0 / 0

اشترطت عليه أن يفضلها على زوجاته في الوطء والنفقة فماذا يفعل ؟

السؤال: 212363

علمت أن في المساواة بين النساء للرجل المعدد قولين : الأول أن الواجب أن يساوى بين النساء في النفقة والمبيت والوطء ، والثاني أنه يجب التسوية في المبيت فقط ، لصعوبة المساواة في النفقة والوطء ، وأن للرجل أن يزيد لبعض نسائه في الوطء والنفقة ، إذا كانت الباقيات في كفاية .
وسؤالي هنا : أنا نويت أن أتزوج ثالثة ، واشترطت علي في الخطبة أن أزيد لها فيما يجوز ويحق لها الزيادة فيه ـ وطء ونفقة ـ فقط ، دون المبيت ، وإلا ، أبحث عن غيرها .
فهل يجوز لها هذا الشرط ؟

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

أولاً :
إذا اشترطت المرأة على الزوج قبل العقد أو في أثنائه أن يزيدها في النفقة على بقية زوجاته ، فقد اختلف العلماء في مثل ذلك :
فبعض أهل العلم يرى أن المساواة بين الزوجات فيما ذكر : ليست واجبة ، وبناء على ذلك : يصح مثل هذا الشرط ، لأنها شرطت أمرا يباح له فعله .
قال ابن قدامة ـ رحمه الله ـ :” وليس عليه التسوية بين نسائه في النفقة والكسوة إذا قام بالواجب لكل واحدة منهن ، قال أحمد في الرجل له امرأتان : له أن يفضل إحداهما على الأخرى في النفقة والشهوات والسكن ، إذا كانت الأخرى في كفاية ، ويشتري لهذه أرفع من ثوب هذه ، وتكون تلك في كفاية ” انتهى من ” المغني ” (10/242).

والقول الثاني : أنه يجب العدل بين الزوجات في النفقة ؛ لقوله تعالى: ( فَلا تَمِيلُوا كُلَّ الْمَيْلِ ) سورة النساء /129.
قال القرطبي ـ رحمه الله ـ : قال مجاهد: لا تتعمدوا الإساءة ، بل الزموا التسوية في القسم والنفقة ؛ لأن هذا مما يُستطاع ” انتهى من ” الجامع لأحكام القرآن ” (5/407) .
وقال ابن العربي ـ رحمه الله ـ : ” قال العلماء : أراد تعمد الإتيان , وذلك فيما يملكه وجعل إليه , من حسن العشرة والقسم والنفقة ونحوه من أحكام النكاح ” انتهى من ” أحكام القرآن ” (1/635).
وقال الصنعاني رحمه الله : ” والمراد : الميل في القسم والإنفاق ، لا في المحبة ” .
انتهى من ” سبل السلام ” (2/238).
واستدلوا أيضًا بقوله – صلى الله عليه وسلم – : ( مَنْ كَانَتْ لَهُ امْرَأَتَانِ فَمَالَ إِلَى إِحْدَاهُمَا جَاءَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَشِقُّهُ مَائِلٌ ) رواه أبو داود (2133) ، والنسائي (3881) وصححه الشيخ الألباني.
قال الشوكاني ـ رحمه الله ـ : ” قوله ” يميل لإحداهما ” فيه دليل على تحريم الميل إلى إحدى الزوجتين دون الأخرى ، إذا كان ذلك في أمر يملكه الزوج ، كالقسمة والطعام والكسوة ، ولا يجب على الزوج التسوية بين الزوجات فيما لا يملكه ، كالمحبة ونحوها … وقد ذهب أكثر الأئمة إلى وجوب القسمة بين الزوجات ” انتهى من ” نيل الأوطار ” (6/258).
وهذا القول أقرب للصواب ، ورجحه شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله ، واختاره الشيخ السعدي ، والشيخ ابن باز ، والشيخ ابن عثيمين ، وعلماء اللجنة الدائمة .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية ـ رحمه الله ـ : ” وأما العدل في ” النفقة والكسوة ” فهو السنة أيضًا اقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم ، فإنه كان يعدل بين أزواجه في النفقة ؛ كما كان يعدل في القسمة ؛ مع تنازع الناس في القسم : هل كان واجبا عليه ؟ أو مستحبا له ؟ وتنازعوا في العدل في النفقة : هل هو واجب ؟ أو مستحب ؟ ووجوبه أقوى وأشبه بالكتاب والسنة ” .
انتهى من ” مجموع الفتاوى ” (32/270) .
وسئل الشيخ ابن عثيمين ـ رحمه الله ـ
كيف يتحقق العدل بين الزوجات ؟
فأجاب : ” يتحقق العدل بين الزوجات بأن لا تعامل إحداهن معاملة تختلف عن الأخرى ، فيما أنت تملكه وتستطيعه ، فلا تعطي مثلاً هذه عشرة والأخرى عشرين ، أو هذه ثوباً جميلاً والأخرى ثوباً وسطاً ، أو تعطي هذه حلياً والأخرى لا تعطيها ، أو تلين الجانب لهذه والأخرى لا تلينه لها ؛ فكل شيء تستطيع أن تقوم به من العدل : فإن ميلك إلى إحداهن يعتبر جوراً وظلماً ، وتعتبر معرضاً نفسك للعقوبة التي ذكرها رسول الله صلى الله عليه وسلم .
أما ما لا يدخل تحت وسعك من محبة القلب والميل القلبي ، وما ينتج عن ذلك من معاشرة حال الجماع ونحوه : فهذا أمر ليس بوسعك ، وقد قال الله تعالى : ( لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلاَّ وُسْعَهَا )”. انتهى من فتاوى ” نور على الدرب “.
وبناء على القول الراجح : فإن المرأة لا يحل لها أن تشترط على زوجها أن يفضلها على غيرها من أزواجه ، في النفقة أو الكسوة ، أو نحو ذلك ؛ فإن فعلت : فهو شرط فاسد ، لا يحل له الوفاء لها به .

وأما الوطء : فإن مداره على الميل والنشاط والقدرة ، وهذا أمر ليس بوسع الإنسان كما هو الحال في ميل القلب ؛ وإنما لها عليه من ذلك أن يكفيها فيه بالمعروف ، بحسب طاقته على ذلك ، ونشاطه لها ، ومثل هذا لا يظهر أن يتقيد فيه بشرط .
قال ابن القيم ـ رحمه الله ـ : ” وفي هذا [ أي: العدل في الوطء ] تفصيل ، وهو أنه إن تركه لعدم الداعي إليه ، وعدم الانتشار : فهو معذور .
وإن تركه مع الداعي إليه ، ولكن داعيه إلى الضرة أقوى : فهذا مما يدخل تحت قدرته وملكه ؛ فإن أدى الواجب عليه منه : لم يبق لها حق ، ولم يلزمه التسوية . وإن ترك الواجب منه : فلها المطالبة به ” انتهى من ” زادا المعاد ” (5/138) ، وينظر المغني ” ( 7 / 235 ).
وقال الشيخ ابن عثيمين ـ رحمه الله ـ : ” لو قال إنسان: إنه رجل ليس قوي الشهوة : إذا جامع واحدة في ليلة ، لا يستطيع أن يجامع الليلة الثانية ـ مثلًا ـ أو يشق عليه ذلك ، وقال سأجمع قوتي لهذه دون تلك ، فهذا لا يجوز ؛ وذلك لأن الإيثار هنا ظاهر، فهو يستطيع أن يعدل .
فالمهم أن ما لا يمكنه القسم فيه فلا يكلف الله نفسًا إلا وسعها، وما يمكنه فإنه يجب عليه أن يقسم ” انتهى من ” الشرح الممتع “(12/428) .

والحاصل :
أننا لا نرى لك نكاح هذه المرأة بما ذكرت من الشروط ؛ فإنها إما اشترطت عليك ما لا يحق لها ، فلا يحل لكما الدخول فيه ابتداء ، وإما شرطت أمرا ، يغلب على الظن أن يؤدي إلى الإضرار بغيرها ، وترك توفيتها حقها .
ولم يضيق الله عليك ، والنساء سواها كثير ، متى ما أردت أن تتزوج ؛ فاظفر بذات الدين ، التي تحثك على الخير ، ولو لم يكن واجبا ، وتحب لغيرها ما تحب لنفسها من الخير .

والله أعلم .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر

موقع الإسلام سؤال وجواب

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android