0 / 0
172,10230/03/2008

إذا ترك صلاة الفجر عمدا هل يترتب عليه شيء ؟

السؤال: 114426

أنا شاب ولله الحمد عقدت عقد الزواج ، ولم أبن بزوجتي ، والحمد لله حريص على أداء الصلاة في أوقاتها ، السؤال هو أنني أصبحت يوما لصلاة الفجر ، فوجدت نفسي محتلما ، فأكملت نومي ولم أصل حتى خرج وقت الصبح وطلعت الشمس ، فاغتسلت ، وصليت ، فهل بذلك أكون قد تركت الصلاة متعمدا ، وخرجت من الملة ، وما حكم عقدي بزوجتي هل ما زالت زوجتي ، أم أصبحت طالقا ، إذا ترتب على تركي لصلاة ( الفجر فقط ) الخروج من الملة ؛ لأني قرأت أن بعض العلماء من السلف كالإمام أحمد رحمه الله والخلف قالوا أن ترك صلاة واحدة يخرج من الملة ، ومنهم الشيخ ابن باز رحمه الله .
أرجو الإفادة لحالتي لحساسية الموضوع ، ولشكي في عقد زواجي .
وجزاكم الله كل خير .

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

نسأل الله تعالى أن يثبتنا وإياك على طاعته ، وأن يجعل صلاتنا وعبادتنا خالصة لوجهه الكريم .
ونشكر لك حرصك وورعك وخوفك من أمر هو في دين الله عظيم ، والمسلم دائم الحذر والمراقبة والمراجعة ، يخشى أن يعذبه الله بذنبه ، فيحرص على التوبة والإنابة والاستغفار.
ونذكرك أخانا السائل أن المسلم الذي ينام عن الصلاة عن غير قصد بعد أن اتخذ الأسباب العادية للاستيقاظ ، ولكن لم تفلح هذه الأسباب في إيقاظه ، فهذا لا إثم ولا حرج عليه .
أما الذي يستيقط ويعي ما حوله ، ويعلم أن وقت الصلاة قد دخل ، ثم يتعمد استكمال النوم ناويا الاستمرار حتى خروج وقتها فقد وقع في إثم عظيم وذنب كبير يقتضي المسارعة إلى التوبة والندم ، ويكفيه إثما وخطرا أن العلماء قد اختلفوا في كفره على قولين .
فقد اختلف أهل العلم – من القائلين بتكفير تارك الصلاة – في صفة الترك الذي يستوجب الكفر :
فقال بعضهم : هو مطلق الترك ، فلو ترك صلاة واحدة متعمدا من غير عذر حتى خرج وقتها كفر ، وهو قول إسحاق بن راهويه وغيره ، واختيار اللجنة الدائمة ، والشيخ عبد العزيز بن باز رحمهم الله من المعاصرين .
انظر: “فتاوى اللجنة الدائمة” (5/41)، و”مجموع فتاوى ابن باز” (29/179)
وقال بعض أهل العلم : إن الذي ينطبق عليه حكم الكفر ، هو الذي يترك الصلاة تركا مطلقا ، وأما من يصلي حينا ، ويترك الصلاة حينا ، فهذا لا يكفر الكفر المخرج من الملة ، وإن كان مع قد أتى بابا عظيما من أبواب الإثم .
يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :
” إن كثيراً من الناس ، بل أكثرهم ، في كثير من الأمصار ، لا يكونون محافظين على الصلوات الخمس ، ولا هم تاركيها بالجملة ، بل يصلون أحياناً ، ويدعون أحياناً ، فهؤلاء فيهم إيمان ونفاق ، وتجري عليهم أحكام الإسلام الظاهرة في المواريث ونحوها من الأحكام ” انتهى. “مجموع الفتاوى” (7/617) .
على أن الذي لا خلاف فيه بين أهل العلم ، أن من ترك صلاة واحدة ، الفجر أو ما سواها ، حتى يخرج وقتها ، فقد أتى بابا عظيما من الإثم ، أعظم من السرقة وشرب الخمر والزنا ، فإما هو فاسق من شر فساق أهل الملة ، حتى يتوب ويرجع عن ترك صلاته ، أو هو كافر ، كما ذهب إليه كثير من أهل العلم ، بل هو المحكي عن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم .
فالنصيحة للأخ السائل ولجميع إخواننا المسلمين أن نتسابق في الحرص على أداء الصلوات ، وعدم التهاون في تركها ، فهي عمود الدين ، مَن ضَيَّعها فهو لما سواها أضيَع ، فإذا قَصَّر المسلم في أداء هذا الواجب في بعض المرات فعليه أن يتوب إلى الله تعالى ويستغفره ، ويكثر من النوافل مع القضاء ، وليس عليه أن يجدد عقد زواجه ، فهو عقد صحيح باق إن شاء الله تعالى ، لا ينقضه ترك صلاة واحدة على الصحيح من أقوال أهل العلم .
وانظر جواب السؤال رقم : (10914) ، (52923) ، (83165)
وأما عقدك بقاؤك مع زوجتك ، وعقدك عليها ، فهو صحيح ، ولا تحتاج إلى عقد جديد ، إن شاء الله .
أما على مذهب من يرى أن تارك الصلاة لا يكفر ، فهو واضح .
وأما على مذهب من يرى كفر من ترك صلاة واحدة وردته ؛ فإن المرتد لا تبين منه امرأته إلا إذا انقضت عدتها ، وهو في ردته .
جاء في الموسوعة الفقهية : ” قال الشّافعيّة : إذا ارتدّ أحد الزّوجين المسلمين فلا تقع الفرقة بينهما حتّى تمضي عدّة الزّوجة قبل أن يتوب ويرجع إلى الإسلام ، فإذا انقضت بانت منه ، وبينونتها منه فسخ لا طلاق ، وإن عاد إلى الإسلام قبل انقضائها فهي امرأته”
وهذا القول هو إحدى الروايتين عن الإمام أحمد . قال المرداوي : وهو المذهب ، وهو الصحيح . انظر : الإنصاف (8/215-216) ، تصحيح الفروع (249-250) .
قال شيخ الإسلام رحمه الله : ” الدوام أقوى من الابتداء ؛ ألا ترى أن العدة و الردة تمنع ابتداء عقد النكاح دون دوامه ” . الصارم المسلول (1/273) .
بل اختار شيخ الإسلام رحمه الله بقاء النكاح ما لم تنكح زوجا غيره ، [ يعني : ولو بعد انقضاء العدة ] ؛ فإن كان الزوج هو المرتد ، فالأمر إليها ، ولا حكم له عليها ، ولا حق عليه ، لأن الشارع لم يستفصل ، وهو مصلحة محضة ، وكذا إن كانت الزوجة هي التي ارتدت ، وليس له حبسها ، وأنها متى أسلمت فهي امرأته ، إن اختار .
انظر : الفروع لابن مفلح (5/246-250) ، الإنصاف للمرداوي (8/213، 216) .

قال الشيخ ابن باز رحمه الله ، في امرأة زوجها لا يصلي ، ويفعل المحرمات :
” وتمتنعين من أن يقربك بجماع وغيره ، حتى يتوب إلى الله وحتى يدع عمله السيئ ، ولا سيما ترك الصلاة ، فإذا تاب إلى الله وصلى ، فلا مانع ” .
مجموع فتاوى ومقالات الشيخ عبد العزيز بن باز (10/255-256) .
والله أعلم .

 

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر

الإسلام سؤال وجواب

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android