0 / 0

هل يجوز الانحناء لكبير في السنِّ عند اللقاء به ؟

السؤال: 159164

هل يجوز لي أن ( أنحني ) لمن يكبرني في السن كطريقة للتعبير عن الاحترام ؟ وهذه الطريقة هي عادة متفشية في بلدتي ، فهل يجب عليَّ أن أطيع والد السيدة التي أرغب في الزواج بها بممارسة كيفية الترحيب هذه ؟ ويصر الوالد على أنه لن يعطيني ابنته إن لم ( أنحنِ ) له وأنا أحييه .
وأنا في انتظار ردكم .

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

الأصل في التحية عند اللقاء أن تكون المصافحة باليد ، وإن كان هذا اللقاء بعد طول غياب أو بعد سفر فلا مانع من العناق والالتزام .
وفي كل الأحوال لا يجوز انحناء أحد الطرفين للآخر ، لا عند كل لقاء ولا بعد رجوع من سفر ، لا لمسلم ولا لكافر ، لا لملِك ولا لكبير ولا لقريب ؛ لأن الانحناء فيه ذلٌّ لا ينبغي أن يكون إلا لله تعالى ، وفيه مشابهة لفعل الأعاجم ، وفيه نص عن النبي صلى الله عليه وسلم لكن الحديث – وقد رواه الترمذي وابن ماجه وفيه ” الرجل يلقى أخاه أو صديقه أينحني له ؟ ” قال النبي صلى الله عليه وسلم ( لا ) ” .
وهذا الحديث حسنه الترمذي والألباني ، وأكثر أهل العلم على تضعيفه .

وقد تتابعت فتاوى العلماء على المنع من الانحناء عند اللقاء ، ويشتد المنع إذا ازداد الانحناء حتى صار قريباً من الركوع أو أدنى منه ، والفعل محرَّم إن قُصد به التحية ، لكنه إن كان ركوعاً أو سجوداً ويراد به تعظيم ذلك المخلوق كتعظيم الله فيكون فاعله كافراً مرتدّاً .
1. قال شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله – :
“وأما الانحناء عند التحية : فينهى عنه ؛ كما في الترمذي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنهم سألوه : عن الرجل يلقى أخاه ينحني له ؟ قال ( لا ) ، ولأن الركوع والسجود لا يجوز فعله إلا لله عز وجل ، وإن كان هذا على وجه التحية في غير شريعتنا كما قال في قصة يوسف ( وَخَرُّوا لَهُ سُجَّدًا وَقَالَ يَا أَبَتِ هَذَا تَأْوِيلُ رُؤْيَايَ مِنْ قَبْلُ ) ، وفي شريعتنا : لا يصلح السجود إلا لله ، بل قد تقدم نهيه عن القيام كما تفعل الأعاجم بعضها لبعض ، فكيف بالركوع والسجود ؟! وكذلك ما هو ركوع ناقص ، يدخل في النهي عنه” .انتهى من” فتيا في حكم القيام والانحناء والألقاب ” لابن تيمية ، تحقيق : الشيخ الوليد بن عبد الرحمن الفريان ، ” مجلة البحوث الإسلامية ” ( 20 / 297 ) .
وقال – رحمه الله – :
“وأما كشف الرءوس والانحناء : فليس من السنة ، إنما هو مأخوذ عن عادات بعض الملوك والجاهلية ، والمخلوق لا يسأل كشف رأس ، ولا ركوع له ، وإنما يركع لله في الصلاة ، وكشف الرءوس لله في الإحرام” .انتهى من” مجموع الفتاوى ” ( 11 / 554 ) .
2. وقال سليمان البجيرمي الشافعي – رحمه الله – :
“والحاصل : أن الانحناء لمخلوق كما يفعل عند ملاقاة العظماء : حرام عند الإطلاق ، أو قصد تعظيمهم لا كتعظيم الله ، وكفرٌ إن قصد تعظيمهم كتعظيم الله تعالى” .انتهى من” تحفة الحبيب على شرح الخطيب ” ( 5 / 110 ) .
3. وسئل علماء اللجنة الدائمة :
ما حكم انحناء الرأس لمسلم عند التحية ؟ .
فأجابوا :
“لا يجوز لمسلم أن يحني رأسه للتحية ، سواء كان ذلك لمسلم أو كافر ؛ لأنه من فعل الأعاجم لعظمائهم ، ولأنه شبيه بالركوع ، والركوع تحية وإعظاما لا يكون إلا لله “.
الشيخ عبد العزيز بن باز ، الشيخ عبد الرزاق عفيفي ، الشيخ عبد الله بن غديان ، الشيخ عبد الله بن قعود . انتهى من” فتاوى اللجنة الدائمة ” ( 26 / 116 ) .
4. وسئل الشيخ محمد بن صالح العثيمين – رحمه الله – :
بعض الناس عندما يقابل أحداً أكبر منه منزلة أو رتبة فإنه يخضع له ويطأطئ رأسه يعني : تكريماً , فما رأيكم ؟ .
فأجاب :
“رأينا في هذا أنه لا يجوز ؛ لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم منع من ذلك , فلا يحل لأحد أن يحني ظهره إلا لله رب العالمين , وأما المخلوق : فلا تحني ظهرك له , وأقبح من ذلك : أن يسجد له ؛ فإن السجود للمخلوق تعظيماً وتذلُّلاً : من الشرك المخرج عن الملة – نسأل الله العافية – ، وأما الانحناء : فإنه حرام , لكن لا يصل إلى حد الشرك” .انتهى من” لقاء الباب المفتوح ” ( 104 / السؤال رقم 4 ) .
5. وانظر فتوى مفصلة للشيخ عبد العزيز باز رحمه الله في المسألة في جواب السؤال رقم ( 133487 ) .

ومما سبق يتبين أن الفعل المنتشر في بلادكم ـ ” نيجيريا ” ـ أو غيرها ، من الانحناء عند اللقاء لكبير في السنِّ أو القدْر : لا يحل بحال .
وما أقبح أن يحني الرجل رأسه ، ويقع في معصية ربه ، لأجل امرأة يريد أن يتزوجها ، أو حظ من الدنيا يريد أن يظفر به !!

والله أعلم

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر

الإسلام سؤال وجواب

answer

موضوعات ذات صلة

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android