لم يثبت عن الرسول صلى الله عليه وسلم ما يدل على استحباب هاتين الركعتين ، وإنما وردت عن بعض الصحابة ، فمن صلاهما أو تركهما فلا حرج عليه .
قال الشيخ الألباني رحمه الله :
" ويستحب لهما أن يصليا ركعتين معا ؛ لأنه منقول عن السلف . وفيه أثران :
الأول : عن أبي سعيد مولى أبي أسيد قال :
" تزوجت وأنا مملوك فدعوت نفرا من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فيهم ابن مسعود وأبو ذر وحذيفة . قال : وعلموني فقالوا :
" إذا دخل عليك أهلك فصل ركعتين ثم سل الله من خير ما دخل عليك وتعوذ به من شره ، ثم شأنك وشأن أهلك " .
رواه ابن أبي شيبة في "المصنف" (3/401) ، وعبد الرزاق في "المصنف" (6/191) وسنده صحيح إلى أبي سعيد ، وهو مستور .
الثاني : عن شقيق قال :
" جاء رجل يقال له : أبو حريز فقال : إني تزوجت جارية شابة ( بكرا ) وإني أخاف أن تفركني ( يعني تبغضني ) فقال عبد الله بن مسعود : " إن الإلف من الله والفرك من الشيطان ، يريد أن يكره إليكم ما أحل الله لكم ، فإذا أتتك فأمرها أن تصلي وراءك ركعتين " .
أخرجه رواه ابن أبي شيبة في "المصنف" (3/402) وسنده صحيح " انتهى مختصرا .
"آداب الزفاف" (ص 22-24) .
وقد روى البزار (2530) عن سلمان رضي الله عنه ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( إذا تزوج أحدكم امرأة فكان ليلة البناء ، فليصل ركعتين ، وليأمرها فلتصل خلفه ركعتين ، فإن الله جاعل في البيت خيرا ) ورواه الطبراني في الكبير (6067) مطولا ، قال الهيثمي : " في إسنادهما الحجاج بن فروخ وهو ضعيف " .
"مجمع الزوائد" (4 /535) .
وقال الذهبي : " هذا حديث منكر جدا " .
"ميزان الاعتدال" (1 /464) .
وسئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :
ما هو ضابط السنة في الدخول على الأهل ليلة الفرح ؛ لأنه أشكل على كثير من الناس أنه يقرأ سورة البقرة ويصلي ، وهذه عادة منتشرة الآن عند كثير من الناس ؟
فأجاب :
" إذا دخل الرجل على زوجته أول ما يدخل فإنه يأخذ بناصيتها – يعني : مقدم رأسها – ويقول : ( اللهم إني أسألك خيرها وخير ما جبلتها عليه ، وأعوذ بك من شرها وشر ما جبلتها عليه )
وأما صلاة ركعتين عند دخوله الغرفة التي فيها الزوجة فقد ورد عن بعض السلف أنه كان يفعل ذلك ، فإن فعله الإنسان فحسن وإن لم يفعله فلا حرج عليه، وأما قراءة البقرة أو غيرها من السور فلا أعلم له أصلاً " انتهى .
"لقاء الباب المفتوح" (52 /11) .
- وهاتان الركعات تؤديان كما تؤدى أي ركعتين ، فلا تخصيص فيهما بقراءة أو ذكر أو دعاء .
وعدم الإتيان بهاتين الركعتين ليلة البناء لا يؤثر على الزواج ، فصلاتهما ليستا الواجبات المتحتمة ولا من السنة المؤكدة ، لعدم ثبوت ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم .
وحيث إنه مر على زواجكما شهران فلا يستحب لكما فعلهما الآن ؛ لأنها عبادة فاتت بفوات سببها .
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :
" النوافل ذوات الأسباب كتحية المسجد وصلاة الكسوف لا تقضى إذا فات سببها ، فصلاة الكسوف مثلا إذا زال الكسوف وانجلت الشمس أو القمر فإنها لا تقضى ، وكذلك تحية المسجد إذا جلس الإنسان وطال الجلوس فإنه لا يقضيها لأنها فاتت عن وقتها .
فالنوافل ذوات الأسباب إذا فاتت أسبابها لا تقضى ؛ لأنها مربوطة بسببها ، فإذا تأخرت عنه لم تكن فعلت من أجله فلا تقضى " انتهى ملخصا .
"فتاوى نور على الدرب" - لابن عثيمين (127 /26-27) .
والله أعلم .