0 / 0

هل يؤجر على حفظ القرآن إذا حفظه عن طريق سماعه من مسجل الصوت ؟

السؤال: 212820

لا أستطيع قراءة القرآن ، وأريد أن أتنافس مع إخواني للحصول على الأجر ، فما هو الذكر الذي إن قلته يحصل لي أجر عظيم ؟ وهل سيحصل لي أجر إن حفظت القرآن من خلال مسجل الصوت ؟

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

أولا :
ينبغي أن تستحضر هنا أمرين مهمين ، هما من فضل الله على عباده :
الأول : أن الله تعالى قال : ( وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ ) القمر/ 17 .
الثاني : قوله عليه الصلاة والسلام : ( الْمَاهِرُ بِالْقُرْآنِ مَعَ السَّفَرَةِ الْكِرَامِ الْبَرَرَةِ ، وَالَّذِي يَقْرَأُ الْقُرْآنَ وَيَتَتَعْتَعُ فِيهِ ، وَهُوَ عَلَيْهِ شَاقٌّ ، لَهُ أَجْرَانِ ) رواه البخاري (4937) ، ومسلم (798) .

قال النووي رحمه الله :
" الَّذِي يَتَتَعْتَع فِيهِ هُوَ الَّذِي يَتَرَدَّد فِي تِلَاوَته لِضَعْفِ حِفْظه ، فَلَهُ أَجْرَانِ : أَجْر بِالْقِرَاءَةِ , وَأَجْر بِتَتَعْتُعِهِ فِي تِلَاوَته وَمَشَقَّته " انتهى من " شرح مسلم للنووي " .

فإذا تحصل أن القرآن ميسر لتذكر العباد ، ومدارستهم ، وإذا تحصل أن من شق عليه شيء من ذلك ، أو تعب في تعلمه ، وحفظه ، ومدارسته : فله أجران ؛ كان حريا بالعاقل أن يجتهد في ذلك الجهد كله ، وأن يصبر نفسه على ذلك المقام العظيم ، وكم من أعجمي لا يحسن العربية ، يسر الله له حفظ كتابه كله ، وفي مثل ذلك الفضل : فلتنفق الأوقات ، وليتسابق المستبقون إلى الخيرات .

ثانيا :
مما يعين على حفظ كتاب الله تعالى كثرة سماعه عن طريق مسجل الصوت ، فإن تيسر لك حفظه بهذه الطريقة ، كنت ممن حفظ كتاب الله ، وحصل المقصود ، ونلت أجر الحافظين بإذن الله ومنزلتهم ، وبحسب إتقان العبد للتلاوة وحفظه وعمله بالكتاب المجيد وأحكامه وآدابه ، يكون أجره وتكون منزلته عند الله إذا أخلص النية واحتسب الأجر .
وإن كان الأفضل أن تجمع في ذلك بين الأمرين : أن تجتهد في تلاوته ، وحفظه ما استطعت ، نظرا من المصحف ، تحصيلا لفضيلة القراءة بنفسك ، وفضيلة النظر في المصحف ، ثم تستعين باستماع القرآن مسجلا في أمرين : في تصحيح تلاوتك ، والتأكد من ضبطك قبل الحفظ ، ثم في استمرار مراجعتك ، وتذكرك لما حفظت بعد ذلك .
ولا شك أن المستمع للتلاوة من شيخه ومعلمه ، بصورة مباشرة : هو أتقن لكتاب الله من المستمع له عن طريق المسجل ، ولا يتم للمسلم إتقان الحفظ إلا بالأخذ عن الشيخ مباشرة ، وحضور مجالسه ، متى تيسر له ذلك .
ولكن من لم يتيسر له الشيخ ، وتيسر له المسجل : فلا حرج عليه في متابعته ، والاستماع إليه ، والحفظ من خلال ذلك .
راجع لمزيد الفائدة إجابة السؤال رقم (112763) ، ورقم (147816) .

ثالثا :
باب المنافسة والمسارعة في الخيرات مفتوح لكل أحد ، فمن لم يستطع أن ينافس في القرآن نافس في الصلاة ، أو الصيام ، أو الصدقة ، أو الذكر ، أو الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، أو في صنائع المعروف ، أو في صلة الرحم ، أو في بر الوالدين ، إلى غير ذلك من أنواع العمل الصالح التي لا تحصى .

وعامة ما ثبت من الأذكار الشرعية : لها أجر وثواب عظيم ، ولكن هناك منها ما هو أعظم أجرا ، فمن القرآن مثلا – وهو أفضل الذكر – : قراءة : ( قل هو الله أحد ) فإنها تعدل ثلث القرآن . وسورة الفاتحة أفضل سور القرآن ، وآية الكرسي أعظم آية ، والآيتان من آخر سورة البقرة من قرأهما في ليلة كفتاه ، وحفظ ذلك وغيره ميسور لكل أحد ، وفي تلاوته وترديده أجر عظيم .
– ومن الأذكار المشروعة : ما رواه مسلم (2726) عن جويرية رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم خرج من عندِها بُكرة حين صلى الصبح ، وهي في مسجدها ، ثم رجع بعد أن أضحى ، وهي جالسة ، فقال : ( مَا زِلْتِ عَلَى الْحَالِ الَّتِي فَارَقْتُكِ عَلَيْهَا ؟ ) قالت : نعم ، قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( لَقَدْ قُلْتُ بَعْدَكِ أَرْبَعَ كَلِمَاتٍ ، ثَلَاثَ مَرَّاتٍ ، لَوْ وُزِنَتْ بِمَا قُلْتِ مُنْذُ الْيَوْمِ لَوَزَنَتْهُنَّ : سُبْحَانَ اللهِ وَبِحَمْدِهِ ، عَدَدَ خَلْقِهِ وَرِضَا نَفْسِهِ وَزِنَةَ عَرْشِهِ وَمِدَادَ كَلِمَاتِهِ ) .
– ومنها قول : سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم ، فقد روى البخاري (6682) ، ومسلم (2694) عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله عليه وسلم : ( كَلِمَتَانِ خَفِيفَتَانِ عَلَى اللِّسَانِ ، ثَقِيلَتَانِ فِي المِيزَانِ ، حَبِيبَتَانِ إِلَى الرَّحْمَنِ ، سُبْحَانَ اللَّهِ وَبِحَمْدِهِ، سُبْحَانَ اللَّهِ العَظِيمِ ) .
– ومنها : سيد الاستغفار ، فقد روى البخاري (6306) عن شداد بن أوس رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( سَيِّدُ الِاسْتِغْفَارِ أَنْ تَقُولَ : اللَّهُمَّ أَنْتَ رَبِّي لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ خَلَقْتَنِي وَأَنَا عَبْدُكَ وَأَنَا عَلَى عَهْدِكَ وَوَعْدِكَ مَا اسْتَطَعْتُ ، أَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ مَا صَنَعْتُ ، أَبُوءُ لَكَ بِنِعْمَتِكَ عَلَيَّ وَأَبُوءُ لَكَ بِذَنْبِي فَاغْفِرْ لِي فَإِنَّهُ لَا يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا أَنْتَ ، قَالَ وَمَنْ قَالَهَا مِنْ النَّهَارِ مُوقِنًا بِهَا فَمَاتَ مِنْ يَوْمِهِ قَبْلَ أَنْ يُمْسِيَ فَهُوَ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ ، وَمَنْ قَالَهَا مِنْ اللَّيْلِ وَهُوَ مُوقِنٌ بِهَا فَمَاتَ قَبْلَ أَنْ يُصْبِحَ فَهُوَ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ ) .
– ومنها أيضا من حيث الجملة : أذكار الصباح والمساء وأذكار دبر الصلوات المكتوبات وأذكار النوم ، فإن من واظب على ذلك فله أجر عظيم .
وراجع إجابة السؤال رقم : (174947) .

رابعا :
المشروع في حق المسلم التنويع في الأذكار الشرعية وسائر العبادات ، فتارة يقرأ القرآن ، وتارة يذكر الله ، وتارة يصلي ، وتارة يستذكر العلم ، وتارة يروح عن نفسه بأنواع الترويح المباحة ، ولا يقصر نفسه على نوع معين من أنواع العبادات لا يتعداه ولا ينشغل بغيره ؛ لأن في ذلك فوات أجر وفضيلة ما تركه من أنواع العبادات الأخرى ، مع ما يخشى عليه من حصول الملالة والسآمة .
راجع إجابة السؤال رقم : (195274) .

والله أعلم

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر

موقع الإسلام سؤال وجواب

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android