0 / 0

أسباب المشكلات بين الزوجة وأهل زوجها ، وطرق حلها

السؤال: 120672

كيف أتعامل مع تدخلات أهل زوجي في شؤوني الخاصة ؟ وهل يكون من سوء الخلق عندما أرد عليهم ؛ لأنهم من النوع الذي يتمادى عند السكوت ، ويعلم الله وحده أني تجاهلت كثيراً من تدخلاتهم وأساليبهم المستفزة ، ولكن يبدو أنهم لا يأتون بالتجاهل ؛ لأن أسئلتهم تمادت ، والله – يا شيخ – إن إحدى أخوات زوجي كانت تتحدث عن التعدد ، وكان زوجى جالساً بجواري ، وتقول : " وماذا في لو تزوج الثانية " ؟ ، وأنا جالسة لم تراع مشاعري ، وكنت وقتها في بداية زواجي في زيارة عندهم ، والله ما عرفوا خيري من شري ، حتى تقول هذا الكلام ، وعندما يمتدح شيئاً أفعله – وهو في أندر النادر أمامهم – تقول : هذا من واجبها ، وهذا كله أمامي ، ووالله ما فتحت فمي بكلمة واحدة ؛ لأننا تربينا على عدم الرد على من يسيء لنا ، أنا وأخواتي ، حتى الرد المؤدب لا أجيده إلا في النادر جدّاً ، وبعدها أحس بتأنيب الضمير ، ولو أسهب في طرح تدخلاتهم وأسئلتهم ، حتى في رضعات طفلي ، ومكان استحمامه ، ونظافته الشخصية ، وأنا – بشهادة زوجي – لم أهمله ، أو أقصر معه ، حتى أطفالهم يرددون نفس أسئلتهم ، حتى كرهت الذهاب إليهم ، وإنني عندما أذهب إليهم لا أبين أني منزعجة ، أو تجرحني ، وتحرجني ، وأكون عادية ، ولكن مشحونة من الداخل ، وبالذات أن زوجي قال : لو تحدثتِ مع أحد عن تعامل أهلي معك : أسألك عنها أمام الله . الأسئلة : سبق أن فضفضتُ لأختي ، وزوجة أخي عن بعض تصرفاتهم ، وتعاملهم معي ، وهن – يعلم الله – عاقلات ، ويقلن لي : ردي بأدب على الشيء الذي لا يُسكت عنه ، وما تستطيعين تجاهله : تجاهليه هل آثم على ذلك ؟ . هل لزوجي الحق في تحذيري من الحديث عن تعاملهم معي لأي مخلوق ، مع أن الإنسان يحتاج أن يفضفض عن مشاكله وهمومه لأحد ؟ والله إني أشعر بالكبت لدرجة أني أصبحت لا أحب أن أراهم ، أو أسمع أصواتهم ؛ لأني أصبحت مشحونة جدّاً ، حتى من زوجي ، وأصبحت عصبية ، وأنا أكره أن أعامله بجفاء ، وأعذره في أنه لا يريد أن تشوَّه صورة أهله عند أحدٍ ، ولكن مِن حقي أن أستشير مَن هم أكبر منِّي ، وأعمق تجربة ، هل يجوز لي أن أستشير ، وأبث همومي لمن هو ثقة ، أو أبقى في دائرة الكبت ، والشحن النفسي ؟ . كيف أتعامل مع زوجي وأهله بما يرضي الله ، وبما لا يهدر حقوقي ، أو يكسر الحدود في علاقتي معهم ؟ لأن خراب كثير من البيوت عندما يتخطى أحدهم الحدود في التعامل مع الطرف الآخر ولا يوضع لها حدود . هل يجوز لي أن أرفض السكن بجوار أهله لتجنب المشاكل ؟ . وجزاكم الله الجنة .

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

أولاً:
كثيرة هي المشكلات القائمة بين الزوجة وأهل زوجها ، ولحل أي مشكلة ينبغي النظر في أسبابها قبل كل شيء :
1. فقد تكون هذه الأسباب راجعة لطبيعة أهل الزوج ، فبعض الناس صار الشر طبعاً لهم ، يكبِّرون الصغير ، ويعظمون التافه الحقير ، وهؤلاء ليس المشكلات فقط بينهم وبين زوجة ابنهم ، بل هي عامة تشمل الناس جميعاً ، وحل هذه المعضلة يحتاج لجهود مضنية ، بتعليمهم الخطأ من الصواب ، والخير من الشر ، وتربيتهم على الإيمان والطاعة ، وفي هذه الحال يجب على الزوج الذي يعلم هذا من طبيعة أهله أن لا يلتفت لكلامهم في زوجته ، ولا يقيم له وزناً ، وأن يساهم في إصلاح حال أهله ، ودعوتهم للخير ، وأن يخفف على زوجته إذا وقع عليها ظلم من أهله .
2. وقد يكون سبب المشكلات بين الطرفين : الغيرة التي تدب في قلوب أهل الزوج ، وذلك عندما يرون تعلق ابنهم بزوجته ، وتدليله لها ، وحلُّ هذه المشكلة يكون بتعويضهم بدلال زائد ، ورعاية خاصة ، وكثرة هدايا ، مع عدم إظهار تعلق الزوج بزوجته أمامهم ، ومع إعطاء الزوج اهتماماً لهم ، وكثرة الدعاء بأن يزيل الله الغيرة من قلوبهم .
3. وقد يكون سبب تلك المشكلات : ما يراه أهل الزوج على الزوجة من تقصير مع ابنهم ، أو مع أولادها ، أو في بيتها ، أو ما تبديه لهم من تصرفات شائنة ، وعدم احترام لوالدتهم ، وغير ذلك مما هو موجود فعلاً – وليس افتراء – عند كثير من الزوجات ، وهذا هو الجانب الإيجابي من تلك المشكلات ! لأن به تعرف الزوجة ما عندها من تقصير ، وتفريط ، فتصلح الخطأ ، وتجبر الخلل ، وتكمل النقص ، ولا يمكن لزوجة أن تدعي الكمال في تصرفاتها ، وأخلاقها ، وهذا أيسر الأسباب لتلك المشكلات ؛ لأن الحل سهل ويسير على الزوجة ، وهو إصلاح نفسها ، وإصلاح ما بينها وبين أهل زوجها ، بحسن التصرف ، وإعطاء كل ذي حق حقَّه من التقدير ، وبذلك تصلح ما فسد من الأمور ، وتكسب قلب زوجها لجانبها .
ثانياً:
الذي نراه أنه على الزوجة أن تطيع زوجها إن أمرها أن لا تخبر أحداً بما يجري بينها وبين أهله ، وهذا القرار من الزوج فيه مصلحة عظيمة تفوق مصلحة تنفيس الزوجة عن نفسها ، فمثل هذه الأمور إذا ظهرت وانتشرت : شارك كل واحد برأي ، أو اخترع مكيدة ، أو ساهم برأي منكوس لحل تلك المشكلات ، وهنا يتسع الخرق على الراقع ، وتكثر تلك المشكلات ، وتتعدد أسبابها ، وقد يشق ، أو يصعب بعده حلها .
وشكوى الزوجة لأحد من العقلاء جائز ، ولا يدخل في الغيبة المحرمة – وانظري جواب السؤال رقم : ( 7660 ) – ، وفي الوقت نفسه للزوج أن يمنعها من هذا المباح إن كان يرى مصلحة شرعية من المنع .
فالذي نراه أنكِ قد أخطأتِ بمخالفة كلامه ، وبكلامك مع أختك ، وزوجة أخيك ، بما جرى بينك وبين أهل زوجك ، ولإصلاح ذلك : عليك التوبة والاستغفار ، وعدم الاستمرار في الكلام معهما في هذا الشأن ، وتوصيتهما بعدم ذِكر شيء مما قلتيه لهما لأحدٍ من الناس ، ولا داعي للاعتراف لزوجك بما فعلتيه ؛ لعدم ترتب مصلحة على ذلك ، بل قد يترتب عليه مفاسد ، منها : كراهيته لك ، ولفعلك ، ومنها : منعك من الحديث نهائيّاً مع أختك ، وزوجة أخيك ، وكل ذلك متوقع ، والشيطان له حضور بالغ في مثل هذه الأوقات ، وهو ينفخ فيها ، ويعظم شأنها ، ويوقع العداوة والبغضاء بسببها .
ثالثاً:
يحتاج التعامل مع زوجك وأهله لحكمة بالغة منكِ ، وأنتِ – إن شاء الله – تستطيعين التعامل مع ذلك ، وقد بان لنا ذلك من خلال قولك " لأننا تربينا على عدم الرد على من يسيء لنا ، أنا وأخواتي ، حتى الرد المؤدب لا أجيده إلا في النادر جدّاً ، وبعدها أحس بتأنيب الضمير " ، ومن خلال قولك الآخر : " وإنني عندما أذهب إليهم لا أبيِّن أني منزعجة ، أو تجرحني ، وتحرجني ، وأكون عادية ، ولكن مشحونة من الداخل " ، وهذا الأمر لا يفعله إلا من يتحكم في نفسه ، ولا يفعله إلا العقلاء من الناس .
والمطلوب منك :
1. تجاهل ما تسمعينه من أهل زوجك مما تعرفين أنه بقصد الاستفزاز ، وأنه محض افتراء .
2. أن تصلحي شأنك ، وبيتك ، وأولادك ، وما تسمعينه منهم مما هو عندك فعلاً : فلا بدَّ من إصلاحه ، والقيام عليه حق القيام .
3. حاولي التودد لأهله بحسن الأسلوب ، ورقة الكلمات ، وجميل التصرفات ، وتفقديهم بين الحين والآخر بهدية تليق بهم ، أو بطعام تصنعينه لهم ، أو بحلوى تخصينهم بها ، ومعروف أن للهدايا شأناً بالغاً في تقريب القلوب ، وإشاعة المحبة والمودة بين طرفيها .
4. أحسني لزوجك بعدم ذِكر ما يجري من أهله لأحدٍ من الناس ، واجعلي ثقته فيك عالية ، ولا تجعليه يسمع منك أو يرى ما يكره .
5. ومع كل ذلك : فإن هذا لا يعني السكوت الكلِّي عن الطعون والافتراءات التي توجه لك ، لكننا ننصحك برد ذلك إلى زوجك ، وتحميله مسئولية إصلاح الأمور ، وإعطاء كل ذي حقَّه ، وأظهري له حسن تربية أهلك لك .
6. وأخيراً : لا بأس أن تقترحي على زوجك الانتقال من السكن القريب من أهله ، وليس واجباً عليه أن يستجيب ، فحقك إنما هو في سكن مستقل ، وأنت تتمتعين به ، لكن من الحكمة والمصلحة أن يبتعد الزوج عن سكن أهله إن كان يعلم عدم التوافق بينهم وبين زوجته ، ولعلَّ ذلك البُعد أن يساهم في تقوية الروابط بين الأطراف جميعها ، وأن يزيل من القلوب تلك الإحن ، وذلك الحقد .
واستعيني بالله ربك بالدعاء ، مع القيام بما أوجب عليك من الطاعات ، ونسأل الله تعالى أن يوفقكم لما فيه رضاه ، وأن يجمع بينكم جميعاً على خير .
والله أعلم

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر

الإسلام سؤال وجواب

answer

موضوعات ذات صلة

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android