الأثر المذكور عن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها رواه أبو داود (3903) من حديث محمد بن إسحاق عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة رضي الله عنها قالت : (أَرَادَتْ أُمِّي أَنْ تُسَمِّنَنِي لِدُخُولِي عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَمْ أَقْبَلْ عَلَيْهَا بِشَيْءٍ مِمَّا تُرِيدُ حَتَّى أَطْعَمَتْنِي الْقِثَّاءَ بِالرُّطَبِ فَسَمِنْتُ عَلَيْهِ كَأَحْسَنِ السَّمْنِ) .
قال الجوهري : القثاء : الخيار .
وفي سنده "محمد بن إسحاق " صاحب المغازي وهو مدلس ولم يذكر سماعه من هشام بن عروة ، فلا يحتج به .
قال النووي رحمه الله : "والمدلس إذا قال في روايته : "عن" , لا يحتج به عند جميع المحدثين" انتهى من "المجموع" (3/324) .
لكن قد تابعه " يونس بن بكير " كما عند ابن ماجة (3324) ، فرواه من حديث يونس بن بكير عن هشام... فذكره بنحوه .
قال الذهبي في " يونس بن بكير " قال ابن معين : صدوق ، وقال أبو حاتم محله الصدق ، وقال أبو زرعة : أما في الحديث فلا أعلمه مما ينكر عليه .
وقال أبو داود : ليس بحجة عندي يأخذ كلام أبي إسحاق ، فيوصله بالحديث.
وقال ابن معين : ثقة إلا أنه مرجئ يتبع السلطان ، وقال النسائي ليس بالقوي .
وقال الجوزجاني : ينبغي أن يتثبت في أمره . ثم قال الذهبي رحمه الله : وقد أخرج مسلم ليونس في الشواهد لا الأصول ، وكذلك ذكره البخاري مستشهداً به ، وهو حسن الحديث" انتهى . من "ميزان الاعتدال" (7/311) .
والحديث قد صححه الشيخ الألباني رحمه لله في "السلسلة الصحيحة" (1/121) .
قال القرطبي رحمه الله : "يؤخذ من هذا الحديث جواز مراعاة صفات الأطعمة وطبائعها واستعمالها على الوجه الأليق بها على قاعدة الطب ؛ لأن في الرطب حرارة وفي القثاء برودة ، فإذا أكلا معاً اعتدلا ، وهذا أصل كبير في المركبات من الأدوية . ومن فوائد أكل هذا المركب المعتدل تعديل المزاج وتسمين البدن ، كما أخرجه ابن ماجه...." انتهى من "تحفة الأحوذي" .
وروى مسلم في صحيحه (2043) عن عبد الله بن جعفر رضي الله عنه قَالَ : (رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَأْكُلُ الْقِثَّاءَ بِالرُّطَبِ) .
قال النووي رحمه الله : "في حديث الباب جواز أكل الشيئين من الفاكهة وغيرها معاً ، وجواز أكل طعامين معاً ، ويؤخذ منه جواز التوسع في المطاعم ، ولا خلاف بين العلماء في جواز ذلك ، وما نقل عن السلف من خلاف هذا محمول على الكراهة منعاً لاعتياد التوسع والترفة والإكثار لغير مصلحة دينية" انتهى .
وفي عون المعبود : قَالَ الدَّمِيرِي : "كَذَا مِنْ بَاب الِاسْتِصْلَاح وَتَنْمِيَة الْجَسَد , وَأَمَّا مَا نُهِيَ عَنْهُ فَذَاكَ هُوَ الَّذِي يَكُون بِالْإِكْثَارِ مِنْ الْأَطْعِمَة" انتهى .
وبوب البيهقي رحمه الله في "سننه الكبير" (7/253) باب : (المرأة تصلح أمرها للدخول بها) .
والحاصل : أن الحديث صحيح ، وأن جمع القثاء والرطب له تأثير على البدن ؛ بإذن الله تعالى .
والله أعلم