0 / 0

زوجها يهجرها ولا يتحدث معها ويرفض تطليقها وتجد نفسها عاجزة عن مخالعته

السؤال: 202694

اعتنقت الإسلام ، وتزوجت منذ ثمان سنين برجل مسلم أصالة ، ولم أنجب ، وبعد بضع سنين تغير كل شيء إذ توقف عن الحديث معي ورعايتي فتدهورت صحتي النفسية والجسدية ، كل هذا وأنا ادعو الله بصبر بأن يصلح الحال ، لكن الأمور ازدادت سوءاً يوماً بعد يوم ، رغم أننا نعيش في نفس المنزل ، ورغم اختلاف وجهات النظر بيني وبينه عن كيفية العيش إلا إنني حاولت التأقلم معه ، وعلى ما يبدو أن هذا لم يرق له أيضاً ، فقد أجبرني على مغادرة البيت فلم أنصت له ، لأنه لا يوجد لدي مكان آخر ألجأ إليه ، وبعد سنوات من الصبر والعناء والألم أدركت أن لا سبيل إلى صلاح هذه العلاقة الزوجية فطلبت منه الطلاق شرطاً في المغادرة فرفض ، وأهانني وأحال حياتي إلى جحيم ، فقلت في نفسي سأعطيه فرصة أخيرة ، فمكثت زهاء ستة أشهر أخرى لم يكن ينبس فيها ببنت كلمة طوال الوقت، عندها أدركت أنه لا بد من المغادرة ، فتوجهت الى بيت أمي الغير مسلمة والتي لحسن الحظ لا تتدخل في تديني ولا تعارض إسلامي .
وهناك حاولت التواصل مع المسلمين في الحي رغم قلتهم علّ واحداً منهم يتدخل في فض النزاع بيني وبين زوجي ، أو علّه يساعدني في الحصول على الطلاق ، لكن دون جدوى ، وأدركت أن الأمر كله لله فلعل في باطن هذه البلايا خيراً لا أعلمه ، ورغم كل هذا ما زلت أسأل نفسي: هل انأ آثمة في كل هذا وفي البقاء بعيداً عن زوجي ؟ لقد تأثر إيماني كثيراً وانخفض ، وفقدت الثقة في الناس من حولي ، وتدهورت صحتي ، ولم يعد هناك إلا الذكريات السيئة ، لكن أحمد الله على كل شيء ، وعلى أن أخرجني من ذلك الجحيم ، والآن يطلب مني العودة بعد أن ضغط عليه المجتمع من حوله ، والحق أني لم أعد أرغب بالعودة إليه أو العيش معه على تلك الصورة ، في الوقت ذاته أجدني عاجزة عن مخالعته .
فما العمل في كل هذا ؟ وهل علي ذنب في العيش معلقة هكذا ؟

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

أمر الله سبحانه الأزواج أن يعاشروا زوجاتهم بالمعروف فقال تعالى ( وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ ) النساء/19 .
قال ابن كثير رحمه الله : ” أي : طيِّبُوا أقوالكم لهن ، وحَسّنُوا أفعالكم وهيئاتكم بحسب قدرتكم ، كما تحب ذلك منها ، فافعل أنت بها مثله ، كما قال تعالى : ( وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ ) وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( خَيْرُكُمْ خَيْرُكُمْ لأهْلِهِ ، وأنا خَيْرُكُم لأهْلي ) وكان من أخلاقه صلى الله عليه وسلم أنه جَمِيل العِشْرَة ، دائم البِشْرِ ، يُداعِبُ أهلَه ، ويَتَلَطَّفُ بهم ، ويُوسِّعُهُم نَفَقَته ، ويُضاحِك نساءَه ، حتى إنه كان يسابق عائشة أم المؤمنين يَتَوَدَّدُ إليها بذلك ، ويجتمع نساؤه كل ليلة في بيت التي يبيت عندها رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فيأكل معهن العشاء في بعض الأحيان ، ثم تنصرف كل واحدة إلى منزلها ” انتهى من ” تفسير ابن كثير” (2 /242) .
وقال تعالى : ( وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ ) البقرة/ 228 .أي : “ولهن على الرجال من الحق ، مثل ما للرجال عليهن ، فلْيؤد كل واحد منهما إلى الآخر ما يجب عليه بالمعروف ” .
انتهى من “تفسير ابن كثير” (1 /609) .
ولا شك أن هجر الزوجة ، وترك الحديث معها دون سبب معتبر : ليس من المعاشرة بالمعروف ، بل هو إضرار كبير بها كما نص على ذلك أهل العلم .
جاء في ” التاج والإكليل لمختصر خليل ” (5 / 265) :” إذَا قَطَعَ الرَّجُلُ كَلَامَهُ عَنْ زَوْجَتِهِ ، أَوْ حَوَّلَ وَجْهَهُ عَنْهَا فِي فِرَاشِهَا : فَذَلِكَ مِنْ الضَّرَرِ بِهَا ” انتهى.
وفي ” مواهب الجليل في شرح مختصر خليل ” (4 / 17) : ” مِنْ الضَّرَرِ قَطْعُ كَلَامِهِ عَنْهَا ، وَتَحْوِيلُ وَجْهِهِ فِي الْفِرَاشِ عَنْهَا ، وَإِيثَارُ امْرَأَةٍ عَلَيْهَا ، وَضَرْبُهَا ضَرْبًا مُؤْلِمًا ” انتهى.
ومع تقديرنا لكل ما مررت به من المعاناة ، فإن من رأينا ، ونصيحتنا لك : أن تعطي زوجك فرصة أخيرة , خصوصا بعدما دعاك إلى الرجوع إلى بيته , فالظروف المعقدة من حولك تدعونا لنكون أكثر احتمالا وتصبرا ، وتفكيرا في الأمر بمنطق يرى جوانب الصورة كلها ؛ فإن استقامت أحواله ، وأحسن معاملتك ومعاشرتك : فهذا هو المطلوب ، والحمد لله ، وإن استمر على ما هو عليه من الهجر والإساءة ، فمن حقك ـ حينئذ ـ طلب الطلاق منه , وأنت قد أعذرت من نفسك .
فإن أصر على عدم الطلاق ، فلم يبق أمامك حينئذ إلا اللجوء إلى القضاء الشرعي إن وجد , وإن لم يوجد فعليك أن تختلعي منه ، وحسابه عند ربه , وقد قال رب العالمين ، سبحانه وتعالى ( وَيَوْمَ يُرْجَعُونَ إِلَيْهِ فَيُنَبِّئُهُمْ بِمَا عَمِلُوا وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ) النور/ 64.
وفي أثناء تلك المعاناة : فليس أنفع لك من دوام ذكر الله تعالى ، وتلاوة كتابه ، مع الحرص على ما أمرك الله به من الصلوات ، وسائر الطاعات ، وقد قال الله تعالى : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ ) البقرة/153
والله أعلم.

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر

موقع الإسلام سؤال وجواب

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android