0 / 0

مسألة في الميراث , وحكم عقد الإجارة إذا مات أحد العاقدين

السؤال: 192073

لدي ثلاثة أعمام ، وثلاث عمات : أبي واثنان من أعمامي وجدتي يسكنون في عمارة جدي رحمه الله من 10 سنوات ، كل واحد له شقة ، وجدتي لها شقة ، وواحد من أعمامي وعماتي الثلاثة متزوجات يسكنون في شقق خاصة بهم ، توفيت جدتي ، مع العلم أن لجدي عمارة ثانية مستأجرة .

فكيف يوزع الميراث بين أبي وأعمامي وعماتي ؟ وهل تباع العمارتان ؟

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

إذا كان الجد قد توفي وترك عمارتين , وترك من الورثة : زوجة وأولادا بعضهم من البنين والآخر من البنات , وعلى هذا فإن التركة تقسم هكذا:
أولا :
تستحق جدتك التي هي زوجة الميت ثُمُن التركة ؛ لوجود الفرع الوارث , قال تعالى : ( فَإِنْ كَانَ لَكُمْ وَلَدٌ فَلَهُنَّ الثُّمُنُ مِمَّا تَرَكْتُمْ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ تُوصُونَ بِهَا أَوْ دَيْنٍ ) النساء/ 12 .
ثانيا :
باقي التركة يستحقه أولاد الميت الذين هم أبوك وأعمامك وعماتك , فيقسم بينهم للذَّكَر مثل حظ الأنثيين ؛ لقول تعالى : ( يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ ) النساء/ من الآية 11 .
ثم ذكرت أن جدتك قد توفيت بعد ذلك , فإن كانت لم تأخذ نصيبها قبل موتها , كما هو الظاهر من السؤال ، وإنما كانت تسكن فقط في البيت , فحينئذ يخرج لها نصيبها كما لو كانت حية , ثم يوزع مع ممتلكاتها الأخرى على ورثتها الشرعيين .
فإن لم يكن لها ورثة سوى أبنائها المذكورين في سؤالك : والدك ، وأعمامك ، وعماتك ، ضم نصيبها ، وأموالها الأخرى إن كان لها ، مع تركة جدك ، وقسم الجميع على الورثة .
وتركة جدِّك التي تتمثل في هذين البيتين يتم تقسيمها على الورثة كل حسب نصيبه , ويتم ذلك بواسطة أهل الخبرة بالتقويم , ولا بد من مراعاة حال العقارات الموروثة من حيث الموقع والسعة والتميز وغير ذلك مما يؤثر على قيمة العقار وثمنه ، فلا يختص أحد من الورثة بمكان أكبر من غيره ، أو أحدث ، أو يقع في مكان أرقى من الآخر ، ونحو ذلك ، بل يجب العدل في كل شيء أثناء القسمة .
والبيت المؤجر يورث أيضا كما هو وينتقل نصيب كل واحد من الورثة إليه بحيث ينتفع بالأجرة إلى تمام مدة الإجارة ؛ لأن الراجح من أقوال أهل العلم أن عقد الإجارة لا ينتهي بموت العاقد بل ينتقل لورثته , جاء في ” شرح الزركشي على مختصر الخرقي ” (4 / 233) : ” وإذا مات المكري والمكتري أو أحدهما فالإجارة بحالها ولا انفساخ ؛ لأن الإجارة عقد لازم ، فلا تنفسخ بتلف العاقد مع سلامة المعقود عليه ” انتهى , وفي صحيح البخاري (3 / 94) : ” باب : إذا استأجر أرضا، فمات أحدهما , وقال ابن سيرين: ” ليس لأهله أن يخرجوه إلى تمام الأجل ” ، وقال الحكم ، والحسن ، وإياس بن معاوية : ” تمضى الإجارة إلى أجلها ” ، وقال ابن عمر: ” أعطى النبي صلى الله عليه وسلم خيبر بالشطر ” ، فكان ذلك على عهد النبي صلى الله عليه وسلم وأبي بكر، وصدرا من خلافة عمر ” ولم يذكر أن أبا بكر، وعمر جددا الإجارة بعدما قبض النبي صلى الله عليه وسلم ” انتهى .
فإن تنازع الورثة في شيء أثناء القسمة فعليهم أن يلجأوا للقضاء الشرعي , وقد سئل علماء اللجنة الدائمة عن كيفية تقسيم الدور والمنقولات الموروثة ؟ كالسيارات وآلة الحرفة ونحوهما عند التراضي وعند عدم التراضي بين الورثة ، فأجابوا : ” تقسم بينهم حسب الميراث الشرعي بواسطة أهل الخبرة بالتقويم ، وإن تراضوا بينهم في القسمة وهم راشدون فلا بأس ، وإن تنازعوا فمرد النزاع المحكمة الشرعية ” انتهى من الفتوى رقم : (5177) , من” فتاوى اللجنة الدائمة ” .
وإن رفض بعض الورثة التقسيم ، جاز للباقين اللجوء إلى القاضي الشرعي ليلزمه بالقسمة , جاء في ” الموسوعة الفقهية الكويتية ” (33 / 215) : ” الشركاء قد يرغبون جميعا في قسمة المال المشترك ، أو يرغب بعضهم ويوافق الباقون على أصل القسمة وعلى كيفية تنفيذها ، فلا تكون بهم حاجة إلى اللجوء إلى القضاء ، وتسمى القسمة حينئذ قسمة تراض , وقد يرغب واحد أو أكثر ويأبى غيره ، فإذا لجأ الراغب إلى القضاء، فإن القاضي يتولى قسمة المال وفق الأصول المقررة شرعا ، وتكون القسمة حينئذ قسمة إجبار ، فقسمة التراضي: هي التي تكون باتفاق الشركاء ، وقسمة الإجبار: هي التي تكون بواسطة القضاء ، لعدم اتفاق الشركاء” انتهى.
أما سؤالك عن بيع هاتين العمارتين فهذا ليس بشرط في التقسيم ؛ لأنه يمكن تقسيمهما على الورثة بحيث ينتفع كل وارث بنصيبه , وهذا بخلاف الشيء اليسير الذي لا يمكن تقسيمه , أو يمكن تقسيمه ولكنه إذا قسم لم يقدر كل فرد على الانتفاع بحظه منه فإنه حينئذ يباع ويقسم ثمنه , قال شيخ الإسلام رحمه الله : ” كَلُّ مَا لَا يُمْكِنُ قَسْمُهُ : فَإِنَّهُ يُبَاعُ وَيُقْسَمُ ثَمَنُهُ إذَا طَلَبَ أَحَدُ الشُّرَكَاءِ ذَلِكَ ؛ وَيُجْبَرُ الْمُمْتَنِعُ عَلَى الْبَيْعِ ، وَحَكَى بَعْضُ الْمَالِكِيَّةِ ذَلِكَ إجْمَاعًا ” .
انتهى من “مجموع الفتاوى” (28 /96) .
وخلاصة الأمر في قسمة هذه التركة :
أولا : أن يعرف كل وراث نصيبه ، بحسب القسمة الشرعية .
ثانيا : أن يتم تعديل نصيب كل واحد ، وتعديل القسمة بينهم ، مع الاستعانة بأهل الخبرة في التقويم ، ويأخذ كل وارث نصيبه ، مع ما له أو عليه من حقوق الآخرين ، إذا كان ذلك ممكنا .
ثالثا : أن تباع العمارتان ، ويحصل كل وارث على نصيبه من الثمن ، بحسب القسمة الشرعية .
رابعا : أن يبقى الحال في العمارتين على ما هو عليه ، مع تقدير ما تستحقه كل شقة من التي يسكنها بعض الورثة من الأجرة ، بحسب سعر السوق في مكانكم ، ثم يضم ذلك إلى إيجار العمارة الأخرى ، ويعاد تقسيم المحصول كله على الورثة الشرعيين .
والله أعلم .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر

موقع الإسلام سؤال وجواب

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android