0 / 0
29,98525/01/2010

حكم التنقل بين المساجد في صلاة الجمعة للاستفادة من الخطباء

السؤال: 143955

ما حكم التنقل بين المساجد في صلاة الجمعة ، وهجر مسجد الحي ، وعدم الصلاة فيه ، بحجة أني أبحث عن الفوائد في الخطب ؟

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

أولا :

لا حرج على المسلم في اختيار المسجد الأبعد لصلاة الجمعة فيه ، رغبة منه في الاستفادة من الخطيب الأفضل ، والبحث عن الموعظة المؤثرة ، والكلام المفيد ، إذ لا دليل يشير إلى المنع، والوسائل لها أحكام المقاصد ، فما دام المقصد حسنا وطيبا ، فالوسيلة : وهي الانتقال إلى المساجد الأخرى مشروعة أيضا .

سئل سماحة الشيخ ابن باز رحمه الله السؤال الآتي :

ما حكم التنقل بين المساجد فكل ليلة في مسجد طلبا لحسن الصوت ؟

فأجاب :

لا أعلم في هذا بأسا ، وإن كنت أميل إلى أنه يلزم المسجد الذي يطمئن قلبه فيه ويخشع فيه ؛ لأنه قد يذهب إلى مسجد آخر لا يحصل له فيه ما حصل في الأول من الخشوع والطمأنينة ، فأنا أرجح حسب القواعد الشرعية أنه إذا وجد إماما يطمئن إليه ، ويخشع في صلاته وقراءته : يلزم ذلك ، أو يكثر من ذلك معه ، والأمر في ذلك واسع لا حرج فيه بحمد الله ، فلو انتقل إلى إمام آخر لا نعلم فيه بأسا ؛ إذا كان قصده الخير وليس قصده شيئا آخر من رياء أو غيره ، لكن الأقرب من حيث القواعد الشرعية أنه يلزم المسجد الذي فيه الخشوع والطمأنينة وحسن القراءة ، أو فيه تكثير المصلين بأسبابه إذا صلى فيه كثر المصلون بأسبابه يتأسون به ، أو لأنه يفيدهم وليس عندهم من يفيدهم ويذكرهم بعض الأحيان ، أو يلقي عليهم درسا ، بمعنى أن يحصل لهم بوجوده فائدة ، فإذا كان هكذا فكونه في هذا المسجد الذي فيه الفائدة منه أو من غيره ، أو كونه أقرب إلى خشوع قلبه والطمأنينة وتلذذه بالصلاة فيه ، فكل هذا مطلوب ” انتهى.

” مجموع فتاوى ابن باز ” (11/329-330)

ثانيا :

وأما حديث ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :

( لِيُصَلِّ أَحَدُكُمْ فِي مَسْجِدِهِ ، وَلا يَتَتَبَّعِ الْمَسَاجِدَ )

فالجواب عنه من أوجه عديدة :

الوجه الأول : جاء هذا الحديث من طرق عن ابن عمر رضي الله عنهما ، كلها ضعيفة لا تتقوى :

الطريق الأول : عن عبيد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر :

رواه الطبراني في ” المعجم الكبير ” (12/370) من طريق عبادة بن زياد الأسدي ، ثنا زهير بن معاوية ، عن عبيد الله ، به .

وعبادة بن زياد الأسدي ، وإن وصفه أبو حاتم بأنه محله الصدق ، إلا أنه لا يقبل تفرده بحديث من أحاديث الأحكام لم يرد له شواهد ، ولا استشهد به أحدٌ من أئمة المذاهب المتبوعة ، خاصة وقد قال فيه موسى بن هارون : تركت حديثه . وقال فيه ابن عدي : له أحاديث مناكير في الفضائل .

ورواه أيضا ابن عدي في ” الكامل ” (6/458)، وتمام في ” الفوائد ” ، وفي سندهما مجاشع بن عمرو ، كذبه يحيى بن معين وغيره . ” ميزان الاعتدال ” (3/436)

الطريق الثاني : إبراهيم التيمي عن ابن عمر :

رواه العقيلي في ” الضعفاء الكبير ” (3/432) ، وفي سنده غالب بن حبيب : ضعيف يروي المناكير . ” ميزان الاعتدال ” (3/330)

الطريق الثالث : بكر بن عبد الله المزني عن ابن عمر :

رواه ابن حبان في ” المجروحين ” (3/187)، وفي سنده عبيس بن ميمون : يروي الموضوعات . ” ميزان الاعتدال ” (3/26) .

فالذي يظهر هو ضعف الحديث ، خلافا لمن ذهب إلى تقويته من أهل العلم .

الوجه الثاني : لعل المقصود بالنهي هو الانتقال من المسجد القريب إذا كان يؤدي إلى تفريق المسلمين وإحداث الفتنة بينهم ، أما إن كان لغرض صحيح فلا حرج ولا بأس ، لا سيما إن كانت الفائدة تحصيل علم نافع ، أو موعظة مؤثرة .

قال ابن القيم رحمه الله :

” وما ذاك إلا لأنه ذريعة إلى هجر المسجد الذي يليه ، وإيحاش صدر الإمام ، وإن كان الإمام لا يتم الصلاة ، أو يرمي ببدعة ، أو يعلن بفجور : فلا بأس بتخطيه إلى غيره ” انتهى.

” إعلام الموقعين ” (3/148)

وقد سبق تقرير هذا الجواب في النقل عن الشيخ ابن عثيمين رحمه الله في الجواب رقم (108614)

الوجه الثالث في الجواب : لا يبعد أن يفسر الحديث بأن من فاتته صلاة الجماعة في مسجده فلا يكلف أن يتتبع المساجد القريبة ويصلي فيها فيشق على نفسه في التتبع ، وإنما يصلي في مسجده القريب منفردا أو جماعة ويكتفي بذلك .

وينظر : ” المصنف ” ، لابن أبي شيبة (2/310) .

والله أعلم .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر

موقع الإسلام سؤال وجواب

answer

موضوعات ذات صلة

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android