0 / 0
28,84416/03/2010

هَجَر أخته التي تعصي ربها فهل يُحرم من المغفرة ومن قبول عمله ؟

السؤال: 146828

أنا شاب على خلاف مع أختي في البيت ، وأخاف أن تكون صلاتي غير مقبولة ، وهذا لرغبتها – فجأة – في أن تتمتع بالحرية ، وادعائها مواكبة العصر حيث تعمل طوال اليوم ، ترفع صوت مسجل الأغاني ، تريد الاحتفال برأس السنة الميلادية ، وتلبس أزياء ليست من عادتها ، كالبنطال ، وصلت بها الجرأة أن تأتي بذاك اللباس إلى الغرفة التي كنت فيها لمشاهدة نفسها في المرآة ! فمنعتُها من دخولها مرة أخرى ، لا أتكلم معها بسبب الشجار الدائم ، هل تكون كل أعمالي وعبادتي غير مقبولة ؟ ولولا ذلك لتمادت في هذه الأمور وأكثرتْ منها ، ولم تبالِ لأحدٍ لغياب ما يمنعها أو يقّلل من ذلك ، وهذا في ظل سكوت والدايَّ ، ورفضهم تلك المعاملة من طرفي .

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

أولاً:

سبق في جواب السؤال رقم ( 115098 ) ماذا يفعل الأخ إذا كانت أخته تخرج بالحجاب والبنطلون ، وبينَّا في جواب السؤال رقم (111665 ) ماذا يفعل إذا كانت أخته تحادث رجلاً أجنبيّاً ووالداها لا ينكران عليها ، فلينظرا فهما في الموضوع نفسه .

ثانياً:

الهجر لأصحاب المعاصي والبدع مشروع في أصله ، بل قد يجب إذا كان له ثمرة في إصلاح العاصي أو المبتدع ، أو كان نافعاً في التحذير من شرهما وكف أذاهما عن المسلمين ، فما فعلتَه مع أختك من ترك الكلام معها لا يخرج عن هذا ، فإن رأيتَ أن هجرها نافع لها ، وأنها قد ترتدع عن غيها ومعاصيها : فاستمر على ذلك الهجر ، ولو طالت المدة ، وإن رأيتَ أن ذلك غير نافعها بشيء ، وأنها قد تزداد في معاصيها : فالنصيحة لك الكف عن هجرها وسلوك طرق أخرى في التقرب في قلبها ونفسها ، ومحاولة التأثير عليها بطرق مختلفة عن الهجر .

وقد سبق بيان ذلك في أجوبة عديدة ، فانظر أجوبة الأسئلة : (  83581 ) و (98636 ) و (65500 ) .

ثالثاً:

وأما سؤالك عن قبول عملك في حال هجرك لأختك وعدم الكلام معها : فإن ذلك يرجع إلى طبيعة الهجر وسببه وآثاره المتوقعة ، والذي ذكرتَه أنت يجعل هجرك لها شرعيّاً ، ولا تدخل بسببه مع الذين لا يغفر لهم من أجل المشاحنة ، ولا مع قاطعي الرحم الذين لا تُقبل أعمالهم .

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( تُفْتَحُ أَبْوَابُ الْجَنَّةِ يَوْمَ الِاثْنَيْنِ وَيَوْمَ الْخَمِيسِ فَيُغْفَرُ لِكُلِّ عَبْدٍ لَا يُشْرِكُ بِاللَّهِ شَيْئًا إِلَّا رَجُلًا كَانَتْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَخِيهِ شَحْنَاءُ فَيُقَالُ : أَنْظِرُوا هَذَيْنِ حَتَّى يَصْطَلِحَا أَنْظِرُوا هَذَيْنِ حَتَّى يَصْطَلِحَا أَنْظِرُوا هَذَيْنِ حَتَّى يَصْطَلِحَا ) .

رواه مسلم ( 2565 ) .

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( إِنَّ أَعْمَالَ بَنِي آدَمَ تُعْرَضُ كُلَّ خَمِيسٍ لَيْلَةَ الْجُمُعَةِ فَلَا يُقْبَلُ عَمَلُ قَاطِعِ رَحِمٍ ) .

رواه أحمد في ” مسنده ” ( 16 / 191 ) وحسنه المحققون .

وهذه الأحاديث إنما يراد بها من خاصم أخاه لأمرٍ دنيوي ، ومن قطع رحمه لا لسبب شرعي ، كما بيَّنه الأئمة والعلماء شرَّاح الأحاديث ، وفقهاء الإسلام .

فالحديث الأول رواه أبو داود – مع مسلم – ( 4916 )  ، وقال بعده :

النبي صلى الله عليه وسلم هجَر بعض نسائه أربعين يوماً ، وابن عمر هجر ابناً له إلى أن مات.

قال أبو داود : إذا كانت الهجرة لله : فليس من هذا بشىء ، وإن عمر بن عبد العزيز غطى وجهه عن رجل .

” سنن أبى داود ” ( 4 / 432 ) .

وقال النووي – رحمه الله – شرحاً لحديث الصحابي عبد الله بن مغفل الذي هجر قريباً له بسبب معصية أصرَّ عليها – :

فيه : هجران أهل البدع والفسوق ومنابذي السنَّة مع العلم ، وأنه يجوز هجرانه دائماً ، والنهي عن الهجران فوق ثلاثة أيام إنما هو فيمن هجر لحظ نفسه ومعايش الدنيا ، وأما أهل البدع ونحوهم : فهجرانهم دائماً ، وهذا الحديث مما يؤيده مع نظائر له ، كحديث كعب بن مالك وغيره.

” شرح مسلم ” ( 13 / 106 ) .

وقال ابن رجب الحنبلي – رحمه الله – بعد أن ساق أحاديث في النهي عن التقاطع والهجران -:

وكل هذا في التقاطع للأمور الدنيوية ، فأما لأجل الدين : فتجوز الزيادة على الثلاثة ، نصَّ عليه الإمام أحمد ، واستدل بقصة الثلاثة الذين خلفوا وأمر النبي صلى الله عليه وآله وسلم بهجرانهم لما خاف منهم النفاق ، وأباح هجران أهل البدع المغلظة والدعاة إلى الأهواء ، وذكر الخطَّابي أن هجران الوالد لولده والزوج لزوجته وما كان في معنى ذلك تأديباً : تجوز الزيادة فيه على الثلاث ؛ لأن النبي صلى الله عليه وآله وسلم هَجَر نساءَه شهراً .

” جامع العلوم والحكم ” ( ص 331 ) .

فنرجو الله أن يقبل أعمالك وأن يغفر لك ذنبك ، وعليك بمراجعة نفسك فيما فعلتَ من الهجران لأختك ؛ فإن رأيتَ ذلك نافعها : فاستمر على ذلك ، ولست داخلاً في الأحاديث التي تحذر من الهجران والقطيعة ، وإن رأيتَه غير نافع ، ورأيتَ محاربة من أهلك لك ، وخشيت على نفسك من الفتنة بسبب ذلك : فتوقف عن الهجر واشتغل بتأليف قلبها بما تراه مناسباً ، من حسن معاملة ، أو هدية ، أو البحث عن أخوات فاضلات يكلمنها وينصحنها ، وغير ذلك مما قد يكون مفتاحاً لقلبها لتترك معصية ربها تعالى .

والله أعلم

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر

الإسلام سؤال وجواب

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android