يجوز إقراض الذهب على أن يُرد مثله وزنا ، ويجوز للمقترض أن يرد أفضل مما أخذ ، إذا لم يكن هذا عن تواطؤ أو اشتراط .
وأما اشتراط رده على نفس الشكل الذي كان عليه ، فيجوز ، إن كان الشكل موجودا وجودا غالبا في السوق ، أو يمكن صناعة مثله بيسر ، والقاعدة أن المثلي يرد في القرض بمثله ، فإن لم يوجد مثله رد قيمته وقت القرض . وينظر : الشرح الممتع (9/104).
والفقهاء يعدون المكيل والموزون مثليّا ، إلا إذا دخلته الصناعة المباحة ، فيكون قيميا ، وهذا بالنسبة لما كان في زمنهم ، لتعذر الصناعة على نفس الهيئة والشكل ، وأما اليوم فيمكن صناعة آلاف النسخ على هيئة وشكل واحد .
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : " والصحيح أن المثلي ما كان له مثيل ، مطابق أو مقارب تقاربا كثيرا، ويدل لهذا أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لزوجته التي كسرت الإناء، وأفسدت الطعام: إناء بإناء، وطعام بطعام ولم يضمنها بالقيمة، ثم إننا نقول: الصناعة الآن تتقدم، ومن المعلوم أن الفناجيل ـ مثلا ـ من الزجاج مصنوعة، وهي مثلية قطعا، فمماثلة الفنجال للفنجال أشد من مماثلة صاع البر لصاع البر، وهذا أمر معلوم، والحلي ـ مثلا ـ والأقلام، والساعات، كل هذه مثلية، وهي على حد الفقهاء ليست مثلية " انتهى من "الشرح الممتع" (10/ 122).
وجاء في "فتاوى اللجنة الدائمة" (14/113) : " ما حكم أن يستلف إنسان من آخر ذهبا سبيكة أو سلسلة، ثم يرجع له ذهبا غيره بنفس الوزن والقيمة ، أو يستلف دينارا من الذهب ثم يرجعه له بعد ذلك دينارا بنفس القيمة؟
الجواب : إقراض الذهب ثم رده بمقدار وزنه لا حرج فيه ؛ لقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: الذهب بالذهب، وزنا بوزن، مثلا بمثل وإن زاده من دون شرط ولا تواطؤ على الزيادة فلا حرج ؛ لقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: إن خيار الناس أحسنهم قضاء ..." انتهى .
والحاصل : أن رد الذهب ذهبا ، بنفس الوزن ، وعلى نفس الشكل : هو الأصل ، وهو الأقرب إلى العدل أيضا ، فإن رد المقترض أكثر وزنا ، أو أحسن صياغة ، من غير اشتراط من المقترض ، فلا بأس به .
وأما أن المقترض سوف يغرم قيمة الصياغة : فقد دخل هو في ذلك على بينة ، ثم إنه هو المنتفع بالقرض ، وغرمه هو أقرب إلى العدل من غرم صاحب المال ، لأنه محسن إليه .
والله أعلم .