0 / 0
300,20102/04/2010

ما ترتيب أوائل المخلوقات المذكورة في الشرع وكيف تعرج الملائكة إلى السماء ؟

السؤال: 145809

وفقاً لما ذُكر في القرآن فإن الله خلق الماء أول ما خلق ، ثم خلق الأرض على الماء ، ثم خلق الجبال أوتاداً لحفظ توازنها ، ثم خلق السماء سقفاً محفوظاً من غير عمد ، ثم خلق سبعاً طباقاً ، ومعلوم أن الشمس والقمر والنجوم كلها في السماء الدنيا ، وكل ذلك سيتغير وينتهي يوم القيامة . سؤالي هو : كيف نجح جبريل عليه السلام في التنقل بين السماء والأرض عندما كان يبلّغ الرسالة للنبي صلى الله عليه وسلم ؟ هل جعل الله له فتحة سرِّيَّة في السماء ينفذ منها ؟ وهل استخدم النبي صلى الله عليه وسلم نفس الفتحة عندما عُرج به إلى السماء ؟ . أرجو التوضيح .

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

أولاً:

قول الأخ السائل ” وفقاً لما ذُكر في القرآن فإن الله خلق الماء أول ما خَلق ” : يحتمل أمرين :

الأمر الأول : أن الماء هو أول مخلوقات الله مطلقاً ، وهذا إن كان هو قصده ففيه ملاحظتان :

الأولى : أنه أحد الأقوال في المسألة ، والجمهور على أنه العرش ، ومن العلماء من قال بأنه القلم .

الثانية : أن هذا القول ليس في القرآن ؛ إذ ليس في القرآن ولا في السنَّة بيان لأول شيء خَلَقَه الله تعالى ، لا الماء ولا غيره من المخلوقات .

وثمة خلاف في أول ما خلق الله من هذا العالَم ، والأقوال المعتبرة في المسألة ثلاثة : القلم ، كما يرجحه ابن جرير الطبري وابن الجوزي ، والعرش ، كما يرجحه ابن تيمية وابن القيم ، ، والماء ، وهو مروي عن ابن مسعود وطائفة من السلف ، ورجحه بدر الدين العيني .

وأما الأقوال غير المعتبرة فكثيرة ، وبعضها من الإسرائيليات ، وأغلبها أقوال لأهل البدع ، كمن زعم أن العقل هو أول مخلوق ، وكمن زعم أن نبينا محمداً صلى الله عليه وسلم هو أول مخلوق ، حتى صار من يعظِّم مخلوقاً أو شيئاً يجعله أول مخلوق ! .

وانظر جواب السؤال رقم ( 9420 ) وفيه الترتيب بين العرش والقلم وتقديم العرش .

ثانياً:

الذين قالوا إن القلم هو أول مخلوق قد استدلوا بما رواه عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ قال : سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : ( إِنَّ أَوَّلَ مَا خَلَقَ اللَّهُ الْقَلَمَ فَقَالَ لَهُ : اكْتُبْ ، قَالَ : رَبِّ وَمَاذَا أَكْتُبُ ؟ قَالَ : اكْتُبْ مَقَادِيرَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى تَقُومَ السَّاعَةُ ) .

رواه الترمذي ( 2155 ) وأبو داود ( 4700 ) ، وصححه الألباني في ” صحيح الترمذي ” .

لكن قد صح في السنة أحاديث نبوية تبين أن الله تعالى حين خلق القلم وأمره بكتابة مقادير كل شيء إلى يوم القيامة : كان عرشه على الماء ، مما يقتضي أن خلق العرش كان قبل خلق القلم ، ومن هذه الأحاديث :

أ. عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ قَالَ : سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : ( كَتَبَ اللَّهُ مَقَادِيرَ الْخَلَائِقِ قَبْلَ أَنْ يَخْلُقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِخَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ ، قَالَ : وَعَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ ) رواه مسلم ( 2653 ) .

قال شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله – :

فهذا يدل على أنه قدَّر إذ كان عرشه على الماء ، فكان العرش موجوداً مخلوقاً عند التقدير لم يوجد بعده .

” الصفدية ” ( 2 / 82 ) .

ب. وعن عمران بن حصين عن رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال : ( كَانَ اللَّهُ وَلَمْ يَكُنْ شَيْءٌ غَيْرُهُ وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ وَكَتَبَ فِي الذِّكْرِ كُلَّ شَيْءٍ وَخَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ ) .

رواه البخاري ( 3019 ) .

( كَانَ اللَّهُ وَلَمْ يَكُنْ شَيْءٌ قَبْلَهُ وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ ثُمَّ خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ وَكَتَبَ فِي الذِّكْرِ كُلَّ شَيْءٍ ) .

رواه البخاري ( 6982 ) .

قال شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله – :

وفي رواية ( ثم كتب في الذِّكر كل شيء ) فهو أيضاً دليل على أن الكتابة في الذكر كانت والعرش على الماء .

” الصفدية ” ( 2 / 82 ) .

قال ابن القيم – رحمه الله – في النونية :

والناس مختلفون في القلم الذي *** كُتِبَ القضاء به من الديَّانِ

هل كان قبل العرش أو هو بعده *** قولان عند أبي العلا الهمذاني

والحق أن العرش قبل لأنه *** عند الكتابة كان ذا أركانِ

فالصحيح أن القلم مخلوق بعد العرش ، ويكون قوله في الحديث ( فأَوَّلَ ما خَلَقَ الله القلم قال له اكتب ) يعني : حين خَلَقَ الله القلم ، فتكون ( ما ) هنا مصدرية وليست موصولة .

وخلق العرش قبل القلم لا يعني بالضرورة أنه خلق قبل ” الماء ” ، وغاية ما يمكن أن يقال إنهما خلقا معاً ، أما أن يكون العرش خُلف قبله فليس بظاهر .

ومن أدلة الذين قالوا بأن الماء أول المخلوقات :

1. عَنْ أَبِي رَزِينٍ قَالَ : قُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ أَيْنَ كَانَ رَبُّنَا قَبْلَ أَنْ يَخْلُقَ خَلْقَهُ ؟ قَالَ : ( كَانَ فِي عَمَاءٍ مَا تَحْتَهُ هَوَاءٌ وَمَا فَوْقَهُ هَوَاءٌ ، وَخَلَقَ عَرْشَهُ عَلَى الْمَاءِ ) .

رواه الترمذي ( 3109 ) وابن ماجه ( 182 ) .

ولفظه عند ابن ماجه – وأحمد ( 26 / 108 ) – ( ثُمَّ خَلَقَ عَرْشَهُ عَلَى الْمَاءِ ) .

والحديث صححه الطبري ، وحسَّنه الترمذي والذهبي وابن تيمية ، وضعفه الألباني في ” ضعيف الترمذي ” .

قال الترمذي :

قال أحمد بن منيع : قال يزيد بن هارون : العماء : أي : ليس معه شيء .

” سنن الترمذي ” ( 5 / 288 ) وقيل : معنى ” عماء ” : السحاب الأبيض .

قال الطبري – رحمه الله – وهو يرى أن القلم أول المخلوقات مطلقا وأنه قبل الماء وقبل العرش – :

وأولى القولين في ذلك عندي بالصواب : قول من قال إن الله تبارك وتعالى خلق الماء قبل العرش ؛ لصحة الخبر الذي ذكرتُ قبلُ عن أبي رزين العقيلي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال حين سئل أين كان ربنا عز وجل قبل أن يَخْلُق خلقَه قال : ( كان في عماء ، ما تحته هواء ، وما فوقه هواء ، ثم خلق عرشه على الماء ) ، فأخبر صلى الله عليه وسلم أن الله خلق عرشه على الماء ، ومحال ـ إذ كان خلَقَه على الماء ـ أن يكون خلَقَه عليه ، والذي خلقه عليه غير موجود ، إما قبله أو معه .

فإذا كان ذلك كذلك : فالعرش لا يخلو من أحد أمرين : إما أن يكون خُلق بعد خَلق الله الماء ، وإما أن يكون خُلق هو والماء معاً ، فأما أن يكون خَلْقُه قبل خلق الماء : فذلك غير جائز صحته على ما روي عن أبي رزين عن النبي صلى الله عليه وسلم .

” تاريخ الطبري ” ( 1 / 32 ) .

وقد جزم الحافظ ابن حجر بأن حديث عمران بن حصين رضي الله عنه يدل على أن الماء سابق على العرش . انظر : ” فتح الباري ” ( 6 / 289 ) .

2. عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ : قُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي إِذَا رَأَيْتُكَ طَابَتْ نَفْسِي وَقَرَّتْ عَيْنِي فَأَنْبِئْنِي عَنْ كُلِّ شَيْءٍ فَقَالَ : ( كُلُّ شَيْءٍ خُلِقَ مِنْ مَاءٍ ) .

رواه أحمد ( 13 / 314 ) ، وقال الحافظ ابن حجر في ” فتح الباري ” ( 5 / 29 ) : إسناده صحيح ، وصححه محققو مسند أحمد .

3. عن أبي هريرة قال : قُلْتُ : يَا رَسُولَ اللهِ مِمَّ خُلِقَ الخَلْقُ ؟ قَالَ : ( مِنَ الْمَاءِ ) .

رواه الترمذي ( 2526 ) .

قال الشيخ الألباني في ” صحيح الترمذي ” : صحيح دون قوله ( مِمَّ خُلِقَ الخَلْقُ ) .

انتهى

قلت : ويشهد له ما قبله ، فأقل أحوال اللفظة أن تكون حسنة .

قال ابن رجب الحنبلي – رحمه الله – :

وقوله صلى الله عليه وسلم لأبي هريرة لما سأله : ” ممَّ خُلِقَ الخَلْقُ ” فقال له: ( مِنَ المَاءِ ) : يدل على أن الماء أصل جميع المخلوقات ، ومادتها ، وجميع المخلوقات خُلقت منه .

وقال :

وقد حكى ابن جرير وغيره عن ابن مسعود وطائفة من السلف : أن أول المخلوقات الماء .

” لطائف المعارف ” ( ص 21 ، 22 ) .

3. رواية الإمام السدِّي في ” تفسيره ” بأسانيد متعددة ” أن الله تعالى لم يخلق شيئا مما خلق قبل الماء ” .

قال الإمام ابن خزيمة في ” كتاب التوحيد ” ( 1 / 569 ) : حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ حَكِيمٍ الأَوْدِيُّ ، قَالَ : حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ حَمَّادٍ ، يَعْنِي ابْنَ طَلْحَةَ الْقَنَّادَ ، قَالَ : حَدَّثَنَا أَسْبَاطُ وَهُوَ ابْنُ نَصْرٍ الْهَمْدَانِيُّ عَنِ السُّدِّيِّ عَنْ أَبِي مَالِكٍ عَنْ أَبِي صَالِحٍ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا وَعَنْ مُرَّةَ الْهَمْدَانِيِّ ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ عَنْ نَاسٍ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم ( هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الأَرْضِ جَمِيعًا ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ فَسَوَّاهُنَّ سَبْعَ سَمَوَاتٍ ) قَالَ : إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى كَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ وَلَمْ يَخْلُقْ شَيْئًا غَيْرَ مَا خَلَقَ قَبْلَ الْمَاءِ … .

ورواه ابن أبى حاتم في ” تفسيره ” ( 1 / 74 ، 75 ) ، والطبري في ” تفسيره ” ( 1 / 435 ، 436 ) .

وإسناد السدِّي فيه كلام ، والظاهر أنه حسن جيد ، وأما المتون ففيها غرائب ، وهذا منها ، ولعلها مأخوذة من أحاديث بني إسرائيل .

قال شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله – :

كما أن السّدّي أيضاً يذكر تفسيره عن ابن مسعود ، وعن ابن عباس ، وغيرهما من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ، وليست تلك ألفاظهم بعينها ، بل نقل هؤلاء شبيه بنقل أهل المغازي والسِّيَر ، وهو مما يُستشهدُ به ويُعتبَرُ به ، وبضم بعضه إلى بعض يصير حجة ، وأما ثبوت شيءٍ بمجرد هذا النقل عن ابن عباس: فهذا لا يكون عند أهل المعرفة بالمنقولات .

” نقض التأسيس ” ( 3 / 41 ) .

وقال ابن كثير – رحمه الله – :

هذا الاسناد يَذكر به ” السُّدِّي ” أشياء كثيرة فيها غرابة ، وكأن كثيرا منها متلقى من الإسرائيليات.

” البداية والنهاية ” ( 1 / 19 ) .

وللشيخ أحمد شاكر رحمه الله تعليق مطول على أسانيد السدي ، فانظره في تحقيقه لـ ” تفسير الطبري ” ( 1 / 156 ) .

وقد علق الشيخ أبو إسحاق الحويني في تحقيقه لـ ” تفسير ابن كثير ” على إسناد السدي هذا في ( 1 / 488 – 490 ) ، وقال في آخره : ” وجملة القول : أن إسناد تفسير السدِّي جيِّد حسَن “.

انتهى

ثالثاً:

إن كان الأخ السائل قد قصد بقوله السابق – وهو الأمر الثاني المحتمل في كلامه – أن الله تعالى خلق الماء قبل خلق السموات والأرض : فقوله صحيح – كما سبق – ، لكنه ليس منصوصاً صريحا في القرآن كما ذَكر ، وإنما هو مفهموم من دلالة بعض النصوص كما سبق ، وعلى ذلك يكون ترتيب المذكورات في الخلق : الماء ، العرش ، القلم ، السموات والأرض.

رابعاً:

وأما قول الأخ السائل ” ثم خلق الأرض على الماء ، ثم خلق الجبال أوتاداً لحفظ توازنها ، ثم خلق السماء سقفاً محفوظاً من غير عمد ، ثم خلق سبعاً طباقاً ” ، فيقال فيه :

” خلق الله الأرض على الماء ” : لم يدل عليه دليل صحيح صريح ، لا من القرآن ، ولا من السنَّة ، ومع ذلك فهو قول لبعض السلف من الصحابة والتابعين ، وهو كذلك في التوراة والإنجيل وغيرهما .

قال شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله – :

وقد جاءت الآثار المتعددة عن الصحابة والتابعين وغيرهم بأن الله سبحانه لما كان عرشه على الماء : خلقَ السماء من بخار الماء ، وأيبس الأرض ، وهكذا في أول التوراة الإخبار بأن الماء كان موجوداً ، وأن الريح كانت ترف عليه ، وأن الله خلق من ذلك الماء السماء والأرض ، فهذه الأخبار الثابتة عن نبينا صلى الله عليه وسلم في الكتاب والسنَّة مطابقة لما عند أهل الكتاب من اليهود والنصارى مما في التوراة ، وكل ذلك يصدِّق بعضُه بعضاً ، ويخبر أن الله خلق هذا العالم – سمواته وأرضه – في ستة أيام ، ثم استوى على العرش ، وأنه كان قبل ذلك مخلوقات ، كالماء ، والعرش ، فليس في أخبار الله تعالى أن السموات والأرض أبدعتا من غير شيء ، ولا أنه لم يكن قبلهما شيء من المخلوقات .

” الصفدية ” ( 2 / 82 ، 83 ) ، وينظر أيضا : ” مجموع الفتاوى ” ( 6 / 598 ) ، ” تفسير القرطبي ” ( 1 / 255 ) .

الثانية : قوله ” ثم خلق الجبال أوتاداً … ثم خلق السماء ” : غير صحيح ؛ إذ كان تسوية السموات وقضاؤهن سبعاً بعد دحو الأرض وإرساء الجبال فيها ، وفي ذلك يقول تعالى : ( هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ فَسَوَّاهُنَّ سَبْعَ سَمَوَاتٍ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ ) البقرة/ 29 .

قال ابن عباس – رضي الله عنه – :

خَلَقَ الأَرْضَ فِي يَوْمَيْنِ ، ثُمَّ خَلَقَ السَّمَاءَ ، ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ فَسَوَّاهُنَّ فِي يَوْمَيْنِ آخَرَيْنِ ، ثُمَّ دَحَا الأَرْضَ – وَدَحْوُهَا : أَنْ أَخْرَجَ مِنْهَا الْمَاءَ وَالْمَرْعَى – ، وَخَلَقَ الْجِبَالَ ، وَالْجِمَالَ ، وَالآكَامَ ، وَمَا بَيْنَهُمَا : فِي يَوْمَيْنِ آخَرَيْنِ ، فَذَلِكَ قَوْلُهُ ( دَحَاهَا ) وَقَوْلُهُ ( خَلَقَ الأَرْضَ فِي يَوْمَيْنِ ) ، فَجُعِلَتْ الأَرْضُ وَمَا فِيهَا مِنْ شَيْءٍ فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ ، وَخُلِقَتْ السَّمَوَاتُ فِي يَوْمَيْنِ .

رواه البخاري معلَّقاً ، وانظر ” فتح الباري ” ( 8 / 556 ) .

وانظر تفصيلاً وافياً في هذه المسألة في جواب السؤال رقم : ( 70217 ) .

الثالثة : قوله ” ثم خلق السماء سقفاً محفوظاً من غير عمد ، ثم خلق سبعاً طباقاً ” ، صوابه أن يقول : ” ثم سواهن سبعاً طباقاً ” ، فهي كلها سبع سموات وليست السبع غير سماء الدنيا ، قال عز وجل : ( ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاء فَسَوَّاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ ) البقرة/ 29 .

خامساً:

أما عن سؤال الأخ السائل كيف أن جبريل عليه السلام يتنقل بين السماء والأرض لتبليغ الوحي من ربه عز وجل لمحمد صلى الله عليه وسلم ، مع وجود الشمس والقمر والنجوم : فهذا يرد في حال كان السؤال عن بشر يريد الصعود إلى السماء وحده بقدراته البشرية ! أما عندما يكون الحديث عن الملائكة المخلوقة من نور ، والمرسلة من رب العالمين ، أو عندما يكون الحديث عن محمد رسول الله الذي أرسل الله إليه ليصعد إلى السماء السابعة مع جبريل عليه السلام : فإن الأمر يختلف ؛ لأننا نتحدث الآن عن ” قدرة الله تعالى ” لا عن ” قدرة البشر ” ، فلا يرد إشكال في صعود ونزول الملائكة إلى السماء ومنها ، ولا يرد إشكال في معراج النبي صلى الله عليه وسلم إلى السماء ، وليس ثمة فتحة خاصة – أو طريق خاص – للملائكة تصعد إلى السماء منها ، بل إنه في ليلة القدر تتنزل الملائكة وجبريل عليهم السلام من السماء إلى الدنيا حتى إنهم ليغطون بأنوارهم نور الشمس التي تظهر في صبيحتها .

والذي عرفناه من السنَّة الصحيحة هو وسيلة الإسراء من مكة إلى بيت المقدس ، فقد أخبرنا بها نبينا صلى الله عليه وسلم ، فقال :

( ثُمَّ أُتِيتُ بِدَابَّةٍ أَبْيَضَ يُقَالُ لَهُ ” الْبُرَاقُ ” فَوْقَ الْحِمَارِ وَدُونَ الْبَغْلِ يَقَعُ خَطْوُهُ عِنْدَ أَقْصَى طَرْفِهِ فَحُمِلْتُ عَلَيْهِ ) .

رواه مسلم ( 164 ) .

وأما المعراج فلم يخبرنا نبينا صلى الله عليه وسلم بتفاصيل وسيلته ، وغاية ما قاله لنا :

( ثُمَّ أَخَذَ بِيَدِي فَعَرَجَ بِي إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا ) .

رواه البخاري ( 342 ) ومسلم ( 163 ) .

إلا أن اللفظ نفسه – أي : ” المعراج ” – هو اسم آلة ، يعني : السلَّم ، ومن هنا قال طائفة من أهل العلم إن المعراج كان بسلَّم خاص .

وقد جاء في صفاته ما لم نقف على إسناد له ، مثل رواية :

( ثم تقدم قدَّام ذلك إلى موضع فوضع له مرقاة من ذهب ومرقاة من فضة ، وهو المعراج ، حتى عرج جبريلُ والنبي صلى الله عليه و سلم إلى السماء ) .

فهذه رواه الواسطي في ” فضائل بيت المقدس ” كما في ” الدر المنثور ” للسيوطي ( 5 / 226 ) من حديث كعب ، ولم يذكر لتلك الرواية إسناد .

وثمة أوصاف أخرى لتلك الآلة تراها في ” فتح الباري ” ( 7 / 208 ) من روايات لم يذكر إسنادها ، ولم يحكم عليها الحافظ رحمه الله ، وفي جميعها ما يؤكد على أن العروج إلى السماء كان بآلة ، وهي السلَّم ، لكن ليس في شيء من ذلك كله ما يحتج به . ثم ليس في شيء من العلم بذلك ما ينفع المرء في شيء من دينه ، أو دنياه ، وليس في الجهل به ما يضره في شيء منهما ، وقد نهينا عن تكلف التشقيق والتنقير عما لم يُبَيَّن لنا .

والله أعلم

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر

الإسلام سؤال وجواب

answer

موضوعات ذات صلة

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android