0 / 0

هل البرد الشديد من الأعذار الشرعية لترك الجماعة؟

السؤال: 127876

ما حكم من يعيش في بلدة باردة جداً ويخشى على نفسه المرض إذا خرج لصلاة الفجر فصلى في البيت ، هل صلاته صحيحة ؟

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

صلاة الجماعة واجبة في المسجد على الرجال القادرين ؛ للأدلة الكثيرة الدالة على ذلك ، وقد ذكرنا بعضها في جواب السؤال : رقم (120) ، ورقم (8918) .

وقد دلت السنة على أنه لا حرج على من صلى في بيته وترك الجماعة في المسجد إذا كان ذلك بعذر .

روى ابن ماجة (793) عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ :

( مَنْ سَمِعَ النِّدَاءَ فَلَمْ يَأْتِهِ فَلَا صَلَاةَ لَهُ إِلَّا مِنْ عُذْرٍ ) وصححه الألباني في "الإرواء" (2/337) . 

والبرد إذا كان لا يمكن اتقاؤه بكثرة الملابس أو المدافئ أو الذهاب إلى المسجد في السيارة .. ونحو ذلك وخشي الرجل إن خرج إلى الصلاة أن يصاب بمرض ، فهو عذر لترك الجماعة في المسجد ، أما إذا كان يمكن اتقاؤه ولا يخشى حصول مرض ، فليس بعذر .

وقد روى البخاري (632) ومسلم (697) عن نَافِع قَالَ : ( أَذَّنَ ابْنُ عُمَرَ فِي لَيْلَةٍ بَارِدَةٍ بِضَجْنَانَ – جبل بين مكة والمدينة – ثُمَّ قَالَ : صَلُّوا فِي رِحَالِكُمْ . فَأَخْبَرَنَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَأْمُرُ مُؤَذِّنًا يُؤَذِّنُ ثُمَّ يَقُولُ عَلَى إِثْرِهِ : أَلَا صَلُّوا فِي الرِّحَالِ فِي اللَّيْلَةِ الْبَارِدَةِ أَوْ الْمَطِيرَةِ فِي السَّفَرِ ) .

قال الحافظ رحمه الله :

" وَفِي صَحِيح أَبِي عَوَانَةَ : ( لَيْلَةٌ بَارِدَةٌ أَوْ ذَاتُ مَطَرٍ أَوْ ذَاتُ رِيحٍ ) وَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ كُلًّا مِنْ الثَّلَاثَة عُذْرٌ فِي التَّأَخُّر عَنْ الْجَمَاعَة , وَنَقَلَ اِبْن بَطَّالٍ فِيهِ الْإِجْمَاع , لَكِنَّ الْمَعْرُوفَ عِنْدَ الشَّافِعِيَّة أَنَّ الرِّيح عُذْرٌ فِي اللَّيْل فَقَطْ , وَظَاهِر الْحَدِيث اِخْتِصَاص الثَّلَاثَة بِاللَّيْلِ , لَكِنْ فِي السُّنَن مِنْ طَرِيق اِبْن إِسْحَاقَ عَنْ نَافِع فِي هَذَا الْحَدِيث : ( فِي اللَّيْلَة الْمَطِيرَة وَالْغَدَاة الْقَرَّة[الباردة] ) , وَفِيهَا بِإِسْنَادٍ صَحِيح مِنْ حَدِيث أَبِي الْمَلِيحِ عَنْ أَبِيهِ : ( أَنَّهُمْ مُطِرُوا يَوْمًا فَرَخَّصَ لَهُمْ ) وَلَمْ أَرَ فِي شَيْء مِنْ الْأَحَادِيث التَّرَخُّص بِعُذْرِ الرِّيح فِي النَّهَار صَرِيحًا , لَكِنَّ الْقِيَاس يَقْتَضِي إِلْحَاقَهُ .

قَوْله : (فِي السَّفَر) ظَاهِره اِخْتِصَاص ذَلِكَ بِالسَّفَرِ , وَرِوَايَة مَالِك عَنْ نَافِع الْآتِيَة فِي أَبْوَاب صَلَاة الْجَمَاعَة مُطْلَقَةٌ , وَبِهَا أَخَذَ الْجُمْهُور , لَكِنَّ قَاعِدَةَ حَمْلِ الْمُطْلَقِ عَلَى الْمُقَيَّدِ تَقْتَضِي أَنْ يَخْتَصَّ ذَلِكَ بِالْمُسَافِرِ مُطْلَقًا , وَيُلْحَق بِهِ مَنْ تَلْحَقُهُ بِذَلِكَ مَشَقَّة فِي الْحَضَر دُونَ مَنْ لَا تَلْحَقهُ ، وَاَللَّه أَعْلَم " انتهى .

وقال أبو إسحاق الشيرازي في "المهذب" (1/176) :

" وتسقط الجماعة بالعذر وهو أشياء … ومنها : أن يخاف ضررا في نفسه أو ماله أو مرضا يشق معه القصد " انتهى .

وقال النووي في "المجموع" (4/99) وهو يتكلم عن الأعذار المبيحة لترك الجماعة :

" الْبَرْدُ الشَّدِيدُ عُذْرٌ فِي اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ , وَشِدَّةُ الْحَرِّ عُذْرٌ فِي الظُّهْرِ , وَالثَّلْجُ عُذْرٌ إنْ بَلَّ الثَّوْبَ "

انتهى .

وجاء في "الموسوعة الفقهية الكويتية" (27/186) :

" والْبَرْدُ الشَّدِيدُ لَيْلاً أَوْ نَهَارًا ، وَكَذَلِكَ الْحَرُّ الشَّدِيدُ ، من الأَْعْذَار العامة الَّتِي تُبِيحُ التَّخَلُّفَ عَنْ صَلاَةِ الْجَمَاعَةِ . وَالْمُرَادُ : الْبَرْدُ أَوِ الْحَرُّ الَّذِي يَخْرُجُ عَمَّا أَلِفَهُ النَّاسُ ، أَوْ أَلِفَهُ أَصْحَابُ الْمَنَاطِقِ الْحَارَّةِ أَوِ الْبَارِدَةِ " انتهى .

وجاء فيها أيضاً (8/57-58) :

" وَفِي صَلاَةِ الْجُمُعَةِ وَالْجَمَاعَةِ : أَجَازَ الْفُقَهَاءُ فِي الْبَرْدِ الشَّدِيدِ التَّخَلُّفَ عَنْ صَلاَةِ الْجُمُعَةِ ، وَعَنْ صَلاَةِ الْجَمَاعَةِ نَهَارًا أَوْ لَيْلاً " انتهى . 

للاستزادة : راجع جواب السؤال : (70507) ، (98739) ، (109209) .

والله أعلم

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر

الإسلام سؤال وجواب

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android