0 / 0
6,49018/01/2014

هل تخبر فتاة عن حقيقة تزوير نسبها وقصة والديها ؟

السؤال: 210270

أخو زوجي عقيم لا ينجب ، تبنى طفلة منذ خمس عشرة سنة ، قال لنا : إن أمها ماتت وهي تلدها ، وإن أباها لا يريدها ، ولزوجة أخي زوجي قريبة ممرضة في نفس المستشفى ، قالت لهم : على البنت فأخذوها .
أنا لا أعرف صحة كلامهم هذا ، بصراحة أشك ؛ لأن من عاداتنا أن الأم عندما تلد تصطحب معها أحدا من أسرتها، حتى بافتراض أن الأم ماتت أثناء الولادة ، لن يستطيع الأب أن يكذب على أهل زوجته ، إلا إذا زور شهادة وفاة للبنت نفسها ، على أي حال أخو زوجي كتبها باسمه ، وأشاع بين الناس أنها ابنته ، وذلك بمباركة والديه .
أوضح له زوجي أن ما عمل حرام ، لكنه غضب ، ولم يفتح زوجي الموضوع معه ثانية ، الآن البنت كبرت ، وسافرت هي وأخو زوجي وزوجته ، حيث نقيم في كندا ، ضميري يؤلمني بشدة كلما نظرت إلى البنت وفكرت في أمها التي ماتت ، إذا صحت روايتهم ، أفكر في عائلتها . ربما كانت أم والدتها على قيد الحياة ، فلم لا يعرفون الحقيقة ، وتكون البنت سلوى لهم بدل ابنتهم التي ماتت . أيضا ألا يمكن لهذه البنت أن تقبل أحدا من محارمها وتتزوجه !
ماذا علي أن أفعل ؟
أخو زوجي هو الوحيد الذي يعرف اسم ومكان الأب ، ولم يعطه لأحد من إخوته ، أنا علاقتي ليست جيدة مع زوجته لأفتح معها الموضوع ، أحس أني شاهدة على جريمة ، في أحسن الأحوال ستكون جريمة تزوير نسب .
سألت أختا تعطي دروسا هنا ، قالت لي : لا أستطيع فعل شيء الآن ، لكن عندما تبلغ البنت مبلغ الزواج يجب أن يعرف الشخص الذي سيتزوجها الحقيقة . وهنا يجب علي أن أتكلم .
فما رأيكم في هذا ؟

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

رأينا أن الواجب عليك أداء النصيحة الخالصة لوجه الله تعالى لتلك الفتاة ، وذلك بإخبارها عن حقيقة نسبها ، وتوضيح الأمر لها ، كي تكون على بينة ، خاصة وأن النسب له أحكام كثيرة تترتب عليه ، منها الزواج والميراث ونحو ذلك ، فمن أبسط حقوق الإنسان أن يتعرف على نسبه الحقيقي ، من غير تحريف ولا تزوير .
وقد وصفت الاستمرار في كتمان الأمر عن الفتاة بأنه جريمة ، وهو فعلا كذلك ، فجريمة تزوير النسب ورد التحذير منها في السنة النبوية ، في أحاديث صحيحة وكثيرة ، منها ما ورد عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه : ” أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ – حِينَ نَزَلَتْ آيَةُ الْمُتَلَاعِنَيْنِ -: ( أَيُّمَا امْرَأَةٍ أَدْخَلَتْ عَلَى قَوْمٍ مَنْ لَيْسَ مِنْهُمْ ، فَلَيْسَتْ مِنَ اللَّهِ فِي شَيْءٍ ، وَلَنْ يُدْخِلَهَا اللَّهُ جَنَّتَهُ ) .
رواه أبو داود في ” السنن ” (رقم/2263)، وصححه ابن الملقن في ” البدر المنير ” (8/184)، وقال ابن كثير : إسناده جيد . ” إرشاد الفقيه ” (2/214)، وصححه السيوطي في ” الجامع الصغير “، وغيرهم ، وضعفه بعض علماء الحديث ، انظر ” إرواء الغليل ” (8/34). ولكن ثمة أدلة أخرى كثيرة في الصحيحين وغيرهما ، يمكن مراجعتها في الفتوى رقم : (5201) ، (160909) .
يقول الشيخ العمراني (ت558هـ) رحمه الله :
” إذا حرم على المرأة أن تدخل على قوم من ليس منهم ، حرم ذلك على الرجل أيضا ، ولأنه لمّا حرُم عليه نفي نسب يتيقنه منه ، حرم عليه استلحاق نسب يتيقن أنه ليس منه ” .
انتهى من ” البيان في مذهب الإمام الشافعي ” (10/429) .
ويقول المناوي رحمه الله :
” ( فليست من الله في شيء ) أي من الرحمة والعفو ، أو لا علاقة بينها وبينه ، ولا عندها من حكم الله وأمره ودينه شيء . كأنه قال : هي بريئة من الله في كل أمورها ” .
انتهى من ” فيض القدير ” (3/137) .
والحكمة من ذلك قطع الطريق على كل وسائل الرق والعبودية لغير الله ، واستغلال الإنسان ، التي تتمثل أول ما تتمثل في نسبة الولد إلى غير أبيه ، كأنك تلغي الهوية الأولى ، فتنقل الولد إلى هوية جديدة مغايرة ، والهويات والأصول والأعراق والأديان كلها تصنيفات مؤثرة في حياة الناس ، فكان من أساسيات كرامة الإنسان أن يُحتفظ له بحقه في معرفة نسبه الأصلي .
فنصيحتنا لك أن تسعي في بيان الأمر للفتاة ، ولو من خلال إرسال الرسائل الخاصة لها ، أو مخاطبتها عبر الإيميل ، ولست مضطرة للكشف عن هويتك أثناء بيان الأمر لها ، وإنما تخبرينها أنك ناصحة ، وأن الأمر حقيقته كذا وكذا ، مع وصية منك لها بالصبر وعدم الجزع ، وأن من تظنهم والديها هم في الحقيقة محسنون كرماء ، أحسنوا إليها ، ولا مانع أن تعاملهم بالإحسان والاحترام كوالديها ، بل هذا هو المطلوب منها ، لكن عليها أيضا أن تتنبه للأحكام الشرعية المترتبة على كونها أجنبية عنهما .
كما ينبغي عليك مراعاة سن الفتاة وإدراكها لحديثك ومضمونه ، فإن كانت صغيرة لا تقوى على استيعاب مثل هذه الأمور فلا حرج في تأجيل الأمر إلى سن الرشد الذي تتمكن فيه من مواجهة الحقيقة .
نسأل الله تعالى لمجتمعات المسلمين الوقاية والسلامة من كل سوء .
والله أعلم .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر

موقع الإسلام سؤال وجواب

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android