أولاً :
أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن هذه الأمة ستفترق على ثلاث وسبعين فِرقة ، وأخبر أن كلها في النار – أي : أنها ضالة ومنحرفة في عقيدتها – إلا واحدة فإنها هي الناجية .
عن أبي عامر الهوزني عن معاوية بن أبي سفيان أنه قام فينا فقال : ألا إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قام فينا فقال : " ألا إن من قبلكم من أهل الكتاب افترقوا على ثنتين وسبعين ملة ، وإن هذه الملة ستفترق على ثلاث وسبعين : ثنتان وسبعون في النار وواحدة في الجنة ، وهي الجماعة " .
رواه أبو داود ( 4597 ) .
وقد صححه جمع من الأئمة منهم الحاكم والذهبي وابن تيمية والشاطبي وابن حجر ، ووافقهم الألباني ، وانظر ذلك في " السلسلة الصحيحة " ( 204 ) .
ورواه ابن ماجه ( 3992 ) من حديث عوف بن مالك نحوه ، وصححه الشيخ الألباني في " السلسلة الصحيحة " ( 1492 ) .
وإذا أردت أن تقف على صفات هذه الطائفة المنصورة والفِرقة الناجية فانظر إجابة السؤال رقم ( 206 ) ، و (10544 ) و (12761 ) .
ثانياً :
إذا كان الذي عندكم من الفرَق هي من الفرق الخارجة عن دين الإسلام ، كالإسماعيلية ، والبابية ، والبهائية ، والقاديانية ، وغلاة الصوفية القائلين بالحلول والاتحاد ، ونحو هؤلاء : فلا يحل لكم التعاون معهم ، ولا تمكينهم من مساجدكم ، حتى لا تكونوا سبباً في نشر بدعهم وضلالاتهم وكفرهم .
وما كان من هذه الطوائف من المنتسبين إلى السنة في الجملة : فتعاونوا معها بما عندها من الحق والصواب ، ولا تتعاونوا معها فيما خالفت فيه السنة ، وما ذكرتَه في سؤالك من إقامة الاحتفالات البدعية هو مثال لما لا يجوز لكم تمكينه منه ، على أن لا تُظهروا خلافاتكم بين الناس قدر الاستطاعة خشية على الناس من الإرباك وصرفهم عن بيوت الله ، فيمكنكم تكليمهم والتفاهم معهم على عدم إحداثهم هذه الأمور قبل إقامتها فيما بينكم وبينهم .
ولا يكون التآلف بين المسلمين مع تنوع المشارب واختلاف الاتجاهات ، بل لا بد من إرجاع الناس إلى المصادر المعصومة – الكتاب والسنة – لجمعهم عليهما ليكون التآلف مبنيّاً على أساس راسخ وقاعدة متينة .
وما كان من مسائل الاختلاف المحتملة والآراء الفقهية الاجتهادية فيمكن التغاضي عنه لأجل وحدة الكلمة ، أما ما فيه من إغضاب للرب ومخالفة بيِّنة لشرعه : فلا يكون فيه التغاضي لمن ملك أمر المكان الذي يقام فيه مثل هذا .
وهذه أسئلة وأجوبة لعلماء اللجنة الدائمة حول الموضوع :
1. سئلوا :
في هذا الزمان عديد من الجماعات والتفريعات وكلٌّ منها يدَّعي الانضواء تحت الفرقة الناجية ، ولا ندري أيها على حق فنتبعه ، ونرجو من سيادتكم أن تدلونا على أفضل هذه الجماعات وأخيرها فتبع الحق فيها مع إبراز الأدلة ؟ .
فأجابوا :
كلٌّ من هذه الجماعات تدخل في الفرقة الناجية إلا من أتى منهم بمكفر يخرج عن أصل الإيمان ، لكنهم تتفاوت درجاتهم قوةً وضعفاً بقدر إصابتهم للحق وعملهم به وخطئهم في فهم الأدلة والعمل ، فأهداهم أسعدهم بالدليل فهماً وعملاً ، فاعرف وجهات نظرهم ، وكُن مع أتبعهم للحق وألزمهم له ، ولا تبخس الآخرين أخوَّتهم في الإسلام فترد عليهم ما أصابوا فيه من الحق ، بل اتَّبِع الحقَّ حيث ما كان ولو ظهر على لسان من يخالفك في بعض المسائل ، فالحق رائد المؤمن ، وقوة الدليل من الكتاب والسنة هي الفيصل بين الحق والباطل .
الشيخ عبد العزيز بن باز ، الشيخ عبد الرزاق عفيفي ، الشيخ عبد الله بن غديان ، الشيخ عبد الله بن قعود .
" فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء " ( 2 / 239 ، 240 ) .
2. وسئلوا :
في العالم الإسلامي اليوم عدة فرق وطرق صوفية مثلا : هناك جماعة التبليغ ، الإخوان المسلمين ، السنيين ، الشيعة ، فما هي الجماعة التي تطبق كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم ؟
فأجابوا :
أقرب الجماعات الإسلامية إلى الحق وأحرصها على تطبيقه : أهل السنة : وهم أهل الحديث ، وجماعة أنصار السنة ، ثم الإخوان المسلمون .
وبالجملة فكل فرقة من هؤلاء وغيرهم فيها خطأ وصواب ، فعليك بالتعاون فيما عندها من الصواب ، واجتناب ما وقعت فيه من أخطاء ، مع التناصح والتعاون على البر والتقوى .
الشيخ عبد العزيز بن باز ، الشيخ عبد الرزاق عفيفي ، الشيخ عبد الله بن غديان ، الشيخ عبد الله بن قعود .
" فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء " ( 2 / 237 ) .
على أن مسألة التعاون في مكان معين ، مع شخص أو جماعة معينة ، أو عدم ذلك ، والاشتراك في نشاط في مسجد واحد ، أو الاستقلال بمسجد آخر : هو من المسائل الاجتهادية التي ينبغي أن ينظر فيها من له علم شرعي ، ومعرفة بالواقعة من أهل المكان ، أو القريبين منه قدر الإمكان .
والله أعلم