0 / 0
11,51514/12/2013

حكم تمويل البنوك لشراء العقارات , واشتراط البائع منفعة في المبيع

السؤال: 202495

أريد شراء عمارة والتي هي ملك لأخي، قيمة العمارة ٣٣٠٠٠٠٠ريال سعودي ، البنك سيدفع مبلغ ٢٣٠٠٠٠٠، وسيتبقى من قيمة العمارة مليون ريال ، وافق أخي على أن يأخذ هذا المبلغ من إيجار العمارة بحيث يتم سدادها خلال عشرة سنوات بالتقسيط ، ولكن اشترط علي أنه في خلال العشر سنوات يسكن في العمارة بدون إيجار .
فهل البيع صحيح وخالي من الربا ؟

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

أولا :
لم توضح لنا أيها السائل الكريم الصفة التي سيدخل بها البنك لشراء هذا البيت , وعلى كل حال فالغالب أن شراء البيوت عن طريق البنوك له صورتان:
الأولى :
أن يكون دور البنك هو مجرد التمويل ، فيدفع المال للعميل أو نيابةً عنه ، على أن يسترده مقسطا بزيادة ، وهذا قرض ربوي محرم .
الثانية :
أن يشتري البنك العقار ، ثم يبيعه للعميل ، وهذا جائز بشروط سبق بيانها بالتفصيل وذكر كلام أهل العلم في الفتوى رقم : (140603) .
ولكن الظاهر من سؤالك أن الصورة التي سيتم التعامل بها من الصورة المحظورة ؛ لأنه من الواضح أن البنك لن يشتري العقار ، بل سيدفع جزءا منه على أن يسترده بالتقسيط , والمعهود في مثل ذلك أنه لن يسترده إلا بفائدة ، وهذا هو عين الربا المحرم .

ثانيا:
أما اشتراط أخيك عليك في عقد البيع أن يسكن في الدار مدة معينة ، معلومة ، دون أن يدفع أجرة , فهذا مما اختلف فيه أهل العلم , فرجح الشافعية ومن وافقهم عدم الجواز , جاء في ” البيان في مذهب الإمام الشافعي ” (5 / 136): “وإن اشترى دارًا ، واشترط سكناها شهرًا، أو عبدًا، واستثنى خدمته مدة معلومة ، أو جملا، واشترط أن يركبه إلى موضع معين .. فالبغداديون من أصحابنا قالوا: لا يصح البيع ، وجهًا واحدًا .
وحكى المسعودي في ” الإبانة “: أنها على وجهين :
أحدهما : يصح الشرط والبيع ، وبه قال أحمد، وإسحاق ، والأوزاعي؛ لما روى جابرٌ – رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ – قال:” بعت من النبي – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – بعيرًا، واشترطت عليه ظهره إلى المدينة ” . وروي: ” أن عثمان باع دارًا واشترط سُكناها شهرًا ” .
والثاني : لا يصح البيع ، وهو الصحيح؛ لما روي: ” أن النبي – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – نهى عن بيع وشرط ” . ولأنه شرط لم يبن على التغليب، ولا هو من مصلحة العقد ، ولا من مقتضاه ، فلم يصح ، كما لو شرط أن لا يسلمه المبيع ” انتهى.

ورجح الحنابلة ومن وافقهم الجواز , جاء في ” المغني ” لابن قدامة (4 / 73): ” ويصح أن يشترط البائع نفع المبيع مدة معلومة ، مثل أن يبيع دارا ، ويستثني سكناها شهرا ، أو جملا، ويشترط ظهره إلى مكان معلوم ، أو عبدا ، ويستثني خدمته سنة ، نصَّ على هذا أحمد ، وهو قول الأوزاعي ، وإسحاق ، وأبي ثور ، وابن المنذر ، وقال الشافعي، وأصحاب الرأي: لا يصح الشرط؛ ” لنهي النبي – صلى الله عليه وسلم – عن بيع وشرط ” ، ولأنه ينافي مقتضى البيع، فأشبه ما لو شرط أن لا يسلمه ” انتهى.

والراجح من هذين القولين قول من قال بالجواز , قال ابن قدامة مرجحا الجواز : “ولنا، ما روى جابر: ” أنه باع النبي – صلى الله عليه وسلم – جملا، واشترط ظهره إلى المدينة” . وفي لفظ قال: ” فبعته بأوقية ، واستثنيت حملانه إلى أهلي “. متفق عليه ، وفي لفظ ” قال: فبعته منه بخمس أواق ، قال: قلت: على أن لي ظهره إلى المدينة . قال: ( ولك ظهره إلى المدينة) ” . ورواه مسلم. ” ولأن النبي – صلى الله عليه وسلم -: نهى عن الثُّنْيا إلا أن تعلم” ، وهذه معلومة، ولأن المنفعة قد تقع مستثناة بالشرع على المشتري فيما إذا اشترى نخلة مؤبرة، أو أرضا مزروعة، أو دارا مؤجرة ، أو أمة مزوجة ؛ فجاز أن يستثنيها، كما لو اشترط البائع الثمرة قبل التأبير” انتهى من “المغني ” لابن قدامة (4 / 74).

وقال الشيخ ابن عثيمين – رحمه الله – ” ونحو أن يشترط البائع سكنى الدار شهراً أي: إذا اشترط البائع سكنى الدار شهراً، فإن هذا شرط صحيح وقوله: الدار أل فيها للعهد الذهني، أي: الدار المبيعة شهراً. مثاله : أن يقول: بعتك داري هذه بمائة ألف درهم، على أن أسكنها لمدة شهر، فيصح البيع ، ويصح الشرط ، والدليل على ذلك عام وخاص .
أما العام فقوله صلّى الله عليه وسلّم: ( كل شرط ليس في كتاب الله فهو باطل) ، وقوله: )المسلمون على شروطهم إلا شرطاً أحل حراماً أو حرم حلالاً )
أما الخاص: فدليله أن النبي صلّى الله عليه وسلّم اشترى من جابر بن عبد الله ـ رضي الله عنهما ـ جملاً اشترط جابر حُملانه إلى المدينة ، فوافقه النبي صلّى الله عليه وسلّم على ذلك ، وهذا نفع معلوم في المبيع ، فهو كسُكنى الدار شهراً”.
انتهى من الشرح الممتع على زاد المستقنع (8 / 231, 232).

وقال الشيخ الفوزان :” النوع الثاني من الشروط الصحيحة في البيع : أن يشترط أحد المتعاقدين على الآخر بذل منفعة مباحة في المبيع ؛ كأن يشترط البائع سكنى الدار المبيعة مدة معينة ، أو أن يحمل على الدابة أو السيارة المبيعة إلى موضع معين ؛ لما روى جابر: ” أن النبي صلى الله عليه وسلم باع جملاً واشترط ظهره إلى المدنية “، متفق عليه ؛ فالحديث يدل على جواز بيع الدابة مع استثناء ركوبها إلى موضع معين ، ويقاس عليها غيرها” .
انتهى من الملخص الفقهي (2 / 18).

والله أعلم.

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر

موقع الإسلام سؤال وجواب

answer

موضوعات ذات صلة

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android