إذا وعدتكم الشركة زيادة في الأجر أو مكافأة على عمل إذا أنجزتموه ، فأنجزتموه على الوجه المطلوب فقد استحققتم ما وعدتكم به ؛ لقوله تعالى : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ ) المائدة/1 ، وقوله : ( وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْئُولًا ) الإسراء/34 .
ولقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( الْمُسْلِمُونَ عَلَى شُرُوطِهِمْ ) رواه أبو داود (3594) وصححه الألباني في "صحيح أبي داود" .
وقوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( أَعْطُوا الْأَجِيرَ أَجْرَهُ قَبْلَ أَنْ يَجِفَّ عَرَقُهُ ) رواه ابن ماجة (2443) ، وصححه الألباني في "صحيح ابن ماجة" .
قال السندي رحمه الله :
" أَيْ يَنْبَغِي الْمُبَادَرَةُ فِي إِعْطَاء حَقّه بَعْد الْفَرَاغ مِنْ الْحَاجَة " انتهى .
وجاء في "الموسوعة الفقهية" (12 /223) :
" وَالأَْمْرُ بِإِِعْطَائِهِ قَبْل جَفَافِ عَرَقِهِ إِنَّمَا هُوَ كِنَايَةٌ عَنْ وُجُوبِ الْمُبَادَرَةِ عَقِبَ فَرَاغِ الْعَمَل ، إِِذَا طَلَبَ ، وَإِِنْ لَمْ يَعْرَقْ ، أَوْ عَرِقَ وَجَفَّ " انتهى .
وإذا قصرت الشركة في إعطاء هذا الحق لأصحابه ، أو أخرته من غير عذر ، فإن ذلك لا يعني أنه يجوز للموظفين بها الغش والكذب من أجل الحصول على حقهم فإن ذلك يفتح باباً من الشر والفساد قد لا يمكن إغلاقه ، وتنعدم الثقة بين الموظفين وأصحاب الأعمال .
فعليكم بمناصحة المسؤولين في الشركة والمطالبة بحقكم ، والصبر حتى يأتي الله بالفرج من عنده ، وإذا كان عندكم أوراق تثبت حقكم فلا مانع من رفع الأمر إلى القضاء الشرعي .
وقد سئلت اللجنة الدائمة للإفتاء :
أعمل في محل للبقالة ، ومنذ شهور لم أحصل على مرتبي ، وعندما أطلب منهم راتبي الشهري يقولون : إن شاء الله ، ولا يدفعون الراتب إلا كل أربعة أشهر أو ستة ، أو بعد انتهاء عملك وسفرك إلى بلدك تأخذ راتبك كاملا ، هل يجوز أن آخذ راتبي من البقالة شهريا بدون علمهم ، وعند انتهاء عقد عملي معهم أعلمهم أنني حصلت على مرتبي من البقالة ، ولا أطالبهم بعد ذلك بشيء ؛ وذلك لضرورة إرسال فلوس لأهلي شهريا ؛ ولأن هذا الوضع يعرض أهلي في بلدي للضرر الشديد ، ومساءلة الناس ، بل وربما يؤدي الأمر بأهلي إلى أخذ موقف غير طيب مني ، ظنا منهم أن هذا تساهل مني ، علما بأنه ليس لهم عائل سواي . فأجابوا :
" لا يجوز لك أخذ راتبك من البقالة التي تشتغل فيها بدون علم صاحبها وإذنه لك بذلك ، وعليك بمطالبة كفيلك بمرتبك إذا احتجت إليه ، فإن أبى فإنك تقوم برفع شكايتك إلى الجهة المختصة لتلزمه بذلك " انتهى .
"فتاوى اللجنة الدائمة" (15 /144-145) .
وسئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :
أعمل عند شخصٍ بمرتبٍ شهري ، ومع أنني أقوم بواجبي بشكلٍ كامل يقوم هذا الشخص بتأخير المرتب المستحق أكثر مما هو متعارفٌ عليه ثلاثة شهور أو أربعة شهور ، ويتذرع بأن ليس لديه ما يدفع ، مع العلم بأني سمعت من بعض العمالة عنده بأنه لا يعطي من هو مستحق في ذمته بشكلٍ كامل ، فهل يجوز أن آخذ أجري من دون علمه من باب الحيطة ؟
فأجاب : " لا يحل لإنسان إذا ظلمه أحد ولم يوفه حقه أن يأخذ من ماله بغير علمه ؛ لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال ( أدّ الأمانة إلى من ائتمنك ولا تخن من خانك ) وأخذه بلا علمه خيانة ، إلا في النفقة فقط ؛ فإن للذي له النفقة إذا لم يقم بها من تجب عليه أن يأخذ من ماله بغير علمه " انتهى .
"فتاوى نور على الدرب" (231 /22-23) .
والله أعلم .