0 / 0
123,47714/07/2010

مات ابنه الصغير بمرض في بطنه فهل يكون شهيداً ويشفع لسبعين من أهله ؟

السؤال: 150012

مات ابني في سن الثالثة والنصف بسبب التهاب الصفاق والذي أصيب به نتيجة ثقب في الأمعاء ، فهل يعتبر ابني شهيداً ؟ وإذا كان كذلك ففي كم من أهله يشفع ؟ هناك معلومات قليلة عن موت الأطفال ، والآن أسأل الله أن يلهمني الصبر ، وأن يجمعني به في الجنة ، ولكنني بعد موته بقليل وفي بدء المصيبة كنت أتساءل كثيراً وأعارض موته ، فهل يعاقبني الله ؟ وأنا أعتقد أن في موته عقاباً لي .

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

أولاً:
نسأل الله تعالى أن يكتب لك أجراً جزيلاً على مصيبتك بفقدك ابنك ، وأن يخلفك خيراً منه ، والمؤمن يقابل ما يصيبه من ضرَّاء بالصبر والاحتساب ، فإن فعل ذلك : كتب له الأجر ، وإن سخط واعترض على قدر الله تعالى : أثم ، فنرجو الله أن يصبِّرك على مصيبتك ، وأن يرزقك الاحتساب عليها .
واعلمي ـ يا أمة الله ـ أن نعَم الله تعالى عليك أكثر من أن تحصيها عدّاً ، فأنت عاجزة عن شكرها قطعاً ، وهكذا كل الخلق مثلك في عجزهم ذلك ، وقد أعطاك الله تعالى أكثر مما أخذ منك ، وما أخذه فهو له ليس ملكا مستحقا لك ، وإنما هو محض فضل ونعمة من الله عليك ، ولو عقلت معنى قول المؤمن عند المصيبة ” إنا لله وإنا إليه راجعون ” : لتبين لك الأمر على حقيقته ، وأنك أنت وما تملكين ، بل والسموات وما فيها والأرض وما فيها : كلها لله تعالى ، فهو خالقها ومالكها والمتصرف فيها .
واعلمي ـ يا أمة الله ـ أن حزنك لن يرجع لك ابنك ، فعليك أن تسألي الله تعالى دوماً أن يصبِّرك ، واحذري من السخط على قدر الله تعالى ، فهو منكر ومحرَّم ؛ وربما أدى بصاحبه إلى الكفر بالله رب العالمين .
وينظر الكلام عن أجر من توفي له ولد فصبر عليه ، في جواب السؤال رقم (21434) .
وعن حكم التسخط على قدر الله تعالى ، ينظر جواب السؤال رقم (139751) .
ويراجع لمعرفة الكلام عن الابتلاء ، وموقف المؤمن منه ، جواب السؤال رقم (71236) ، ورقم (112905) .

ثانياً:
قد أكرم الله تعالى هذه الأمة في ثواب الشهداء في الآخرة ، فلم يجعل أجر الشهيد لمن يُقتل في المعركة فحسب ، بل جعله ـ أيضا ـ للمطعون – المقتول بمرض الطاعون – ، والمبطون – المقتول بداء في بطنه – ، وللغريق ، وصاحب الهدم ، وغيرهم ، وهؤلاء يغسَّلون ويكفنون ويصلَّى عليهم في الدنيا ، كغيرهم من موتى المسلمين ، غير أن لهم ثواب الشهداء يوم القيامة .
ويراجع تفصيل ما سبق في أجوبة الأسئلة : (45669) و (98575) و (10903) .
وفي جواب السؤال رقم (93015) أن الميت بسبب تعطل الجهاز الهضمي أنه من ضمن الشهداء الذين ينطبق عليهم وصف ” المبطون ” ، والنصوص التي ذكرت أنواع الشهداء عامة ، تشمل الصغير والكبير إن شاء الله ؛ فنرجو أن يكون ابنك منهم ، فيحصل ثواب الشهداء في الآخرة .

ثالثاً:
قد ذكر النبي صلى الله عليه وسلم خصالاً لشهيد المعركة ، منها أنه يشفع لسبعين من أهله ، والأظهر ، والله أعلم ، أن هذه الخصال لا يشترك فيها شهداء الآخرة معهم بها ، بل هي للنوع الأعلى والأسمى ، وهم شهداء الدنيا والآخرة .
وينظر جواب السؤال رقم (127714) .

عن الْمِقْدَامِ بْنِ مَعْدِي كَرِبَ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( لِلشَّهِيدِ عِنْدَ اللَّهِ سِتُّ خِصَالٍ : يُغْفَرُ لَهُ فِي أَوَّلِ دَفْعَةٍ ، وَيَرَى مَقْعَدَهُ مِنْ الْجَنَّةِ ، وَيُجَارُ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ ، وَيَأْمَنُ مِنْ الْفَزَعِ الْأَكْبَرِ ، وَيُوضَعُ عَلَى رَأْسِهِ تَاجُ الْوَقَارِ ، الْيَاقُوتَةُ مِنْهَا خَيْرٌ مِنْ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا ، وَيُزَوَّجُ اثْنَتَيْنِ وَسَبْعِينَ زَوْجَةً مِنْ الْحُورِ الْعِينِ ، وَيُشَفَّعُ فِي سَبْعِينَ مِنْ أَقَارِبِهِ ) .
رواه الترمذي ( 1663 ) وصححه .
قال الحافظ ابن حجر – رحمه الله – :
من اتصف بكونه شهيداً ، أعلى درجة ممن وعد بأنه يعطي مثل أجر الشهيد .
وقال :
فإن درجة الشهادة شيء ، وأجر الشهادة شيء .
” فتح الباري ” ( 10 / 194 ) .
وقال ابن قدامة – رحمه الله – :
شهيد معركة الكفار أجره أعظم ، وفضله أكثر ، وقد جاء أنه يشفع في سبعين من أهل بيته ، وهذا – أي : المقتول في معركة ضد البغاة – لا يلحق به في فضله فلا يثبت فيه مثل حكمه ؛ فإن الشيء إنما يقاس على مثله .
” المغني ” ( 10 / 57 ) .
وقال الشيخ عبد العزيز بن باز – رحمه الله – :
والشهداء أقسام ، لكن أفضلهم شهيد المعركة في سبيل الله عز وجل ، ومنهم المطعون ، الموت بالطاعون ، والمبطون الذي يموت بالإسهال في البطن ، وصاحب الهدم الذي يموت بالهدم ، يسقط عليه جدار أو سقف ، وفي حكمه من يموت بدهس السيارات ، وانقلاب السيارات ، وصدام السيارات ، هذا من جنس الهدم ، وكذلك الغرق ، كل هذه أنواع من الشهادة ، لكن أفضلهم : شهيد المعركة ، وهو الذي لا يُغسل ، ولا يصلَّى عليه ، أما البقية : فيُغسلون ويصلَّى عليهم ، وإن كانوا شهداء .
أما الشفاعة : فقد جاء الحديث الصحيح في شهيد المعركة ، إذا كان صابراً محتسباً مقبلاً غير مدبر ، هذا جاء في شهيد المعركة ، أما غيرهم : فالله أعلم ، لهم فضل ، ولهم خير ، ولكن كونهم يشفعون في كذا ، وكونهم يغفر لهم كل شيء : هذا محل نظر ، يحتاج إلى دليل خاص ، لكن لهم فضل الشهادة
” فتاوى نور على الدرب ” ( 4 / 338 ، 339 ) ، وأصله : ( شريط 613 ) .
وهذا هو ما رجحه الشيخ ابن عثيمين رحمه الله أيضا ، في شرحه لصحيح مسلم ” كتاب الجهاد ( شريط رقم 13 ) .

رابعاً:
مع ما سبق فإننا نبشرك أن أطفال المسلمين لهم شفاعة عند الله لوالديهم ، فنرجو أن يقبل الله شفاعة ابنك بك وبأمه ، وأن تدخلوا الجنة جميعاً .
عن أبي حسان قال : قلتُ لِأَبِي هُرَيْرَةَ : إنَّه قَدْ مَاتَ لِي ابنانِ ، فَمَا أَنْتَ مُحَدِّثِي عَنْ رَسُولِ اللهِ بِحَدِيْثٍ تُطَيِّبُ بِهِ أَنْفُسَنَا عَنْ مَوْتَانَا ؟ قالَ : نَعَمْ ، صِغَارُهُم دَعَامِيْصُ الجَنَّةِ ، يَتَلَقَّى أَحَدُهُم أَبَاهُ – أَوْ قَالَ أَبَوَيْهِ – فَيَأْخُذُ بِثَوْبِهِ – أَوْ قَالَ بِيَدِهِ – كَمَا آخُذُ أَنَا بِصَنَفَةِ ثَوْبِكَ هذا ، فَلَا يَتَنَاهَى حتى يُدخِلَه اللهُ وَأَبَاهُ الجَنَّةَ .
رواه مسلم ( 2635 ) .
وانظر تفصيلاً وافياً في حال الطفل المسلم الذي يموت قبل البلوغ في جوابي السؤالين (71175) و (117432) .

والله أعلم

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر

الإسلام سؤال وجواب

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android