0 / 0
9,02721/01/2013

ترك المصحف ليحترق في منزله ، ويتهم الجاني بذلك ؟

السؤال: 191311

مجموعة أشخاص قاموا بحرق بيت ، وفي البيت بعض نسخ القرآن ، وما علموا بالقرآن ، ولكن صاحب البيت أخرج بعض أوراق ومواد مهمة بالنسبة إليه ، وترك القرآن ليحترق ، وفعل هذا حتى يتهم الأشخاص بالكفر ، فيعيبوهم بذلك .
فهل هذا الرجل آثم بذلك ؟ وهل هذا من باب إحراق القرآن بنفسه ؟

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

أولا :
إلقاء المصحف في النجس أو القذر ، أو إحراقه امتهانا واستخفافا بحرمته : كفر باتفاق أهل العلم .
جاء في “الموسوعة الفقهية” (2/ 123) :
” الْمُصْحَفَ الصَّالِحَ لِلْقِرَاءَةِ لاَ يُحْرَقُ، لِحُرْمَتِهِ ، وَإِذَا أُحْرِقَ امْتِهَانًا يَكُونُ كُفْرًا عِنْدَ جَمِيعِ الْفُقَهَاءِ .
أَمَّا كُتُبُ الْحَدِيثِ وَالْفِقْهِ وَغَيْرِهَا فَقَال الْمَالِكِيَّةُ : إِنْ كَانَ عَلَى وَجْهِ الاِسْتِخْفَافِ فَإِحْرَاقُهَا كُفْرٌ مِثْل الْقُرْآنِ ، وَأَيْضًا أَسْمَاءُ اللَّهِ وَأَسْمَاءُ الأْنْبِيَاءِ الْمَقْرُونَةِ بِمَا يَدُل عَلَى ذَلِكَ مِثْل : ” عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ ” لاَ مُطْلَقُ الأْسْمَاءِ ” انتهى .
وقال الشيخ ابن باز رحمه الله :
” إذا حرقه كارها له ، سابا له ، مبغضا له ، فهذا منكر عظيم وردة عن الإسلام ، وهكذا لو قعد عليه ، أو وطئ عليه برجله إهانة له ، أو لطخه بالنجاسة ، أو سبه وسب من تكلم به، فهذا كفر أكبر وردة عن الإسلام والعياذ بالله ” انتهى من “فتاوى نور على الدرب” (ص 85) .

ثانياً:
ترك المصحف في القذر ، أو تركه ليحترق ، مع القدرة على صيانته من ذلك : محرم ، لا شك في تحريمه ؛ بل حكمه في ذلك حكم من فعله ؛ لأنه مأمور بصيانته وإكرامه ، ولم يفعل ، مع القدرة عليه .
جاء في “شرح الدردير على مختصر خليل” :
” (بَابٌ فِي الرِّدَّةِ وَأَحْكَامِهَا) (الرِّدَّةُ كُفْرُ الْمُسْلِمِ) … (بِصَرِيحٍ) مِنْ الْقَوْلِ … (أَوْ فِعْلٍ يَتَضَمَّنُهُ) ؛ أَيْ : يَقْتَضِي الْكُفْرَ وَيَسْتَلْزِمُهُ اسْتِلْزَامًا بَيِّنًا ؛ (كَإِلْقَاءِ مُصْحَفٍ بِقَذَرٍ) ، وَلَوْ طَاهِرًا كَبُصَاقٍ أَوْ تَلْطِيخِهِ بِهِ …
وَمِثْلُ ذَلِكَ تَرْكُهُ بِهِ ؛ أَيْ : عَدَمُ رَفْعِهِ إنْ وَجَدَهُ بِهِ ؛ لِأَنَّ الدَّوَامَ كَالِابْتِدَاءِ ، فَأَرَادَ بِالْفِعْلِ مَا يَشْمَلُ التَّرْكَ .. ” .
” وَمِثْلُ هَذَا مَنْ رَأَى وَرَقَةٌ مَكْتُوبَةٌ مَطْرُوحَةٌ فِي الطَّرِيقِ وَلَمْ يَعْلَمْ مَا كُتِبَ فِيهَا فَإِنَّهُ يَحْرُمُ عَلَيْهِ تَرْكُهَا مَطْرُوحَةً فِي الطَّرِيقِ لِتُوطَأَ بِالْأَقْدَامِ ، وَأَمَّا إنْ عَلِمَ أَنَّ فِيهَا آيَةً أَوْ حَدِيثًا وَتَرَكَهَا كَانَ ذَلِكَ رِدَّةً ” .
وقال الدسوقي في حاشيته على الموضع السابق :
” أَيْ مِثْلِ إلْقَاءِ الْمُصْحَفِ فِي الْقَذَرِ فِي كَوْنِهِ رِدَّةً تَرَكَهُ أَيْ الْمُصْحَفَ بِهِ أَيْ بِالْقَذَرِ (قَوْلُهُ : إنْ وَجَدَهُ بِهِ) أَيْ وَحِينَئِذٍ فَيَجِبُ وَلَوْ عَلَى الْجُنُبِ رَفْعُهُ مِنْهُ ” .
انتهى من “الدردير وحاشية الدسوقي” (4/301) .

وقال الشيخ عليش ـ في كتابة البسملة على الأرض ، للتعليم : ” وَلِأَنَّهُ يُؤَدِّي لِنِسْيَانِهِ فَيُوطَأُ بِالْأَقْدَامِ وَالنِّعَالِ وَتُلْقَى عَلَيْهِ النَّجَاسَةُ وَالْقَذَرُ وَلِكِتَابَةِ الصِّبْيَانِ ذَلِكَ عَلَى الْأَرْضِ النَّجِسَةِ وَتَرْكِهِ فَيُوطَأُ وَوَسِيلَةُ الْحَرَامِ مُحَرَّمَةٌ ” (5/295) شاملة .
ثالثا :
إذا ظهر من حال هذا التارك عدم قصد الامتهان والاستخفاف بالمصحف ، إنما فعله لغرض آخر ، كالذي ذكر في السؤال من قصده الكيد لغيره ، أو الانتقام منه ؛ فمع تحريم حرق المصحف ، إلا لمن قصد صونه عن الامتهان ، فإن من فعل ذلك لا يكفر به .
قال الدردير ، بعد الموضع السابق :
” وَحَرْقُ مَا ذُكِرَ إنْ كَانَ عَلَى وَجْهِ الِاسْتِخْفَافِ فَكَذَلِكَ ، وَإِنْ كَانَ عَلَى وَجْهِ صِيَانَتِهِ فَلَا ضَرَرَ بَلْ رُبَّمَا وَجَبَ وَكَذَا كُتُبُ الْفِقْهِ إنْ كَانَ عَلَى وَجْهِ الِاسْتِخْفَافِ بِالشَّرِيعَةِ فَكَذَلِكَ وَإِلَّا فَلَا ” .

وجاء في “الموسوعة الفقهية” (2/ 123) :
” قَال الشَّافِعِيَّةُ: الْخَشَبَةُ الْمَنْقُوشُ عَلَيْهَا قُرْآنٌ فِي حَرْقِهَا أَرْبَعَةُ أَحْوَالٍ : يُكْرَهُ حَرْقُهَا لِحَاجَةِ الطَّبْخِ مَثَلاً ، وَإِنْ قُصِدَ بِحَرْقِهَا إِحْرَازُهَا لَمْ يُكْرَهْ ، وَإِنْ لَمْ يَكُنِ الْحَرْقُ لِحَاجَةٍ ، وَإِنَّمَا فَعَلَهُ عَبَثًا فَيَحْرُمُ ، وَإِنْ قَصَدَ الاِمْتِهَانَ فَظَاهِرٌ أَنَّهُ يَكْفُرُ ” انتهى .

والخلاصة : أن الظاهر من حال هذا الذي ترك المصحف ليحترق ، ويظهر شناعة فعل هذا المعتدي ، الظاهر من حاله أنه لا يكفر بمجرد ذلك ، وإن كان وقع في أمر محرم منكر .

والله تعالى أعلم .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر

موقع الإسلام سؤال وجواب

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android