من البخيل ) متفق عليه ” انتهى من ” المغني ” (9/389) .
والقول الثاني : هو المعتمد عند الحنابلة .
ينظر : ” الإنصاف ” (11/13) ، و ” كشاف القناع ” (6/229) .

وعليه ، فيحسن بالمسلم أن لا يحلف على ترك المعاصي ، بل يجاهد نفسه على تركها من غير يمين ؛ حتى لا يعرض نفسه للحنث في يمينه .

لكن إن رأى في نفسه تهاونا في ذلك ، وإسراعا إلى المعصية ، ورأى أن يمينه سوف يحجزه عنها : فلا حرج عليه إن شاء الله في أن يحلف على ترك المعصية ، مع وجوب حفظ يمينه ، والتحرز من مواقعة المعصية ، بعدما تأكد حقها في تركها من جهة اليمين ، زيادة على وجوب تركها بأصل الشرع .

والله أعلم .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر

موقع الإسلام سؤال وجواب

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android