0 / 0
37,63919/09/2011

نبذة عن كتاب النسائي ” السنن الصغرى ” .

السؤال: 171124

سألت هذا السؤال عدة مرات ولكن لم أتحصل على أي إجابة : هل كل الأحاديث الواردة في السنن الصغرى للنسائي صحيحة .
وما صحة هذا الحديث:
روى مسلم بن أبي بكر قال : اعتاد أبي أن يقول دبر كل صلاة : ( اللهم إني أعوذ بك من الكفر والفقر ومن عذاب القبر ) سنن النسائي الصغرى ، كتاب الاستعاذة بعد الصلاة ؟

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

أولا :
النسائي هو الإمام الحافظ أبو عبد الرحمن أحمد بن شعيب بن علي النسائي ، المتوفى سنة 303هـ .
قال عنه الدارقطني رحمه الله :
” مقدَّمٌ على كل من يُذكر بهذا العلم من أهل عصره ” انتهى من ” سير أعلام النبلاء ” (14/131)
وقال عنه الذهبي رحمه الله :
” لم يكن أحد على رأس الثلاثمائة أحفظ من النسائي ، هو أحذق بالحديث وعلله ورجاله من مسلم ، ومن أبي داود ، ومن أبي عيسى الترمذي ، وهو جار في مضمار البخاري وأبي زرعة ” انتهى من ” سير أعلام النبلاء ” (14/133)
ثانيا :
اشتهر بين المحققين من علماء الحديث أن سنن النسائي الصغرى ” المجتبى ” أصح كتب السنن الأربعة ، وأكثرها حديثا صحيحا ، وأقلها حديثا ضعيفا ، وذلك لسببين :
السبب الأول : حرص الإمام النسائي على الانتقاء في كتابه ، وذلك بناء على طلب أمير الرملة أن يفرد له الحديث الصحيح من ” السنن الكبرى “، كما قال الإمام السيوطي رحمه الله:
” رأيت بخط الحافظ أبي الفضل العراقي أن النسائي لما صنف الكبرى أهداها لأمير الرملة ، فقال له : كل ما فيها صحيح ؟ فقال : لا ، فقال : ميِّز لي الصحيح من غيره ، فصنف له الصغرى ” انتهى من ” تدريب الراوي ” (1/109)
وقال محمد بن معاوية الأحمر الراوي عن النسائي ما معناه :
” قال النسائي : كتاب السنن كله صحيح، وبعضه معلول، إلا أنه لم يبين علته، والمنتخب منه المسمى بالمجتبى صحيح كله ” انتهى من ” النكت على ابن الصلاح ” (1/484)
السبب الثاني : علو كعب النسائي في علم العلل ، وتميزه عن أقرانه ، كما سبق النقل عن الإمام الذهبي .
ثالثا :
ننقل هنا كلام بعض أهل العلم في بيان صحة غالب ما في سنن النسائي الصغرى .
قال أبو الحسن المعافري :
” إذا نظرت إلى ما يخرجه أهل الحديث فما خرجه النسائي أقرب إلى الصحة مما خرجه غيره ” انتهى.
ويقول الحافظ ابن حجر رحمه الله:
” أقل الكتب بعد الصحيحين حديثا ضعيفا ، ورجلا مجروحا ” انتهى من ” النكت على ابن الصلاح ” (1/484)
رابعا :
أما الأحاديث الضعيفة في سنن النسائي الصغرى فهي على ثلاثة أقسام :
القسم الأول: أحاديث يضعفها الإمام النسائي نفسه في السنن، فهذه لا ضير فيها، فالإمام يذكرها ليبين ضعفها ويرد على من يحتج بها.
القسم الثاني : أحاديث يضعفها الإمام النسائي في كتبه الأخرى ، ولا ينص على ضعفها في السنن الصغرى ، وهذه أيضا لا ضير فيها ؛ لأن النسائي يذكرها على سبيل النقل عمن يحتج بها ، فعلى القارئ التنبه إلى حالها بالنظر في كتبه الأخرى ، وعدد أحاديث هذا القسم قليل جدا ، منها حديث قَالَ عُمَرُ لِصُهَيْبٍ : مَا لِي أَرَى عَلَيْكَ خَاتَمَ الذَّهَبِ ؟ قَالَ : قَدْ رَآهُ مَنْ هُوَ خَيْرٌ مِنْكَ فَلَمْ يَعِبْهُ . قَالَ : مَنْ هُوَ ؟ قَالَ : رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . رواه النسائي في ” السنن الصغرى ” (5163) وسكت عنه ، ولكنه قال عنه في ” السنن الكبرى ” (8/363): هذا حديث منكر .
القسم الثالث : أحاديث يسكت عنها النسائي ويضعفها المحدثون ، وهي قليلة جدا أيضا ، خاصة وأن بعضها مما اختلف فيه العلماء ، والحق فيه مع النسائي .
يقول الحافظ ابن كثير رحمه الله :
” قول الحافظ أبي علي بن السكن وكذا الخطيب البغدادي في كتاب السنن للنسائي إنه صحيح : فيه نظر .
وإن له شرطاً في كتاب السنن للنسائي أنه صحيح: فيه نظر.
وإن شرطه في الرجال أشد من شرط مسلم: غير مسلَّم.
فإن فيه رجالاً مجهولون : إما عيناً أو حالاً ، وفيهم المجروح ، وفيه أحاديث ضعيفة، ومعللة ومنكرة ، كما نبهنا عليه في ” الأحكام الكبير ” ” انتهى من ” الباعث الحثيث إلى اختصار علوم الحديث ” (ص/31)
ويقول الحافظ ابن حجر رحمه الله – معلقا على قول ابن الصلاح: أطلق الخطيب والسلفي الصحة على كتاب النسائي -:
“وقد أطلق عليه أيضا اسم الصحة أبو علي النيسابوري ، وأبو أحمد بن عدي ، وأبو الحسن الدارقطني ، وابن منده ، وعبد الغني بن سعيد ، وأبو يعلى الخليلي ، وغيرهم ، وأطلق الحاكم اسم الصحة عليه وعلى كتابي أبي داود والترمذي كما سبق ، وقال أبو عبد الله بن مندة : الذين خرجوا الصحيح أربعة : البخاري ومسلم وأبو داود والنسائي ، وأشار إلى مثل ذلك أبو علي ابن السكن…- ثم أجاب عن ذلك بعبارة طويلة ، حاصلها : أن مراد هؤلاء العلماء أن معظم ما في السنن صحيح وليس كله – ” انتهى باختصار من ” النكت على كتاب ابن الصلاح ” (1/481-489)
وهكذا نجد العلماء يقررون وجود الضعيف بأعداد يسيرة في سنن النسائي وغيرها من السنن ، ومن أراد التوسع في هذه النقول فليرجع إلى شروح ألفية العراقي عند قوله :
” ومن عليها أطلق الصحيحا *** فقد أتى تساهلا صريحا “
يقول الإمام السخاوي رحمه الله :
” لأن فيها ما صرحوا بكونه ضعيفا أو منكرا أو نحو ذلك من أوصاف الضعيف ، – وقولهم – أن ما كان في الكتب الخمسة مسكوتا عنه ولم يصرح بضعفه أن يكون صحيحا ، ليس هذا الإطلاق صحيحا ، بل في كتب السنن أحاديث لم يتكلم فيها الترمذي أو أبو داود ، ولم نجد لغيرهم فيها كلاما ، ومع ذلك فهي ضعيفة .
وأحسن من هذا قول النووي : ” مراد السلفي : أن معظم الكتب الثلاثة يحتج به ، أي : صالح لأن يحتج به ; لئلا يرد على إطلاق عبارته المنسوخ أو المرجوح عند المعارضة ،ويجوز أن يقال: إنه لم يعتبر الضعيف الذي فيها ; لقلته بالنسبة إلى النوعين،وبالجملة فكتاب النسائي أقلها بعد الصحيحين حديثا ضعيفا ; ولذلك قال ابن رشيد: إنه أبدع الكتب المصنفة في السنن تصنيفا ، وأحسنها ترصيفا ، وهو جامع بين طريقتي البخاري ومسلم ، مع حظ كبير من بيان العلل ” انتهى من ” فتح المغيث ” (1/114)
خامسا :
وأما الحديث الوارد في السؤال فهو حديث صحيح، نصه كالآتي :
عَنْ مُسْلِمِ بْنِ أَبِي بَكْرَةَ، قَالَ : كَانَ أَبِي يَقُولُ فِي دُبُرِ الصَّلَاةِ : ( اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الْكُفْرِ وَالْفَقْرِ ، وَعَذَابِ الْقَبْرِ )، فَكُنْتُ أَقُولُهُنَّ ، فَقَالَ أَبِي : أَيْ بُنَيَّ ، عَمَّنْ أَخَذْتَ هَذَا ؟ قُلْتُ: عَنْكَ، قَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَقُولُهُنَّ فِي دُبُرِ الصَّلَاةِ.
رواه النسائي في ” السنن الصغرى ” (رقم/1347) وصححه الألباني في ” صحيح النسائي “
والله أعلم .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر

الإسلام سؤال وجواب

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android