0 / 0
78,31625/06/2010

الجواب عن حديث عبادة بن الصامت الذي يدل ظاهره على أن تارك الصلاة لا يكفر

السؤال: 152359

قرأت فتوى على موقعكم تقول : إن من ترك الصلاة إهمالاً وتساهلاً فإنه مرتد ، بينما وجدت حديثاً على ما يبدو أنه يتعارض مع ما أفتيتم به… ( خمس صلوات افترضهن الله ، من أحسن وضوءهن وصلاهن لوقتهن ، وأتم ركوعهن ، وخشوعهن كان له عند الله عهد أن يغفر له، ومن لم يفعل فليس له عند الله عهد، إن شاء غفر له وإن شاء عذبه ) رواه مالك وأبو داود والنسائي وابن حبان ، وصححه العديد من الأئمة.
فالذي نعرفه أن الله لا يغفر للكافر ، والمرتد كافر ؛ إذاً فكيف يُحمل قوله في هذا الحديث : ( إن شاء غفر له وإن شاء عذبه ) ؟

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

هذا الحديث رواه أبو داود (425) ، وأحمد (22196) عن عبادة بن الصامت رضي الله عنه قال : سمعت رسول الله عليه وسلم يقول : ( خَمْسُ صَلَوَاتٍ افْتَرَضَهُنَّ اللَّهُ تَعَالَى ، مَنْ أَحْسَنَ وُضُوءَهُنَّ وَصَلَّاهُنَّ لِوَقْتِهِنَّ ، وَأَتَمَّ رُكُوعَهُنَّ وَخُشُوعَهُنَّ ، كَانَ لَهُ عَلَى اللَّهِ عَهْدٌ أَنْ يَغْفِرَ لَهُ ، وَمَنْ لَمْ يَفْعَلْ ، فَلَيْسَ لَهُ عَلَى اللَّهِ عَهْدٌ ، إِنْ شَاءَ غَفَرَ لَهُ ، وَإِنْ شَاءَ عَذَّبَهُ ) ، وصححه الألباني رحمه الله في “صحيح سنن أبي داود ” .
قوله صلى الله عليه وسلم : (إن شاء غفر له) أخذ به من يرى عدم كفر تارك الصلاة ، فقالوا : لو كان تارك الصلاة كافراً لما دخل تحت المشيئة .
ولكن .. أجيب عن هذا الاستدلال بما يلي :
1. أن قوله عليه الصلاة والسلام : (ومن لم يفعل) راجع إلى ما تقدم أي : من لم يفعل الصلوات الخمس على النحو المتقدم بأن يصليهن لوقتهن وقد أتم ركوعهن وخشوعهن وأحسن وضوءهن ، فمن لم يفعل ذلك بأن أخل بشيء مما تقدم كأن يؤخر الصلاة عن وقتها أو لا يتم خشوعها أو ركوعها أو نحو ذلك فإنه تحت مشيئة الله تعالى .
وعلى هذا ، فالمقصود بالحديث من يصلي ، غير أنه لا يؤدي الصلاة كاملة .
وقد جاء الحديث بلفظ المحافظة على الصلاة ، فروى ابن ماجة (1403) عن أبي قتادة بن ربعي رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : ( قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ : افْتَرَضْتُ عَلَى أُمَّتِكَ خَمْسَ صَلَوَاتٍ وَعَهِدْتُ عِنْدِي عَهْدًا أَنَّهُ مَنْ حَافَظَ عَلَيْهِنَّ لِوَقْتِهِنَّ أَدْخَلْتُهُ الْجَنَّةَ ، وَمَنْ لَمْ يُحَافِظْ عَلَيْهِنَّ فَلَا عَهْدَ لَهُ عِنْدِي ) ، وحسنه الشيخ الألباني في “صحيح سنن ابن ماجة” .
وقد بيَّن شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله أن المحافظة على الصلاة هي فعلها في وقتها كما أمر الله ، وأن عدم المحافظة عليها هي فعلها بعد وقتها ، وهو المراد بإضاعة الصلاة في قوله تعالى : ( فخلف من بعدهم خلف أضاعوا الصلاة ) وأما ترك الصلاة فهو عدم الصلاة ، لا في الوقت ، ولا بعد الوقت ، ثم قال رحمه الله : ” وإذا عرف الفرق بين الأمرين ، فالنبي صلى الله عليه وسلم إنما أدخل تحت المشيئة مَنْ لم يحافظ عليها ، لا مَنْ ترك ، ونفيُ المحافظة يقتضي أنهم صلوا ولم يحافظوا عليها ، ولا يتناول من لم يحافظ [ كذا في مجموع الفتاوى ، ولعل الصواب : ولا يتناول من لم يصل ] ، فإنه لو تناول ذلك قتلوا كفارا مرتدين بلا ريب ” انتهى من “مجموع الفتاوى” (7/ 615) .
2. أنه يحتمل أن قوله صلى الله عليه وسلم : ( ومن لم يفعل … ) أي : من لم يصل كل صلاة ، ولكن كان يصلي أحياناً ويترك الصلاة أحياناً .
قال الشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله في “الشرح الممتع” (2/34) : ” هناك أحاديث تُعارض الأحاديثَ الدَّالة على الكفر …. ، ومن ذلك ما يكون مشتبهاً لاحتمال دلالته ، فيجب حمله على الاحتمال الموافق للنصوص المحكمة ، كحديث عُبادة بن الصَّامت رضي الله عنه : ( خمسُ صلوات ؛ افترضهُنَّ اللَّهُ تعالى، مَنْ أحسن وضوءَهُنَّ ، وصَلاَّهُنَّ لوقتهنَّ ؛ وأتمَّ رُكوعَهُنَّ وخُشوعَهُنَّ ، كان له على الله عهدٌ أن يغفرَ له ، ومَنْ لم يفعلْ ؛ فليس له على الله عهد ٌ، إن شاء غَفرَ له ، وإن شاء عَذَّبه ) ، فإنه يحتَمِلُ أن يكون المراد به: من لم يأتِ بهنَّ على هذا الوصف ، وهو إتمام الركوع والسجود والخشوع .
ويحتمل أن يكون : لم يأتِ بهنَّ كلِّهنَّ ، بل كان يُصلّي بعضاً ويترك بعضاً .
ويحتمل أن يكون : لم يأتِ بواحدةٍ منهنّ ، بل كان يَتركهُنَّ كلَّهنَّ .
وإذا كان الحديث محتملاً لهذه المعاني كان من المتشابه ، فيُحمل على الاحتمال الموافق للنُّصوص المحكمة ” انتهى بتصرف يسير .

وللفائدة ينظر جواب السؤال رقم : (5208) ، ورقم : (2182) .

والله أعلم

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر

الإسلام سؤال وجواب

answer

موضوعات ذات صلة

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android