0 / 0
110,29605/02/2013

مسائل في الطلاق المعلق ، واختلاف الفتوى في وقوعه

السؤال: 191258

أولا : أنا متزوجة منذ ثمان سنوات ، وابتليت بزوج كثير الحلف بالطلاق – الطلاق المعلق – في السنوات الأولى من زواجنا .
وكنت في بادئ الأمر أستفتي العديد من المشايخ والعلماء لقلقي على حياتي معه هل هي حلال أم حرام ؟ ، وليطمئن قلبي للفتوى .
وهناك من أفتاني بوقوع الطلاق ، وهناك من أفتاني بعدم وقوعه ؛ لأني كنت أسال زوجي عن نيته فيخبرني أنه التأديب والتهديد .
حتى إني سألت الموقع مرتين عن بعض ألفاظه التي قالها لي .
وبعد قراءتي ومعرفتي أن الطلاق المعلق لا يحسب طلاقا وأنه رأي الإمام ابن تيمية وابن القيم ، وقرأت ذلك في كتاب ” زاد المعاد ” ، ولما قال بذلك وأفتى به الشيخان ابن عثيمين وابن باز فاطمئن قلبي وأخذت بالقول أن الطلاق المعلق لا يقع .

فهل عليَّ إثم ؟ وهل اتبعت هوى نفسي ؟ وما موقفي من سؤالي للمشايخ ؟

وقد قرأت في موقعكم أن ألزم رأي من سألته أولاً ، وأنا لا أتذكر من سألته أولاً وبم أفتاني .

ثانياً: قال لي زوجي الطلاقَ الصريح في ثلاثة مواضع :
الأول : في أثناء حيضي .
والثاني : خرج منه اللفظ زلة لسان حتى إنه لم يدرك أنه قالها ، وأنا التي نبهته فهو كان في حالة مزاح شديد معي وخرج اللفظ دون قصد وأفتى زوجي شيخٌ أنه لا يقع .
الثالثة : ظل يردد مع نفسه ” طالق طالق طالق ” في طهر جامعني فيه وكان ذلك أثناء شجارنا معا .
أعلم أنى أخطأت في تنقلي بين المشايخ ، ولكن لم أعلم أنه يحرم عليَّ ذلك ، وأنا ما أخذت برأي عدم وقوع الطلاق المعلق إذا كان نيته التهديد إلا بعد قراءة كثيرة في موقعكم وفى كتب الفقه ، ولا أنكر أن هذا كان يصادف هوىً في قلبي فادعوا لي .

ثالثاً: هل يجوز أن أفتي نفسي في الطلاق المعلق ؛ لأن زوجي حلف أيمانا كثيرة معلقة حتى أصبحت لا أتذكرها ، ففي ساعة هدوء منه سألته عن نيته مجمعة وليس يمينا يمينا ؛ لأني لا أتذكرهم وقلت : لمَ تحلف بالطلاق ؟ قال : أريد تأديبك .

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

أولاً:
يجب على المسلم أن يضبط لسانه أن ينطلق في ترداد كلمة الطلاق ، ولم يشرع هذا الحكم للعبث واللعب به وبألفاظه ، وكم ترتب على التلفظ به من وقوع شقاق ونزاع وتفرق للأسرة وقد كان الزوج في سعة من أمره لكنه أبى إلا التضييق عليها .
ثم إن الطلاق يترتب عليه أحكام كثيرة ويجعل الزوجين في حيرة واضطراب ، فلا يدرون ما وقع من الطلاق وما لم يقع ، وهل العيش بينهما حلال أم حرام ؟ وهل أولادهم شرعيون أم لا ؟

ثانياً:
يجب على المسلم أن يلزم فتوى من يثق بدينه وعلمه ، ولا يتتبع فتاوى المشايخ يتقصد بها الرخص حتى تجيئه الفتوى الموافقة لهواه فيأخذ بها ؛ فإن هذا لا يجوز .
ولا يحرم عليه أن يسأل غير من سأله أولا ، إن كانت نفسه لم تطمئن بأن هذا حقا هو الراجح ، وهو الحكم الشرعي الذي يلزمه في هذه المسألة ، خاصة إذا كان له فهم في مسائل العلم ، أو يحسن الترجيح بين أقوال العلماء ، وفق أصوله العلمية .
ولا يحرم على المستفتي الأخذ بالقول الذي يوافق هواه إذا كان من أفتى به هم علماء ثقات في علمهم ودينهم عنده .
وقد قال الشيخ محمد الصالح العثيمين – رحمه الله – لسائل سأل غيره قبل أن يسأله – :
” لا ينبغي له أن يسأل مرة أخرى ؛ لأن الرجل إذا استفتى عالماً يثق بعلمه ودينه ويعتقد أن ما يقوله هو الحق ، فإنه لا يجوز أن يعدل إلى غيره ليطلب رأياً آخر مخالفاً له ؛ لأن هذا من باب التلاعب في دين الله سبحانه وتعالى وشريعته … .
فالذي أنصح هذا الرجل – وغيره من الناس – أنه إذا استفتى عالماً يثق بعلمه ودينه ، يعتقد أن ما يقوله في هذه المسألة هو الحق : فإنه لا يسأل غيره بعد ذلك ، ويعمل بما أفتاه به ؛ لأنه هو الحق في نظره ، إلا إذا سمع بدون استفتاء من أحد قولاً يخالف ما أفتي به ، ودلل عليه هذا القائل الذي قال القول المخالف ؛ فإنه حينئذ لا بأس أن يسأله ليناقشه ، فيقول ذكرت كذا واستدللت عليه ، وأنا قد أُفتيت بكذا فما هو جوابك ؟ لأن هذه المسائل من المسائل المهمة جدّاً التي نرى بعض الناس يستفتي عدة من العلماء ، إما لينظر إلى أسهلها وأقربها لهواه ، وإما ليضرب آراء أهل العلم بعضها ببعض ، وكل هذا من باب التلاعب ” .
انتهى من ” فتاوى نور على الدرب ” ( شريط رقم 25 ) .

ثالثاً:
أما الطلاق المعلق فإنه إن قصد به الطلاق نفسه وقع الطلاق ، وإن قصد به الحث أو المنع فإنه لا يقع كما هو معتمد في هذا الموقع وفي فتوى بعض أهل العلم .
وعلى هذا الطلاق المعلق الذي قصد به ذلك كفارة يمين ، كما ذكرناه في جواب السؤال رقم ( 82400 ) .

رابعاً:
وأما الطلاق في طهر جامعها فيه زوجها أو في فترة حيضها فإن الذي رجحناه في موقعنا هذا هو عدم وقوعه ، وانظري جوابي لسؤالين : (72417 ) ، ( 106328 ) .

خامساً:
والطلاق الذي يجري على لسان الزوج لا يقصد لفظه ، فضلا عن حكمه ، فإنه لا يقع .
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله – تفسير قوله تعالى ( لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا كَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ حَلِيمٌ ) البقرة/ 225 – :
من فوائد الآية : عدم مؤاخذة العبد بما لم يقصده في لفظه ، وهذه الفائدة قاعدة عظيمة يترتب عليها مسائل كثيرة ، منها : لو جرى لفظ الطلاق على لسانه بغير قصد لم تطلق امرأته ، ولو طلق في حال غضب شديد لم تطلق امرأته . ” تفسير سورة البقرة ” ( 3 / 93 ) .

سادساً:
والذي نراه – أخيراً – :
1. أن ما أفتي به الزوج من طلاق من قبل شيخ أو هيئة شرعية أنه لم يقع فهو كذلك .
2. ليست العبرة بما تراه الزوجة من أحكام تتعلق بالطلاق ، بل العبرة بما يراه الزوج إن كان طالب علم ، وإلا فاتبعوا فتوى من تثقون بعلمه ودينه .

والله أعلم .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر

موقع الإسلام سؤال وجواب

answer

موضوعات ذات صلة

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android