أولاً:
ثمة مقدمات لا بد من الحديث معك حولها فنرجو أن تنتبهي لما نقوله لك :
1. نحن نراعي أنك تعيشين في بلاد منحلة من حيث الأخلاق ، ويباح فيها ما هو محرَّم في الشرع ، ووصلت بها حالهم – ذكوراً وإناثاً - إلى ركوب الدراجات الهوائية في الشارع أمام الناس وهم عراة ! وتأثر الإنسان من البيئة حوله لا يُنكر ، ولذا جاء التشديد في الإقامة بين أظهر المشركين ومثلهم المنحلين أخلاقيّاً ، ونرى أنك لو كنتِ في بيئة طاهرة محافظة لما صدر منك مثل هذا .
2. نأسف أن يكون في استفساركِ ما فيه خروج عن السؤال والاستفسار إلى الطعن في شرع الله وفي حكمته ، وفي التفريق بين الإيمان بالله تعالى وبين تشريعات الإسلام ، وما تشريعات الإسلام إلا من الله تعالى أصلاً ، فهي منه لا من غيره ، فكان الأولى أن تخرج مثل تلك الاعتراضات على هيئة أسئلة يراد من ذِكرها إزاحة الشبهات ، لا أن تكون بمثل ذلك الأسلوب .
3. قد حصل عندكِ خلط بين أحكام الإسلام وتصرفات المسلمين ، فشرائع الإسلام مطهرة ، شرعها الله تعالى ليُصلح بها العباد والبلاد ، وما يخالف فيه المسلمون شرع ربهم فإنما يُنسب لهم لا لدينهم ، فدين الله تعالى لا يجيز للذكر شرب الخمر ، ولا مصاحبة الفتيات الأجنبيات ، ولا يجيز له الزنا ، فكيف تنسبين تلك الموبقات والكبائر التي يفعلها الشباب التائه لشرع الله تعالى أنه يجيزها لهم ويحرمها على الإناث ؟! لقد أخطأتِ وخلطتِ ، أخطأتِ نسبة أفعالهم للشرع ، وخلطتِ حينما اعتقدت أن تلك الأفعال مباحة للذكور دون الإناث .
ثانياً:
لقد قلتِ في سؤالك كلمات منكرة ، وهي غاية في الظلم والعدوان ، وفي قولها خطر على دينك ، فيلزمك التوبة منها والندم عليها ، ومن أعظمها قولك " لماذا يقول الناس إن الإسلام هو أعظم دين على وجه البسيطة إذا كان قاسيا ، وغير عادل ؟ " فهذه كلمات لو قالها من يعقل معناها لكانت كلمات ردَّة في حقِّه ! ففيها سبٌّ لله تعالى ؛ وهو قول عظيم - ولعل عذرك أن يكون خلطكِ بين تشريعات الله تعالى وأفعال بعض المسلمين - فالإسلام هو دين الله تعالى ، وهو الذي شرعه ، وهو الذي أوحى به لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم ، قال تعالى ( إِنَّ الدِّينَ عِندَ اللَّهِ الإِسْلاَمُ ) آل عمران/ 19 ، وقال تعالى ( وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلاَمِ دِينًا فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ ) آل عمران/ 85 .
واتهام الإسلام بعدم العدل والقسوة من أبطل الباطل ، قال تعالى – في نقض التهمة الأولى - ( إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاء ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ ) النحل/ 90 ، وقال تعالى – في نقض التهمة الأخرى – ( يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلاَ يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ ) البقرة/ 185 .
( فَمَاذَا بَعْدَ الْحَقِّ إِلَّا الضَّلالُ ) يونس/ 32 .
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( إِنَّ اللَّهَ لَمْ يَبْعَثْنِي مُعَنِّتًا وَلَا مُتَعَنِّتًا وَلَكِنْ بَعَثَنِي مُعَلِّمًا مُيَسِّرًا ) رواه مسلم (1478) .
وعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ : قِيلَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : أَيُّ الْأَدْيَانِ أَحَبُّ إِلَى اللَّهِ ؟ قَالَ : ( الْحَنِيفِيَّةُ السَّمْحَةُ ) رواه أحمد (2108) وحسنه الألباني .
ثالثاً:
الأصل في الأوامر والنواهي أنه لا فرق فيها بين الذكور والإناث ، ومع عدم الحاجة للتنبيه على ذلك في كل الأحكام ، إلا أننا وجدنا الله تعالى قد نصَّ في بعض المناهي الشرعية على ذِكر الجنسين ، وهو توكيد لما نقوله من أنه لا فرق – في الأصل – بين الجنسين وخاصة في النواهي الشرعية ، ومن الأمثلة على ذلك :
1. قال تعالى ( وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُواْ أَيْدِيَهُمَا جَزَاء بِمَا كَسَبَا نَكَالاً مِّنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ ) المائدة/ 38 .
2. وقال تعالى ( الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا مِئَةَ جَلْدَةٍ وَلا تَأْخُذْكُم بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ ) النور/ 2 .
3. وقال تعالى ( قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ . وَقُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ ... ) النور/ 30 ، 31 .
ثم نقول لك أيضا ـ أيتها السائلة الحائرة ـ : إن هناك من الأشياء ما هو محرم على الرجال ، ومباح للنساء ، لأنه يناسب طبيعة النساء ، ولا يناسب الرجال .
عَنْ أَبِي مُوسَى الأشعري رضي الله عنه ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ أَحَلَّ لِإِنَاثِ أُمَّتِي الْحَرِيرَ وَالذَّهَبَ ، وَحَرَّمَهُ عَلَى ذُكُورِهَا ) .
رواه أحمد (19148) والنسائي (5265) وصححه الألباني .
ثم نقول لك أيضا : إن طبيعة الخلقة الخاصة بكل من الجنسين ، إذا اقتضت تفاوتا في بعض الأحكام ، فإن الأجر والثواب والمنزلة عند الله ، يتلاشى فيه ذلك كله ؛ ويبقى لكل عامل منهما عمله ، بحسب حاله ، فلا ظلم له من حقه فيبخس ما عمل ، ولا يؤاخذ بأمر لم يعمله :
قال الله تعالى : ( وَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلا يُظْلَمُونَ نَقِيراً ) النساء/124 . وقال تعالى : ( مَنْ عَمِلَ سَيِّئَةً فَلا يُجْزَى إِلَّا مِثْلَهَا وَمَنْ عَمِلَ صَالِحاً مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ يُرْزَقُونَ فِيهَا بِغَيْرِ حِسَابٍ ) غافر/40.
فهل هذا كافٍ لك لتعلمي مدى خطئكِ في اعتقادك أن المحرمات تباح للذكور دون الإناث ؟! ومنه تعلمين أن قولك " لماذا يصح للولد الخروج ويعود وهو مخمور ولا يستطيع المشي وينام مع ملايين الفتيات المختلفات ؟ " : لا أساس له من الصحة ، فالخمر والزنا من كبائر الذنوب ، ولا فرق فيهما بين الذكور والإناث ، وكلاهما – لو فعلهما – يستحق الإثم والحد ، وأما تفريق كثير من الناس بين السماح لأبنائهم في فعل ذلك دون بناتهم : فهذا من تزيين الشيطان لا من تشريع الرحمن !
وهل من العقل والحكمة ، وهل من العدل والإنصاف في شيء أن تجعلي أفعال الفساق والفجار ، وقذارة المخمورين والزناة ، حكما على دين رب العالمين ؟!
رابعاً:
قولك " بعض المسلمين يرون أنه من الطبيعي أن تتزوج الفتاة وهي في سن الخامسة عشرة لرجل في سن الثلاثين ولم تقابله من قبل ، فلماذا هذا طبيعي ؟ "
هذا الكلام : فيه تجنٍّ ، وظلم للحقيقة التي تريدين محاكمتها .
فاعلمي ـ أيتها السائلة ـ ما نذكره لك :
1. لن يحصل نكاحٌ من ابن الثلاثين لابنة الخامسة عشرة ، ولا من ابن ما شئت من السنين ، لابن من شئت ، إلا بموافقتها ! فما الذي يضيرك أنتِ لو تقدم لك رجل في هذه السن ، وأنت في سنك التي أنت فيها ، ثم قبلت به ، ورغبت فيه ، وتولى ولي أمرك تنفيذ ذلك ؟! وماذا لو كانت بنت ثلاثين ، وهو ابن خمس وأربعين ؟! وماذا ، وماذا ؟! وعدم مقابلتها لهذا الزوج من قبل لا يعني شيئاً ، فالأمر لها إن شاءت وافقت عليه بعد السؤال عنه والاستفسار عن حاله وإن شاءت رفضته .
ثم إن مقابلتها له من قبل – كما يحصل في عالَم المخالفين للشرع من أصحاب العلاقات المحرَّمة – لا يعني أن زواجهما سيكون سعيداً ، بل إن أغلب ما تسمعينه من ضرب الأزواج لزوجاتهم وقتل الزوجات لأزواجهن والطلاق والفراق والخيانات الزوجية : كل ذلك – في العالَم الذي تعيشين فيه وأمثاله – هو يجري بين زوجين تعارفا من قبل والتقيا بل وفي كثير من الأحوال يكون وُلد لهما أولاد ! فهل كان ذلك اللقاء قبل الزواج نافعهم في شيء ؟! .
2. أنه كما يتزوج ابن الثلاثين من ابنة الخامسة عشرة : فقد يتزوج ابن العشرين من ابنة الثلاثين بل وابنة الأربعين ! فكان ماذا ؟! أليست العبرة بتوافقهما ورضاهما ؟ فما الذي يضير اختلاف العمر بين الزوجين ، وهل ثمة زواج كان أسعد من زواج النبي صلى الله عليه وسلم بخديجة وعائشة ؟! إن زواجه بخديجة رضي الله عنهما كان وهي تكبره بضعف عمره تقريباً ، وزواجه بعائشة كان وهو يكبرها بستة أضعاف تقريباً ، وهما زواجان من أنجح الزواجات في الأرض ، وكان الجميع في سعادة غامرة فيه ، فمتى كان فارق السن بين الزوجين بذاته مؤثراً بالسلب في الزواج ؟! .
خامساً:
وأما قولك " فلماذا عندما تخرج البنت وحدها وتريد قضاء أي شيء في حياتها لا تستطيع لأن الإسلام يمسك عليها ذلك ؟ " : ليس صواباً ؛ لأن الإسلام لا يمنع المرأة من الخروج وحدها للمسجد ، ولا للسوق ، ولا لبيت أهلها وأقربائها وجيرانها ، وإنما الممنوع أن تسافر وحدها من غير محرَم ، وما شُرع المحرَم في السفر إلا حماية لها من العابثين والطامعين بها ، ولعلَّكِ ترين في البلاد التي تعيشين فيها أن المرأة لا تأمن على نفسها الخروج وحدها للسوق ولا للعمل وهي تعلم بوجود ذئاب الشوارع بانتظارها ! فالإسلام عندما يشرِّع ما فيه حفاظ على المرأة لا يسيء لها ، بل هو يُعلي من شأنها ، ويقدرها غاية التقدير ، ويراعي جوانب ضعفها وحاجتها لغيرها ليقوم بصيانتها وحمايتها من العابثين والطامعين .
ثم إن كل عاقل يعلم أن المرأة أحوج إلى الحفظ والصيانة ، وأحوج إلى الرعاية من الرجل ، والبنت عاقبة انحرافها ، أو العدوان عليها أشد وأنكى ؛ فتزول بكارتها ، وتحمل جنينها ، ويتلوث شرفها تلوثا ظاهرا ، قد يجني عليها وعلى مستقبلها ، ويصعب أن تستتر به ، وأما الولد ؛ فمع أنه لا فرق بينه وبينها في عقوبة الشرع في الدنيا ، ولا في الجزاء في الآخرة ، إلا أنه ـ وفي أقل أحواله ـ يمكنه الاستتار بجرمه ، ولا يظهر عليه أثره وعاره . ثم ليس هو مظنة للعدوان عليه ، فهو الطالب المعتدي ، والبنت مطلوبة ، معتدى عليها ؛ فأيهما الأحق بالحفظ والصيانة ، والمراقبة والرعاية : ( لَوْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ ) .
سادساً:
وأما قولك " ولماذا لا يجوز للمرأة المسلمة أن تتزوج من غير المسلم عندما تقع في حبه ، ولكن هذا مناسب للولد أن يتزوج من المرأة غير المسلمة ؟ " : فعجيب منك ! وهل هذا قول تقوله من تؤمن بالله تعالى ربِّها ، وتكتب في تعريف نفسها أنها مسلمة ؟! فأين الإيمان باسم الله الحَكَم ، وأين الإيمان بصفة الحكمة لربك تعالى ؟ وأين الاستسلام لأوامره ونواهيه ؟ فها أنت الآن تريدين للمسلمة التي تقع في حب رجلٍ بوذي أو هندوسي أن تتزوجه ! وها أنت تعتقدين أن الإسلام يبيح للرجال التزوج بوثنية أو شيوعية أو بوذية ، وهذا ظن خاطئ ، ولم يُبَح للرجال المسلمين من الكافرات ، إلا ممن كانت من اليهود والنصارى ، ولا يحل لهم غير ذلك من أصحاب الديانات .
وأما المسلمة فحرام عليها تزوج أحد من أي دين آخر غير الإسلام ، وهي مسألة إجماع لا يخالف فيها أحد .
والعجيب أنك تريدين للمسلمة التزوج من أي كافر تقع في حبِّه ! بينما كثير من الكفار لا يزوجون بناتهم لمسلمين ولو وقعن في حبهم ! فالبوذيون والهندوس لا يزوجون بناتهم لمسلمين ! بل ثمة طوائف النصارى لا يتزوج بعضهم من بعض ! فكيف وقع لك أن الإسلام لا يحرص على المسلمة فيشرع لها التزوج بصاحب أي ديانة ليفتنها في دينها ؟! .
وانظر – للأهمية – جواب السؤال رقم ( 83736 ) .
سابعاً:
وأما قولك " ولماذا للرجل حق الاختيار بين النساء ولكن أحياناً لا يمكن ذلك للمرأة مطلقاً ؟ لماذا هذا الظلم الشديد ؟ " : فخطؤه واضح بيِّن ، وإنما المرأة تختار كما يختار الرجال ، بل قد تختار أكثر منه ! فالمرأة التي يخطبها الرجال لها أن توافق على من شاءت اختياره وترفض من عداه ، ففي حقيقة الأمر أنها اختارت من الرجال من يناسبها ، بينما قد لا يتيسر للرجل إلا أن يرى واحدة أو اثنتين ، فكل اختيار من الرجال هو في الواقع اختيار من المرأة ؛ لأن لها أن ترفضه .
ومن عادة المرأة أن تكون " مخطوبة " لا " خاطبة " ، أن تكون " منكوحة " لا " ناكحة " وأن تكون " مطلوبة " لا " طالبة " ، هذا أمر مغروز في فطرة بني آدم ، بل في فطرة الكائن الحي ، أن الأنثى عادة ما تكون مطلوبة .
ومع ذلك ، فلا مانع شرعاً إذا أعجبت المرأة برجل أن تبدي رغبتها بالتزوج منه ، لكن ذلك لا يتعدى هذا الأمر فهي لا تخطبه ولا تتزوجه ، بل هو الخاطب وهي المخطوبة ، وهو المتزوِّج وهي المزوَّجة .
ثامناً:
لتعلمي – أخيراً – أن الإسلام قد أكرم المرأة بنتاً وأماً وزوجة ، وأنه قد حفظ لها حقوقها المسلوبة منها ، وأنه في تشريعاته الجليلة قد راعى ضعفها وعاطفتها فشرع في حقها ما يصون عرضها ويحمي شرفها ، وما ترينه من ضياع الأعراض ، والتعدي على النساء بالتحرش والاغتصاب ، إنما هو بسبب سوء أخلاق الرجال الذين نزعت منهم الرحمة ، وخلا من حياتهم مراقبة الله تعالى ، وبسبب تبرج النساء وتهاونهن في الاختلاط والمصافحة والمزاملة والمراسلة ، ولو أن النساء يلتزمن شرع الله تعالى في لبساهن ، وفي عدم اختلاطهن بالرجال ، وعدم سفرهن وحدهن ، ويلتزمن بضوابط الشرع في المحادثة مع الرجال ، والنظر إليهم لانتهى فساد كبير عريض من المجتمعات .
قال ابن القيم - رحمه الله - :
ولا ريب أن تمكين النساء من اختلاطهن بالرجال : أصلُ كل بليَّة وشرٍّ ، وهو مِن أعظم أسباب نزول العقوبات العامة ، كما أنه من أسباب فساد أمور العامة والخاصة ، واختلاط الرجال بالنساء : سببٌ لكثرة الفواحش ، والزنا ، وهو من أسباب الموت العام والطواعين المتصلة .
" الطرق الحُكمية " ( ص 407 ) .
وانظري – للأهمية – جواب السؤال رقم ( 40405 ) .
فالنصيحة لك : أن تحذري من مزالق الشيطان ، وأن تعظمي ربك تعالى ، وتفتخري بدينك ، وتظهري التقدير لنبي الإسلام صلى الله عليه وسلم ، واعلمي أن الحياة ليست هي الجنس فقط حتى ينصب تفكيرك في عالَمه ، والإسلام كله مشرق ، وأحكامه كلها مصلحة للأفراد والمجتمعات في كل زمان وفي أي مكان ، والعقلاء من الغرب يدخلون في دين الله أفواجاً ليس مجاملة لأحد ، بل لما يرونه من عظمة تشريعاته ، وصلاحيتها لكل زمان ومكان ، وهؤلاء العقلاء قد فصلوا بين ما عرفوه عن الإسلام ، وبين ما يرونه من أفعال بعض من المسلمين ، فأعيدي النظر في أقوالك وقلبي النظر في أحكامك ، وسيتبين لك عظمة هذا الدين وأنك تعيشين في نعمة جليلة حُرمها مليارات من الناس .
والله أعلم