0 / 0
76,21210/06/2014

أحكام الوكيرة .

السؤال: 205413

ما مقدار الوكيرة ؟ ، هل هي وليمة أم أضحية ؟ وماذا يسنّ أن يكون طعامها ؟
وهل تكون للفقراء ، أم للأقارب ، أم للجيران ؟
وما هو وقتها ؟ ، هل قبل الدخول إلى المسكن الجديد أم بعد السكن فيه بقليل ؟ وما هي المدّة المستحبّة قبل أو بعد السكن للقيام بها ؟
وما هي فوائدها الدنيوية والأخروية ؟

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

أولا :
الوكيرة طعام سرور وشكران ، يتخذه الإنسان عند فراغه من البناء ، ويدعو إليه الناس ، وقد استحبها كثير من الفقهاء ، وليس فيها حديث عن النبي صلى الله عليه وسلم .
جاء في ” الموسوعة الفقهية ” (45/ 115-118) .
” الْوَكِيرَةُ فِي اللُّغَةِ مِنَ الْوَكْرِ، وَهُوَ عُشُّ الطَّائِرِ أَيْنَ كَانَ ، فِي جَبَلٍ أَوْ شَجَرٍ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ .
وَالْوَكْرَةُ وَالْوَكَرَةُ وَالْوَكِيرَةُ : الطَّعَامُ يَتَّخِذُهُ الشَّخْصُ عِنْدَ فَرَاغِهِ مِنْ بُنْيَانٍ فَيَدْعُو إِلَيْهِ .
وَفِي الاِصْطِلاَحِ : هُوَ الطَّعَامُ الَّذِي يُتَّخَذُ عِنْدَ الْفَرَاغِ مِنْ بِنَاءِ الدُّورِ فَيُدْعَى إِلَيْهِ .
واخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي حُكْمِ فِعْل الْوَكِيرَةِ وَالدَّعْوَةِ إِلَيْهَا :
فَقَال الشَّافِعِيَّةُ : الْوَكِيرَةُ ـ كَسَائِرِ الْوَلاَئِمِ غَيْرَ وَلِيمَةِ الْعُرْسِ ـ مُسْتَحَبَّةٌ ، وَلَيْسَتْ بِوَاجِبَةٍ، عَلَى الْمَذْهَبِ ، وَبِهِ قَطَعَ الْجُمْهُورُ ، وَلاَ تَتَأَكَّدُ تَأَكُّدَ وَلِيمَةِ النِّكَاحِ .
وَقَال الْحَنَابِلَةُ : فِعْل الدَّعَوَاتِ ، لِغَيْرِ وَلِيمَةِ الْعُرْسِ : مُبَاحٌ، فَلاَ يُكْرَهُ وَلاَ يُسْتَحَبُّ.

واخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي حُكْمِ إِجَابَةِ الدَّعْوَةِ لِلْوَكِيرَةِ :
فَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ فِي الْمَذْهَبِ وَالْحَنَابِلَةُ إِلَى أَنَّ إِجَابَةَ الدَّعْوَةِ لِلْوَكِيرَةِ غَيْرُ وَاجِبَةٍ، فَهِيَ سُنَّةٌ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ ، وَمُسْتَحَبَّةٌ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ .
وَذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ فِي قَوْلٍ إِلَى وُجُوبِ إِجَابَةِ الدَّعْوَةِ إِلَى الْوَكِيرَةِ وَسَائِرِ الْوَلاَئِمِ ، غَيْرَ وَلِيمَةِ الْعُرْسِ .
وَيَرَى الْمَالِكِيَّةُ فِي قَوْلٍ أَنَّ حُضُورَ الدَّعْوَةِ لِلْوَكِيرَةِ مَكْرُوهٌ ، وَفِي قَوْلٍ آخَرَ لَهُمْ أَنَّ حُضُورَ الدَّعْوَةِ لِلْوَكِيرَةِ مُبَاحٌ .
كما ذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ : الْحَنَفِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ فِي أَصَحِّ الْوَجْهَيْنِ ، وَالْحَنَابِلَةُ : إِلَى أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ لِمَنْ حَضَرَ طَعَامَ الْوَكِيرَةِ ، وَقَدْ دُعِيَ إِلَيْهِ : أَكْلُهُ مِنْهُ ، إِنْ كَانَ غَيْرَ صَائِمٍ ” انتهى باختصار .

ثانيا :
الوكيرة : طعام ، وصنيعة تصنع للناس .
قال المرداوي رحمه الله في ” الإنصاف ” : ” الْأَطْعِمَةُ الَّتِي يُدْعَى إلَيْهَا النَّاسُ عَشَرَةٌ : الْأَوَّلُ: الْوَلِيمَةُ ، وَهِيَ طَعَامُ الْعُرْسِ … الْخَامِسُ : الْوَكِيرَةُ، لِدَعْوَةِ الْبِنَاءِ…” .
انتهى من “الإنصاف” (8/316) .
وقال ابن القيم رحمه الله :
” الْأَطْعِمَة الْمُعْتَادَة الَّتِي تجْرِي مجْرى الشكران كلهَا سَبِيلهَا الطَّبْخ ، وَلها أَسمَاء مُتعَدِّدَة : 1 _ فالقرى طَعَام الضيفان 2 _ والمأدبة طَعَام الدعْوَة 3 _ والتحفة طَعَام الزائر 4 _ والوليمة طَعَام الْعرس 5 _ والخرس طَعَام الْولادَة 6 _ والعقيقة الذّبْح عَنهُ يَوْم حلق رَأسه فِي السَّابِع 7 _ والغديرة طَعَام الْخِتَان 8 _ والوضيمة طَعَام المأتم 9 _ والنقيعة طَعَام القادم من سَفَره 10 _ والوكيرة طَعَام الْفَرَاغ من الْبناء .
فَكَانَ الْإِطْعَام عِنْد هَذِه الْأَشْيَاء أحسن من تَفْرِيق اللَّحْم ” .
انتهى من ” تحفة المودود ” (ص 76) .

ثالثا :
تجوز الوكيرة ، وغيرها من صنائع الطعام ، باللحم وبغيره مما تيسر له ، ولا ينبغي أن يشق على نفسه فيه ، وإن كان طبخ اللحم أفضل من غيره عند القدرة عليه .
روى البخاري (4213) أنس رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قال : ” أَقَامَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَ خَيْبَرَ ، وَالمَدِينَةِ ثَلاَثَ لَيَالٍ يُبْنَى عَلَيْهِ بِصَفِيَّةَ ، فَدَعَوْتُ المُسْلِمِينَ إِلَى وَلِيمَتِهِ ، وَمَا كَانَ فِيهَا مِنْ خُبْزٍ وَلاَ لَحْمٍ ، وَمَا كَانَ فِيهَا إِلَّا أَنْ أَمَرَ بِلاَلًا بِالأَنْطَاعِ فَبُسِطَتْ ، فَأَلْقَى عَلَيْهَا التَّمْرَ وَالأَقِطَ وَالسَّمْنَ ” .
فإذا جازت وليمة العرس بغير اللحم ، وهي آكد الولائم ، فلأن يجوز غيرها من صنائع الطعام ، بغير اللحم : أولى .

رابعا :
وأما وقت الوكيرة : فالأمر فيه واسع ، إلا أن العادة جرت بذلك بعد الفراغ من البناء والانتقال إليه .
وقال ابن دريد رحمه الله في ” الجمهرة ” (2/ 800) :
” التوكير: أَن يدعوَ الناسَ إِلَى طَعَام يتّخذه ، إِذا فرغ من بِنَاء بَيته أَو دَاره ” .
وقال الغزولي رحمه الله في “مطالع البدور” (ص 161) :
” الوكيرة طعام البناء ، كان الرجل إذا فرغ من بنائه يطعم أصحابه ” انتهى .
وقال علماء اللجنة :
” إن كان القصد من الذبح إكرام الجيران الجدد ، والتعرف عليهم ، وشكر الله على ما أنعم به من السكن الجديد ، وإكرام الأقارب والأصدقاء بهذه المناسبة ، وتعريفهم بهذا المسكن : فهذا خير يُحمد عليه فاعله ، لكن ذلك إنما يكون عادة بعد نزول أهل البيت فيه ، لا قبل ” انتهى من ” فتاوى اللجنة الدائمة ” ( 1 / 214 ) .

خامسا :
وأما حكمة هذه الصنائع من الطعام فهي إشاعة السرور بما تجدد من نعمة الله على صاحبها .
جاء في ” الموسوعة الفقهية ” (45/118) :
” الْحِكْمَةُ فِي الإْجَابَةِ إِلَى الدَّعْوَةِ لِلْوَكِيرَةِ عِنْدَ مَنْ يَقُول بِمَشْرُوعِيَّتِهَا إِدْخَال السُّرُورِ عَلَى الْمُؤْمِنِ الدَّاعِي ، وَجَبْرُ قَلْبِهِ ، وَتَطْيِيبُ خَاطِرِهِ .
وَيَنْبَغِي ـ كَمَا نَقَل الرَّمْلِيُّ عَنِ الْغَزَالِيِّ ـ أَنْ يَقْصِدَ الْمَدْعُوُّ بِإِجَابَتِهِ الاِقْتِدَاءَ بِالسُّنَّةِ حَتَّى يُثَابَ ، وَزِيَارَةَ أَخِيهِ وَإِكْرَامِهِ حَتَّى يَكُونَ مِنَ الْمُتَحَابِّينَ الْمُتَزَاوِرِينَ فِي اللَّهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى ، أَوْ صِيَانَةَ نَفْسِهِ عَنْ أَنْ يُظَنَّ بِهِ كِبْرٌ أَوِ احْتِقَارُ مُسْلِمٍ ” انتهى .
راجع للاستزادة جواب السؤال رقم : (89705) .

والله تعالى أعلم .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر

موقع الإسلام سؤال وجواب

answer

موضوعات ذات صلة

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android