لا ندري عن دقة المعلومات التي ذكرتها حول النظارات وعلاج النظر وطريقته ، ولكن لو فرضنا صواب ما ذكرته ، فإن هذا لا يقتضي التحريم ، سواء في وصف النظارات للناس ودلالتهم عليها ، أو في العمل بهذا المجال .
وذلك لأن الضرر المقتضي للتحريم في الشريعة يشترط فيه :
1- أن يكون محقق الوقوع أو غالباً .
قال العز بن عبد السلام : " لَا يَجُوزُ تَعْطِيلُ الْمَصَالِحِ الْغَالِبَةِ ، لِوُقُوعِ الْمَفَاسِدِ النَّادِرَةِ ".
انتهى من "قواعد الأحكام" (1/100).
وقال القاضي عياض : " مَا لَا يَسْتَلْزِمُ الضَّرَرَ إلَّا نَادِرًا : لَا يَحْرُمُ الْإِقْدَامُ عَلَيْهِ ؛ لِغَلَبَةِ السَّلَامَةِ ؛ بِخِلَافِ مَا اسْتَلْزَمَهُ غَالِبًا ، فَإِنَّ الْإِقْدَامَ عَلَيْهِ مُمْتَنِعٌ ؛ لأَنَّ الشَّرْعَ أَقَامَ الظَّنَّ مَقَامَ الْعِلْمِ فِي أَكْثَرِ الْأَحْكَامِ " انْتَهَى ، نقله عنه في "مواهب الجليل" (1/ 79) .
2- أن يكون ضرراً بيناً واضحاً ، بحيث يترتب عليه هلاك الإنسان ، أو تلف عضو من أعضائه ، أو تعطل منفعته ، ونحو ذلك .
أما الضرر الموهوم ، أو الضرر اليسير الذي يشق الاحتراز عنه ، أو يحتمله الناس عادة ، فلا اعتبار به .
والذي يظهر أن الضرر الذي في "النظارات" من هذا القبيل ، فإن عامة الناس يستعملون النظارات منذ أزمنة طويلة ، ولم يظهر أنها تسبب لهم ضررا بيناً ! قد يكون هناك شيء من الضرر الذي ذكرته ، لكنه ليس ضرراً مفضياً للتحريم .
وبما أنك ترى أن الطريقة الطبيعية هي الأجدى في علاج العيون : فمن الممكن أن تشرح للمريض ذلك وتبين له فوائد هذه الطريقة ، وسلبيات النظارات ، فإن طلب بعدها النظارات ، أو وصفتها له ابتداءً ، فلا حرج عليك في ذلك ، إن شاء الله .
والله أعلم .