أولا :
عمليات التجميل نوعان : نوع تقتضيه الضرورة والحاجة ، وهي التي تجرى لإزالة العيوب الخلقية ، أو علاج التشوهات الناشئة عن الحروق والحوادث والآفات المرضية وغير ذلك ، فهذا النوع جائز ؛ لما رواه أبو داود (4232) والترمذي (1770) وحسنه عَنْ عَرْفَجَةَ بْنِ أَسْعَدَ رضي الله عنه قَالَ : أُصِيبَ أَنْفِي يَوْمَ الْكُلَابِ فِي الْجَاهِلِيَّةِ فَاتَّخَذْتُ أَنْفًا مِنْ وَرِقٍ فَأَنْتَنَ عَلَيَّ فَأَمَرَنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ أَتَّخِذَ أَنْفًا مِنْ ذَهَبٍ . وقال الترمذي عقبه : " وَقَدْ رَوَى غَيْرُ وَاحِدٍ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ أَنَّهُمْ شَدُّوا أَسْنَانَهُمْ بِالذَّهَبِ ، وَفِي الْحَدِيثِ حُجَّةٌ لَهُمْ " .
والنوع الثاني : ما كان لطلب الرشاقة والتحسين ومجرد التجميل كعمليات تجميل الأنف وتصغيره وشد تجاعيد الوجه ونحو ذلك ، فهذا لا يجوز ؛ لأنه من تغيير خلق الله ، ولما يتضمنه من الغش والتدليس ، وما يعقبه من أضرار ومضاعفات نفسية وجسدية لغير حاجة ، وما يلزمه من كشف العورات لغير حاجة .
وقد روى البخاري (4886) ومسلم (2125) عن ابن مسعود رضي الله عنه عن النبيِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( لَعَنَ اللَّهُ الْوَاشِمَاتِ وَالْمُسْتَوْشِمَاتِ وَالنَّامِصَاتِ وَالْمُتَنَمِّصَاتِ وَالْمُتَفَلِّجَاتِ لِلْحُسْنِ الْمُغَيِّرَاتِ خَلْقَ اللَّهِ ) .
فجمع بين تغيير الخلقة وطلب الحسن ، وهذان المعنيان موجودان في الجراحة التجميلية التحسينية .
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :
" ما كان لإزالة عيب فلا بأس به مثل أن يكون في أنفه اعوجاج فيعدله أو إزالة بقعة سوداء مثلاً فهذا لا بأس به ، أما إن كان لغير إزالة عيب كالوشم والنمص مثلاً فهذا هو الممنوع " انتهى .
"فتاوى ورسائل ابن عثيمين" (11 / 93)
يراجع للاستزادة جواب السؤال رقم : (34215) ، (47694)
ثانيا :
إذا كان المراد من هذه الجراحة هو إعادة التوازن للساقين ، وذلك بزيادة شحمها لتتناسب مع الساق الأخرى ، فالظاهر أن هذا من باب إزالة العيب ، ولا حرج فيه إن شاء الله ، خاصة إذا كانت نحافة هذه الساق بينة ، وتسبب شينا ظاهرا .
وإما إذا كانت الساقان نحيفتين جميعا ، وكان المراد زيادة شحمهما ؛ فهذا يتوقف على مقدار النحافة فيهما ؛ فإن كانت نحافة غير معتادة ، بحيث تعد حالة مرضية ، وعيبا خلقيا ، أو كان وضعهما الحالي يسبب ضررا للبدن ، أو يعوق حركتهما الطبيعية : فلا حرج في إجراء هذه العملية ، لأجل ذلك المقصد ، إن شاء الله ؛ ما دام المقصود الأصلي هو إزالة الضرر ، أو العيب الخلقي في الساقين ، وليس المقصود الأصلي بذلك هو مجرد التجميل .
وأما إن كانت نحافة الساقين مما يعتاد مثله ، ولا ضرر في بقائهما على حالهما ، ولم يكن فيهما شين ظاهر ، فلا يجوز إجراء هذه العملية لأجل التجميل ، وزيادة الحسن .
ثالثا :
إذا كانت الحالة مما تبيح إجراء عملية التجميل شرعا : فلا يجوز الإقدام على هذه الجراحة ، إلا بنصيحة الطبيب الثقة الماهر بذلك التخصص ؛ فإن رأى أنه لا نفع فيها ، أو أنه سيترتب على هذه الجراحة أضرار أخرى بالبدن : فلا يجوز إجراء هذه الجراحة ـ شرعا ـ والحالة هذه ؛ لأنه خلاف الأصل في عدم تغيير شيء في بدن الإنسان وخلقته ، وليس هناك مصلحة راجحة تبيح ذلك .
وإذا اختلف كلام الأطباء ، فالواجب أن تأخذ بكلام الأعلم ، والأوثق ، وأن تتمهل في ذلك ، ولا تتعجل بالإقدام على هذه العملية ، إلا بما قلنا من ترجيح الأطباء الثقات ، أو أوثقهم ، وأكثرهم إذا اختلف كلامهم .
وحيث لم يتبين لك شيء قوي في الترجيح بين كلامهم ، فالأصل عدم الإقدام على مثل هذه الجراحة .
والله أعلم .