إن لي أخاً يكبرني بخمس سنوات ، متزوج من امرأة منذ ستة عشر عاماً ، لقد هدَّدَتْه بالقتل حوالي خمس مرات بل إنها تضربه أحياناً ، وعندما كانت حاملا هددتْ أن تجهض الجنين .
إنها لا تحترم أحداً بما في ذلك والداي ، لذا فقد منعها أبي من دخول بيتنا وأمر أخي أن يطلقها ولكنه لم يرضخ لأمره بسبب أن لهم طفلاً في الثالثة من العمر .
أما أنا فرجل ملتزم منذ ستة عشر عاماً ، وقد حاولت جاهداً نصح أخي هذا وتوجيهه لا سيّما وأنه كان يأتي إلى المسجد ونلتقي هناك كلما واجه هذه المشاكل مع زوجته ، ولكن زوجته منعته من القدوم إلى المسجد ، بل حتى منعته من الصلوات الخمس وقالت : إنه لا يجب عليهما الصلاة ، إنما هي للمتشددين ، وأذكر أنها في إحدى المرات رمت كتاباً دينيّاً كان لديه ، وهو ما أراه أنا كفراً ، لذا فقد قاطعته منذ عام ونصف ولم يعد بيني وبينه أي تواصل واشترطت عليه إن أراد حفظ علاقاتي معه أن يطلق هذه المرأة ، وأن يحافظ على الصلوات ، وأن يطيع والداي .
لقد قاطعته من أجل الله تعالى ؛ لأنه لا يسمع كلام أحد إلا كلام زوجته ، وقد حاولت نصحه لمدة ثلاث سنوات دون فائدة .
فما رأيكم ؟ هل ما فعلته صحيح أم لا ؟
هل يستمر بمقاطعة شقيقه بسبب سوء خلق زوجته ؟
السؤال: 177558
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
أولاً:
شكر الله نصحك لأخيك وقيامك بأمر الدعوة والبر بوالديك ، والذي يبدو أن شخصية أخيك ضعيفة ، وأن زوجته هي التي تقوم على أمره ؛ فإن كان الحال كما ذكرتَ ؛ فالواجب على أخيك أن يسمع لأبيه ، ويطيع أمره ، ويفارق هذه المرأة إن لم ينفع معها النصح والهجر والضرب .
قال تعالى : ( وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلَا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلًا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيًّا كَبِيرًا ) النساء/ 34 .
قال الشيخ عبد الرحمن السعدي – رحمه الله – : ” ( وَاللاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ ) أي : ارتفاعهن عن طاعة أزواجهن بأن تعصيه بالقول أو الفعل فإنه يؤدبها بالأسهل فالأسهل .
( فَعِظُوهُنَّ ) أي : ببيان حكم الله في طاعة الزوج ومعصيته والترغيب في الطاعة والترهيب من معصيته ، فإن انتهت فذلك المطلوب ، وإلا فيهجرها الزوج في المضجع بأن لا يضاجعها ولا يجامعها بمقدار ما يحصل به المقصود ، وإلا ضربها ضرباً غير مبرح ، فإن حصل المقصود بواحد من هذه الأمور وأطعنكم ( فَلا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلا ) أي : فقد حصل لكم ما تحبون فاتركوا معاتبتها على الأمور الماضية والتنقيب عن العيوب التي يضر ذكرها ويحدث بسببه الشر ” انتهى من ” تفسير السعدي ” ( ص 177 ) .
ثانياً:
أما ترك الصلاة : فإن كان الترك هو للجماعة : فهذه معصية ؛ لأن الراجح من أقوال أهل العلم أنها واجبة ، أما إن كان الترك بالكلية : فهذا – والعياذ بالله – ردة عن الدين ؛ فعن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُرَيْدَةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ : سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : ( الْعَهْدُ الَّذِي بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ الصَّلَاةُ فَمَنْ تَرَكَهَا فَقَدْ كَفَرَ ) رواه الترمذي ( 2621 ) وصححه الألباني في “صحيح الترمذي” .
وللاستزادة انظر جواب السؤال رقم ( 2128 ) .
رابعاً:
وأما رمي الكتاب الديني : فإن رمته قاصدةً إهانة الآيات والأحاديث فهو ردة عن الدين ، وإذا لم تقصد الإهانة فهو كبيرة من كبائر الذنوب ، وإذا كان اتخاذ كتب أهل العلم التي فيها قرآن وسادة من المحرمات فكيف بإلقائها احتقاراً لها ؟! .
ولذا فقد جاءت كلمات العلماء متوافقة في وجوب تعظيم كتب العلم وتحريم الاستخفاف بها واحتقارها ؛ لما فيها من كلام الله تعالى وكلام رسوله صلى الله عليه وسلم .
قال الشيخ منصور البهوتي الحنبلي – رحمه الله – : ” ( و ) يحرم ( توسده ) أي المصحف ( والوزن به والاتكاء عليه ) لأن ذلك ابتذال له ( وكذا كتب العلم التي فيها قرآن وإلا ) بأن لم يكن في كتب العلم قرآن ( كره ) توسدها والوزن بها والاتكاء عليها ” انتهى من ” كشاف القناع ” ( 1 / 136 ) .
وفي ” حاشية الجمل على المنهج ” للشيخ سليمان الجمل الشافعي ( 1 / 225 ) : ” يجري في كتب العلم الشرعي وآلته ما في المصحف ، غير تحريم المس والحمل ، لأنه يشعر بالإهانة ” انتهى .
رابعاً:
اعلم أن الهجر لا يراد لذاته بل لما يؤدي إليه من نفع وفائدة ، فإذا رأيتَ أن هجرك لأخيك سيؤثر فيه إيجاباً وسيرجع بسببه إلى رشده فامض به ، وإذا رأيت عدم نفعه أو رأيته سيزيد من تسلط زوجته عليه وسيزيد في الشقة بين أفراد أسرتكم ، فنرى أن لا تمضي به ، وحاول أن تتودد إليه بالهدية والكلام الحسن وتعاهده بنصحك باستمرار فلعلَّ الله أن يجعل هدايته بسبب حسن تصرفك هذا معه .
ومما نوصيك به أن تجتهد في بذل النصح لزوجة أخيك وأن تهديها كتاباً أو شريطاً فيه عظة وتذكير ؛ فقد يكون فعلها عماية وجهالة من غير علم بالعواقب .
وعليك بالدعاء – وتحرَّ ذلك في ثلث الليل الآخر – أن يشرح الله صدرهما ويصلح حالهما لعلها أن تصادف ساعة إجابة فيكتب لك أجر هدايتهما وصلاحهما .
فإن رأيته مصرا على حاله ، مستمرا على ترك الصلاة ، وطاعة هذه المرأة في معصية الله ، والإذعان لتسلطها ، فانقطعت عنه ، بغضا لحاله من معصية ربه ، وإعراضه عن الطاعة ، فلا يظهر لنا حرج فيما تفعله إن شاء الله .
والله أعلم
هل انتفعت بهذه الإجابة؟
المصدر:
موقع الإسلام سؤال وجواب
موضوعات ذات صلة