0 / 0
166,23324/10/2011

مَن المحرَم الذي يصلح للسفر ؟ ومَن يرفع الخلوة بين رجل وامرأة أجنبييْن ؟

السؤال: 137095

جزاكم الله عنا خير الجزاء وجعله في صحيفة حسناتكم .
أما سؤالي فهو : كم عمر المحرَم الذي يعتبر به في الشرع لأنني سمعت مرة أن الطفل إذا صار عمره أربع سنوات أصبح مانعاً للخلوة ؟ فهل يعتبر محرماً أيضا أم أن البالغ فقط يعتبر محرماً ؟ .

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

أولاً:
ليُعلم أن السؤال اشتمل على مسألتين : من هو المحرم للمرأة في السفر ، ومن الذي يرفع الخلوة المحرَّمة بين رجل وامرأة أجنبية عنه ؛ إذ ليس شرطاً فيمن يمنع تلك الخلوة أن يكون محرَماً ، كما سيأتي بيانه ، إن شاء الله .

ثانياً:
المحرَم للمرأة هو : كل مَن تحرم عليه على التأبيد لقرابة أو رضاع أو مصاهرة كأبيها وابنها وأخيها .
وهل يشترط في المحرم أن يكون من البالغين ؟ اشترط ذلك الحنابلة . ورأى جمهور العلماء أن المحرم إذا كان مميزاً مراهقاً – قريباً من البلوغ – وتأمن المرأة على نفسها معه ، فإن ذلك كافٍ ، وجعلوا المراهق في حكم البالغ .
ففي ” الموسوعة الفقهية ” ( 36 / 340 ) : ” ذهب الحنفية والشافعية وهو الظاهر من مذهب المالكية: إلى اعتبار المراهق كالبالغ الذي لا يجوز للمرأة السفر إلا برفقته إن كان من محارمها.
وخالف في ذلك الحنابلة فاشترطوا أن يكون المحرَم بالغاً عاقلاً ، قال ابن قدامة : قيل لأحمد فيكون الصبي محرَماً ؟ قال : لا ، حتى يحتلم ؛ لأنه لا يقوم بنفسه ؛ فكيف يخرج مع امرأة ، وذلك لأن المقصود بالمحرم حفظ المرأة ولا يحصل إلا من البالغ العاقل ” انتهى .
والأحوط ما ذهب إليه الحنابلة من اشتراط بلوغ المحرَم ، وهو أقرب لتحقيق مقصد الشرع من وجود المحرم .
سئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :
” .. الولد متى يكون محرماَ لأمه؟ هل هو بالبلوغ أو بالتمييز؟ ” .
فأجاب : ” المحرم بارك الله فيك! يكون مَحْرَماً إذا كان بالغاً عاقلاً، فمن لم يبلغ فليس بمحرم، ومن كان في عقله خلل فليس بمحرم ” انتهى من “لقاءات الباب المفتوح” (123/20/ترقيم الشاملة) ، وينظر جواب السؤال رقم (170300) .
ثالثاً:
وأما المسألة الثانية وهي من يرفع الخلوة المحرمة بين رجل وامرأة أجنبيين : فالجواب عليه : أن ” المراد بالخلوة المنهي عنها : أن تكون المرأة مع الرجل في مكان يأمنان فيه من دخول ثالث ” – كما في ” الموسوعة الفقهية ” ( 7 / 88 ) – وأما من يرفع تلك الخلوة المحرمة فهم أصناف :
1. الزوج .
قال النووي – رحمه الله – : ” لو كان معها زوجها كان كالمحرم وأولى بالجواز ” انتهى من ” شرح مسلم ” ( 9 / 109 ) .
2. محرَم المرأة – السابق ذِكر أمرِه – وهو يرفع الخلوة بلا ريب ؛ لنص الحديث على ذلك ؛ ففي الصحيحين عن النبي صلى الله عليه وسلم قال ( لاَ يَخْلونَّ رَجُلٌ بِامْرَأةٍ إِلاَّ وَمَعَها ذُو مَحْرَم ) وإنه إذا صلح محرماً لها في السفر فأولى أن يرفع الخلوة المحرمة في الحضر .
3. وجود طفل مميز يُستحيى منه.
4. وجود امرأة مأمونة أو أكثر .
قال النووي – رحمه الله – : ” وأمَّا إذا خلا الأجنبي بالأجنبية من غير ثالث معهما : فهو حرام باتفاق العلماء ، وكذا لو كان معهما من لا يُستحى منه لصغره كابن سنتين وثلاث ونحو ذلك ؛ فإن وجوده كالعدم ” انتهى من ” شرح النووي ” ( 9 / 109 ) .
وقال – أيضاً – : ” والمشهور : جواز خلوة رجل بنسوة لا محرَم له فيهن ؛ لعدم المفسدة غالباً ؛ لأن النساء يستحين من بعضهن بعضاً ” انتهى من ” المجموع ” ( 7 / 87 ) .
وقال الشيخ محمد بن صالح العثيمين – رحمه الله – : ” إذا كان مع المرأة مثلُها انتفت الخَلوة ” انتهى من ” الشرح الممتع ” ( 4 / 251 ) .
5. وجود رجل مأمون أو أكثر .
قال الشيخ عبد العزيز بن باز – رحمه الله – : ” أما إذا كان معهما رجل آخر أو أكثر ، أو امرأة أخرى أو أكثر : فلا حرج في ذلك إذا لم يكن هناك ريبة ؛ لأن الخلوة تزول بوجود الثالث أو أكثر ” انتهى من ” فتاوى المرأة المسلمة ” ( 2 / 556 ) .

وننبه إلى أن قولنا بأن وجود امرأة أو أكثر يرفع الخلوة لا يعني جواز سفر النساء مع ذلك الرجل الأجنبي ، فوجود امرأة أو أكثر يرفع الخلوة بهن ، لكنه ليس مبيحاً لسفرهن معه ، بل لا بدَّ لكل امرأة من محرم لها في السفر .
قال الشيخ عبد العزيز بن باز – رحمه الله – : ” أما إذا كان معهما رجل آخر أو أكثر ، أو امرأة أخرى أو أكثر : فلا حرج في ذلك إذا لم يكن هناك ريبة ؛ لأن الخلوة تزول بوجود الثالث أو أكثر .
وهذا في غير السفر ، أما في السفر : فليس للمرأة أن تسافر إلا مع ذي محرَم ” انتهى من ” فتاوى المرأة المسلمة ” ( 2 / 556 ) .
وقال الشيخ محمد الصالح العثيمين – رحمه الله – : ” أما إذا كان معه امرأتان فأكثر : فلا بأس ؛ لأنه لا خلوة حينئذٍ بشرط أن يكون مأموناً ، وأن يكون في غير سفرٍ ” انتهى من ” فتاوى المرأة المسلمة ” ( 2 / 555 ) .

ولينتبه إلى أن لفظ ” المحرم ” جاء في حديث واحد في جملتين ، كان في الأولى منهما المراد منه نفي الخلوة المحرَّمة ، ولذا قال بعض الفقهاء إنه يدخل بهذا اللفظ ” محرَم الرجل ” ؛ لأن المقصود بالحكم نفي الخلوة ، وهو يحصل بوجود مثل أم الرجل أو أخته ، وكان المراد بلفظ ” المحرَم ” في الجملة الثانية منه ” محرَم المرأة ” الذي يسافر بها ، والحديث المقصود هو ما رواه البخاري ( 1763 ) ومسلم ( 1341 ) عن ابن عباس قال : سمعتُ النبي صلى الله عليه وسلم يخطب يقول ( لاَ يَخْلونَّ رَجُلٌ بِامْرَأةٍ إِلاَّ وَمَعَها ذُو مَحْرَم ، وَلاَ تُسَافِر المَرْأةُ إِلاَّ مَعَ ذِي مَحْرَمٍ ) .
قال النووي – رحمه الله – : ” ( وَمَعَهَا ذُو مَحْرَم ) يحتمل أن يريد محرماً لها ، ويحتمل أن يريد محرماً لها أو له ، وهذا الاحتمال الثاني هو الجاري على قواعد الفقهاء ؛ فإنه لا فرق بين أن يكون معها محرم لها كابنها وأخيها وأمها وأختها ، أو يكون محرماً له كأخته وبنته وعمته وخالته ، فيجوز القعود معها في هذه الأحوال ” انتهى من ” شرح مسلم ” ( 9 / 109 ) .
والخلاصة :
1. المحرم الذي يجب أن يكون مرافقاً للمرأة في سفرها هو زوجها ، أو كل من حرم عليه نكاحها على التأبيد من البالغين بالإجماع ، واختلف العلماء في المراهق الذي قارب من البلوغ ، ممن تحصل به كفاية وتأمن المرأة على نفسها برفقته فذهب الجمهور إلى كونه يصلح أن يكون محرماً وهو أرجح ، وخالفهم الحنابلة فاشترطوا فيه البلوغ ، وهو أحوط .
2. وترتفع الخلوة بين رجل وامرأة أجنبية عنه بوجود زوج ، أو محرم لها ، أو محرم له ، أو وجود رجل أو أكثر مأمونين ، أو وجود امرأة أو أكثر مأمونات ، أو وجود طفل مميز يستحيى منه ، وأما الصغير الذي لا يستحيى منه فوجوده كعدمه .
والله أعلم

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر

الإسلام سؤال وجواب

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android