0 / 0

الجمع بين حديث : ( ثم يطوي الأرضين بشماله ) ، وحديث : ( وكلتا يديه يمين )

السؤال: 183552

أنا طالبه وقالت لنا المعلمة : إن الله له يدان ولكن كلتاهما يمين ! هل صحيح ما قالته المعلمة ! لان بعد ما قالت هكذا قرأت لنا الحديث الآتي : رقم الحديث: (5001) .
(حديث مرفوع) وحَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ ، حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ ، عَنْ عُمَرَ بْنِ حَمْزَةَ ، عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ ، أَخْبَرَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( يَطْوِي اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ السَّمَاوَاتِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ، ثُمَّ يَأْخُذُهُنَّ بِيَدِهِ الْيُمْنَى ، ثُمَّ يَقُولُ : أَنَا الْمَلِكُ أَيْنَ الْجَبَّارُونَ أَيْنَ الْمُتَكَبِّرُونَ ، ثُمَّ يَطْوِي الْأَرَضِينَ بِشِمَالِهِ ، ثُمَّ يَقُولُ : أَنَا الْمَلِكُ أَيْنَ الْجَبَّارُونَ أَيْنَ الْمُتَكَبِّرُونَ “.
ثُمَّ يَطْوِي الْأَرَضِينَ بِشِمَالِهِ ، وهي قالت : إن لله تعالى يدين كلتاهما يمين ؛ وفي هذا الحديث يطوي الأرضين بشماله ، فكيف يمكن الجمع بين الحديث وما قالته المعلمة ؟

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

ما ذكرته المعلمة لكن من أن كلتا يدي الله عز وجل يمين ، هو أحد القولين في المسألة ، والقول الآخر في المسألة أن لله عز وجل يدان يمين وشمال .

وسبب الاختلاف في إثبات الشمال له سبحانه وتعالى راجع لأمرين :
الأول : اختلاف أهل العلم في ثبوت الزيادة التي جاء فيها ذكر الشمال ، فمن أثبتها ، أثبت له سبحانه يدين ، يمين وشمال .
ومن ضعفها ، فقد نفى عنه الشمال ، وقال له يدان ، كلاهما يمين .

الثاني : إثبات الشمال لله عز وجل هل يلزم منه النقص في حق الله ؟ من رأى أن إثبات الشمال لله عز وجل يلزم منه إثبات النقص نفى عنه الشمال ؛ وذلك لأن الشمال في العادة أضعف من اليمين وأقل شرفاً منها ، وهذا ممتنع في حق الله .
ومن رأى أنه لا يلزم من إثبات الشمال إثبات النقص ؛ لأنه سبحانه ليس كمثله شيء وهو السميع العليم ، فيده الشمال سبحانه وتعالى ليست كاليد الشمال بالنسبة للمخلوق ناقصة عن اليمين .

قال الشيخ علوي السقاف حفظه الله : ” يؤمن أهل السنة والجماعة أنَّ لله عَزَّ وجَلَّ يدين ، وأنَّ إحدى يديه يَمِين ، فهل الأخرى توصف بالشِّمال ؟ أم أنَّ كلتا يديه يَمِين ؟
القول الأول : إثبات صفة الشمال له سبحانه ، وقد قال بهذا القول الإمام عثمان بن سعيد الدارمي ، وأبو يعلى الفراء ، والشيخ محمد بن عبد الوهاب … .
واستدل أصحاب هذا القول بأدلة :
الدليل الأول : ما رواه مسلم (2788) من حديث عبد الله بن عمر رضي الله عنه مرفوعاً : ( يطوي الله عَزَّ وجَلَّ السماوات يوم القيامة ، ثم يأخذهن بيده اليمنى ، ثم يقول : أنا الملك ! أين الجبارون ؟ أين المتكبرون ؟ ثم يطوي الأرضين بشماله ثم يقول … ) الخ الحديث .
الدليل الثاني : قالوا : إن وصف إحدى اليدين باليَمِين ، يقتضي أنَّ الأخرى ليست يَمِيناً ، فتكون شمالاً ، وفي بعض الأحاديث تذكر اليَمِين ، ويذكر مقابلها : ( بيده الأخرى ) ، وهذا يعني أنَّ الأخرى ليست اليَمِين ، فتكون الشِّمال .

القول الثاني : أن كلتا يديه يمين لا شمال فيها ، وقد قال بهذا القول الإمام ابن خزيمة ، والإمام أحمد ، والبيهقي ، والألباني .
واستدل أصحاب هذا القول بأدلة :
الدليل الأول : ما رواه مسلم (1827) من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما مرفوعاً : ( إنَّ المقسطين عند الله على منابر من نور عن يَمِين الرحمن عَزَّ وجَلَّ ، وكلتا يديه يَمِين ) .
الدليل الثاني : حديث عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنهما مرفوعاً : ( أول ما خلق الله تعالى القلم ، فأخذه بيَمِينه ، وكلتا يديه يَمِين … ) رواه : ابن أبي عاصم في ( السنة ) (106) ، والآجري في ( الشريعة ) ، وصحَّحَه الألباني . انتهى اختصاراً بتصرف من ” صفات الله عز وجل الواردة في الكتاب والسنة ” ( 1 / 248 ) .

والراجح أنه لا تعارض بين الأحاديث ، فالله سبحانه وتعالى توصف يداه باليمين والشمال باعتبار الاسم ، أما من جهة المعنى ، فكلاهما يمين مباركة .
قال الشيخ ابن باز رحمه الله : ” كلها أحاديث صحيحة عند علماء السنة ، وحديث ابن عمر مرفوع صحيح ، وليس موقوفا ، وليس بينها اختلاف بحمد الله ، فالله سبحانه توصف يداه باليمين والشمال من حيث الاسم ، كما في حديث ابن عمر وكلتاهما يمين مباركة من حيث الشرف والفضل ، كما في الأحاديث الصحيحة الأخرى ” انتهى من ” مجموع فتاوى الشيخ ابن باز ” ( 25 / 126 ) .

وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : ” قوله : ” ثم يأخذهن بشماله ” كلمة ( شمال ) اختلف فيها الرواة ، فمنهم من أثبتها ، ومنهم من أسقطها ، وقد حكموا على من أثبتها بالشذوذ ، لأنه خالف ثقتين في روايتها عن ابن عمر .
ومنهم من قال : إنه ثقة ، ولكنه قالها من تصرفه .
وأصل هذه التخطئة هو ما ثبت في ” صحيح مسلم ” أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال : ” المقسطون على منابر من نور على يمين الرحمن ، وكلتا يديه يمين ” وهذا يقتضي أنه ليس هناك يد يمين ويد شمال .
ولكن إذا كانت لفظة ” شمال ” محفوظة ، فهي عندي لا تنافي ” كلتا يديه يمين ” ؛ لأن المعني أن اليد الأخرى ليست كيد الشمال بالنسبة للمخلوق : ناقصة عن اليمني ، فقال : ” كلتا يديه يمين ” ، أي : ليس فيها نقص ، ويؤيد هذا قوله في حديث آدم : ” اخترت يمين ربي ، وكلتا يديه يمين مباركة ” ، فلما كان الوهم يذهب إلى أن إثبات الشمال ، يعني : النقص في هذه اليد دون الأخرى ، قال : ” كلتا يديه يمين ” ، ويؤيده أيضاً قوله : ” المقسطون على منابر من نور على يمين الرحمن ” ، فإن المقصود بيان فضلهم ومرتبتهم ، وأنهم على يمين الرحمن سبحانه .
وعلى كل ، فإن يديه سبحانه اثنتان بلا شك ، وكل واحدة غير الأخرى ، وإذا وصفنا اليد الأخرى بالشمال ، فليس المراد أنها أقل قوة من اليد اليمني ، بل كلتا يديه يمين .
والواجب علينا أن نقول : إن ثبتت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فنحن نؤمن بها ، ولا منافاة بينها وبين قوله : ” كلتا يديه يمين ” كما سبق ، وإن لم تثبت ، فلن نقول بها ” انتهى من ” مجموع فتاوى ورسائل ابن عثيمين ” ( 1 / 165 ) .

والله أعلم

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر

موقع الإسلام سؤال وجواب

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android