0 / 0
11,85215/05/2012

باع بيعاً محرماً من سنة فهل يلزمه رد البيع؟

السؤال: 184263

كنت في حاجة للمال ، وكان لي ذهب فبعته لأخي لأحصل على المال ، وفي هذا الوقت كان سعر الذهب ينخفض يوما بعد يوم ، ثم علمت بعد ذلك أن تأخير سداد الثمن الذهب عن وقت البيع ربا ، ولكني وقتها لم أكن أعلم هذا الحكم ، وقد بعت لأخي في يوم الأربعاء واستلمت منه النقود يوم الأحد ولكن بسعر يوم الأربعاء ، وبالطبع قد انخفض سعر الذهب عن يوم الأربعاء .
فماذا أفعل ؟ هل أعيد إلي أخي الزيادة التي أظن أنها ربا؟
علما بأن أخي قد باع الذهب هو الآخر ، أو تصرف فيه بعد فترة ، وكل هذا حدث منذ أكثر من سنة .

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

لا يجوز بيع الذهب مع تأجيل استلام ثمنه من النقود ، بل يجب استلام الثمن في مجلس العقد ؛ لقوله صلى الله عليه وسلم : (الذَّهَبُ بِالذَّهَبِ ، وَالْفِضَّةُ بِالْفِضَّةِ مِثْلًا بِمِثْلٍ ، سَوَاءً بِسَوَاءٍ ، يَدًا بِيَدٍ ، فَإِذَا اخْتَلَفَتْ هَذِهِ الْأَصْنَافُ فَبِيعُوا كَيْفَ شِئْتُمْ إِذَا كَانَ يَدًا بِيَدٍ) رواه مسلم (1587) .
قال ابن المنذر : ” أجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم على أن المتصارفين إذا افترقا قبل أن يتقابضا أن الصرف فاسد ” انتهى من “المغني” (4/192) ، وينظر جواب السؤال (127218) ، (22869) .
فالعقد الذي تم بينك وبين أخيك عقد فاسد ، والأصل في العقد الفاسد أن لا تثبت فيه الملكية ، بل يلزم البائع رد الثمن ، والمشتري رد السلعة ، إلا إذا تعذر الرد .
قال شيخ الإسلام : ” فأما المقبوض بعقد فاسد كالربا والميسر ونحوهما ، فهل يفيد الملك؟ على ثلاثة أقوال للفقهاء :
أحدها : أنه يفيد الملك ، وهو مذهب أبي حنيفة .
والثاني : لا يفيده ، وهو مذهب الشافعي وأحمد في المعروف من مذهبه .
والثالث : أنه إن فات أفاد الملك ، وأن أمكن رده إلى مالكه ولم يتغير في وصف ولا سعر لم يُفد الملك ، وهو المحكي عن مذهب مالك “. انتهى من ” مجموع الفتاوى ” (29 /327) .
والقول الثالث : هو ما اختاره شيخ الإسلام .
فإذا أمكن التراد بين المتعاقدين بعقد فاسد وجب ذلك ؛ لما رواه مسلم (1594) عَنْ أَبِي سَعِيدٍ رضي الله عنه قَالَ : أُتِيَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِتَمْرٍ ، فَقَالَ : مَا هَذَا التَّمْرُ مِنْ تَمْرِنَا .
فَقَالَ الرَّجُلُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، بِعْنَا تَمْرَنَا صَاعَيْنِ بِصَاعٍ مِنْ هَذَا .
فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : (هَذَا الرِّبَا فَرُدُّوهُ ، ثُمَّ بِيعُوا تَمْرَنَا وَاشْتَرُوا لَنَا مِنْ هَذَا) .
قال النووي : “هَذَا دَلِيل عَلَى أَنَّ الْمَقْبُوض بِبَيْعٍ فَاسِد يَجِب رَدّه عَلَى بَائِعه , وَإِذَا رَدَّهُ اِسْتَرَدَّ الثَّمَن” انتهى من “شرح صحيح مسلم” (11/22) .
وقال الشيخ عبد الرحمن السعدي : ” إذا أمكن المتعاقدين ترجيع المقبوض بعقد فاسد والرجوع إلى الصحة وجب ذلك “. انتهى من ” الأجوبة النافعة عن المسائل الواقعة” ( ص 181).
وأما إذا تعذر التراد بينهم لكون أحدهم قد تصرف فيما قبضه ، ففي هذه الحال لا يلزم التراد على أرجح قولي العلماء .
وقد نقل الشيخ عبد الرحمن السعدي ترجيح هذا القول عن شيخ الإسلام ابن تيمية .
وقال : ” فالبائع بيعاً فاسداً قد أقبض المشتري المبيع وقد تعوَّض عنه ، ورضي بانتقاله إليه وتمليكه إياه ، فالعقد فاسد وهما آثمان على ذلك ، ولكن الرضى حاصل ، فقد ملَّكه ذلك المبيع وأذن له بمقتضى هذا أن يتصرف فيه لنفسه ، وله جميع ما ترتب عليه من نماء وكسب وغيره ….
فنُعمل الأمرين : نحرِّمه ونؤثمه على نفس العقد الذي حرمه الشارع ، وننفذ التصرفات بعد ذلك ، ونقر ملكه للمشتري …
ويوضحه أيضاً : أن ترجيعه بعد المدة الطويلة في غاية المشقة والصعوبة ، وربما تعذر ذلك بالكلية ، فكيف نسلسل إبطال التصرفات الكثيرة ، وفي ذلك من الحرج ما تنفيه الشريعة “.
انتهى من ” الأجوبة النافعة عن المسائل الواقعة” ( ص 179).
والحاصل : أنه لا يلزمك رد المال الذي أخذته لأخيك ، بل تستغفر الله وتتوب إليه عما بدر منك ، وتحرص في مستقبل أمرك على معرفة الحكم في معاملاتك المالية قبل الإقدام عليها .
والله أعلم

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر

موقع الإسلام سؤال وجواب

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android