0 / 0
265,90425/05/2011

تلاوة القرآن على المقامات

السؤال: 169799

تعلمون حفظكم الله تعالى ما أعده الله سبحانه من الجزاء العظيم على من قرأ القرآن الكريم ، فقال عليه الصلاة والسلام : (الماهر بالقرآن مع السفرة الكرام البررة ، والذي يقرأ القرآن ويتتعتع فيه له أجران) ، وقد انتشر في وقتنا الحاضر ما يسمى بعلم المقامات ، وهو علم يهتم بالصوت وتحسين الأداء ، طبعا في أصله أنه وضع لأهل الغناء .
فهل يجوز لي أن أتعلم هذا العلم وأستخدمه في قراءة القرآن الكريم لكي أبتعد عن اللحن فيه ، وأدخل في قول رسول الله صلى الله عليه وسلم ( الماهر بالقرآن مع السفرة …. ) ؟ .

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

أولاً :
المقامات التي جاء ذِكرها في السؤال هي أنواع الألحان التي يغني بها أهل الغناء ، وقد حصر أهلُ ذلك الفن الألحانَ بأوزان معينة وسموها ” مقامات ” ، وليس هو علم مخترع بل هو جمع بالتتبع والاستقراء لألحان الناس ، كما فعل الخليل بن أحمد الفراهيدي في أوزان الشِّعر ، وكان ما جمعه رحمه الله ستة عشر بحراً ، وأما المقامات التي جمعها أهل اللحن فقد بلغت ستة مقامات ، وهي :
1 . مقام البيَّات :
هو مقام يمتاز بالخشوع والرهبانية ، وهو المقام الذي يجلب القلب ويجعله يتفكر في آيات الله ومعانيها .
2. مقام الرست :
و ” الرِّست ” كلمة فارسية تعني الاستقامة ، ويفضل أهل المقامات هذا المقام عند تلاوة الآيات ذات الطابع القصصي أو التشريعي .
3. مقام النهاوند :
هذا المقام يمتاز بالعاطفة والحنان والرقة ، ويبعث على الخشوع والتفكر ، و ” نهاوند ” مدينة إيرانية نسب إليها هذا المقام .
4. مقام السيكا :
هو مقام يمتاز بالبطء والترسل .
5. مقام الصبا :
وهو مقام يمتاز بالروحانية الجياشة والعاطفة والحنان .
6. مقام الحجاز
وهو مقام من أصل عربي ، نسب إلى بلاد الحجاز العربية ، وهو من أكثر المقامات روحانية وخشوعا في القرآن .
هذا كلام أهل ذلك الفن ، وهذه تعريفاتهم بحروفها ، وكما هو ملاحظ فإنها مقامات أعجمية إلا الأخير منها ، ومن الملاحظ أيضاً أن المقامات هي جمع لألحان الناس في غنائهم ، فهو علم سابق على القرآن والقراءة به ، ويمكن للقراء أن يقرؤوا بإحدى المقامات وهم لم يعرفوا عنها شيئاً ، كما يمكن أن ينوِّع القارئ بين عدة مقامات بحسب الآيات ومعانيها .

ثانياً :
أما حكم القراءة بهذه المقامات : فقد سبق في جواب السؤال رقم (9330 ) ذِكر فتوى الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله في المنع من القراءة بهذه المقامات الغنائية .
وفي جواب السؤال رقم ( 1377 ) تفصيل وتوسع في المسألة ، فلينظر .
ونزيد هنا فنذكر فوائد من أهل الاختصاص ، فنقول :
قال الأستاذ الدكتور إبراهيم بن سعيد الدوسري نائب رئيس مجلس إدارة الجمعية العلمية السعودية للقرآن الكريم وعلومه ورئيس قسم القرآن وعلومه بجامعة الإمام محمد بن سعود :
القراءة بالألحان لا تخرج عن حالتين :
الحالة الأولى :
الألحان التي تسمح بها طبيعة الإنسان من غير تصنّع ، وهذا ما يفعله أكثر الناس عند قراءة القرآن ، فإن كل من تغنّى بالقرآن فإنه لا يخرج عن ذلك التلحين البسيط ، وذلك جائز ، وهو من التغني الممدوح المحمود ، كما قال الرسول صلى الله عليه وسلم : ( ليس منَّا من لم يتغنَّ بالقرآن ) – أخرجه البخاري في صحيحه (7527) ، وعلى هذه الحالة يحمل الحكم بالجواز والاستحباب .
الحالة الثانية :
الألحان المصنوعة والإيقاعات الموسيقائية التي لا تحصل إلا بالتعلم والتمرين ، ولها مقادير ونسب صوتية لا تتم إلا بها ، فذلك لا يجوز ؛ لأن أداء القرآن له مقاديره التجويدية المنقولة التي لا يمكن أن تتوافق مع مقادير قواعد تلك الألحان إلا على حساب الإخلال بقواعد التجويد ، وذلك أمر ممنوع .
وفي ذلك يقول ابن القيم في ” زاد المعاد في هدي خير العباد ” (1/493) :
” وكل من له علم بأحوال السلف يعلم قطعاً أنهم برءاء من القراءة بألحان الموسيقى المتكلفة التي هي إيقاعات وحركات موزونة معدودة محدودة ، وأنهم أتقى لله من أن يقرؤوا بها ويسوِّغوها ، ويعلم قطعاً أنهم كانوا يقرؤون بالتحزين والتطريب ، ويحسِّنون أصواتهم بالقرآن ، ويقرؤونه بشجي تارة ، وبطرب تارة ، وبشوق تارة ، وهذا أمر مركوز في الطباع تقاضيه ، ولم ينه عنه الشارع مع شدة تقاضي الطباع له ، بل أرشد إليه وندب إليه ، وأخبر عن استماع الله لمن قرأ به ، وقال : ( ليس منَّا من لم يتغنّ بالقرآن ) ، وفيه وجهان : أحدهما : أنه إخبار بالواقع الذي كلنا نفعله ، والثاني : أنه نفي لهدي من لم يفعله عن هديه وطريقته ” .
ويقول ابن كثير في ” فضائل القرآن ” (ص 114) :
” والغرض أن المطلوب شرعاً إنما هو التحسين بالصوت الباعث على تدبر القرآن وتفهمه والخشوع والخضوع والانقياد للطاعة ، فأما الأصوات بالنغمات المحدثة المركبة على الأوزان والأوضاع الملهية والقانون الموسيقائي فالقرآن ينزه عن هذا ويُجلّ ، ويعظم أن يسلك في أدائه هذا المذهب ” .
وما ينادي به بعض الناس من تلحين القرآن بزعم تصوير المعاني وضبط الأنغام ، وربما تمادى بعضهم وطالب بما يقارن تلك الألحان بالآلات الموسيقية : فكل ذلك جرأة على كتاب الله تعالى ذِكرُه وتقدس اسمُه ، ولا شك أن الاشتغال بتلك الأنغام يوقع القارئ في تحوير الألفاظ ، ويصرف السامع عن تدبر المعاني ، بل يفضي بها إلى التغيير ، وكتاب الله تعالى مجد المسلمين ينزه عن ذلك .
انتهى من مقال في ” ملتقى أهل التفسير ” .
ونعجب ممن اشتهر في العالم الإسلامي بحسن قراءته أن يكون طريقه في التعلم وإتقان القراءة : الأغاني الماجنة ! وقد اعترف بعضهم أنه كان يستمع للأغنية ذات المعازف حتى يتعلم طريقة القراءة ! وقد انتشرت صورة لبعض كبار القراء وهو بجانب ” البيانو ” ! بل وتشترط إذاعة عربية على كل مقرئ فيها أن يحمل شهادة من معهد موسيقي ! وإلا حرِم القراءة فيها ، وقد وفق الله تعالى كثيراً من القراء في العالم الإسلامي ، وأبكوا الناس بقراءتهم ولم يتعلموا مقاماً ولم يسمعوا أغنية ، وبعض المهووسين بهذه المقامات يسمع القارئ المتقن الموفَّق فينسب قراءته لإحدى المقامات ويوهم نفسه وغيره أن هذا القارئ ممن يمشي على طريقته بالقراءة على حسب أغنية أو لحن معيَّن ، وليس الأمر كذلك ، وإنما هو وهم محض .

والله أعلم

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر

الإسلام سؤال وجواب

answer

موضوعات ذات صلة

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android