0 / 0

الأكل من مطاعم الوجبات السريعة في الغرب

السؤال: 100431

سؤالي عن الأكل من مطاعم الوجبات السريعة ببريطانيا . لقد قرأت السؤال رقم (12776) والذي يشير إلى جواز أكل ذبائح أهل الكتاب إذا ما صعقت لشل حركتها وذكيت قبل موتها من الصعق . في الحقيقة وقع في يدي جريدة بريطانية تشرح عملية الذبح بالتفصيل تحت عنوان " كيف تصل اللحوم إلى مائدتكم " وجاء بها أن الأبقار تُرمى بإطلاقٍ ناري على بعد (15) سم ، على أن هذا لا يقتلها ، بل يشل حركتها ، ثم تعلق إلى المذبح ليتم قطع رأسها من أعلى العنق . هل يجوز أكل هذا النوع من الذبائح ؟ أو بمعنى آخر : هل يجوز الأكل من المطاعم الغربية إذا افترضنا أنها طريقتهم بالذبح ؟

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

أولا :
من أهم شروط تحقق الذكاة الشرعية شرطٌ يقوم في المذبوح ، وهو أن يكون الحيوان حيا وقت الذبح ، وللفقهاءِ تفصيلاتٌ وتقسيماتٌ كثيرة في بيانِ معنى كون الحيوان حيا وقت الذبح ، والتفريقِ بين ما قامت به بعض أسباب الهلاك الأخرى كالانخناق والتردي وبين ما لم يوجد سبب يحال عليه الهلاك ، إلا أن الذي يتجه من تلك التفصيلات ، إن شاء الله ، هو أن وجود أصل الحياة في الحيوان كاف لتحقق الذكاة الشرعية ، وعلامته إنهار دم الحياة ، ولا يشترط شيء زائد على ذلك .
يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله "مجموع الفتاوى" (35/237) :
" والصحيح : أنه إذا كان حيا فذُكِّيَ حل أكلُه ، ولا يعتبر فى ذلك حركة مذبوح ، فإن حركات المذبوح لا تنضبط ، بل فيها ما يطول زمانه وتعظم حركته ، وقد قال: ( ما أنهر الدم وذكر اسم الله عليه فكلوا )
فمتى جرى الدم الذي يجري من المذبوح الذي ذبح وهو حي ، حل أكله .
والناس يفرقون بين دم ما كان حيا ودم ما كان ميتا ، فإن الميت يجمد دمه ويسود ، ولهذا حرم الله الميتة لاحتقان الرطوبات فيها ، فإذا جرى منها الدم الذى يخرج من المذبوح الذي ذبح وهو حي حل أكله وإن تيقن أنه يموت ، وقد أفتى غير واحد من الصحابة رضى الله عنهم بأنها إذا مصعت بذنبها ، أو طرفت بعينها ، أو ركضت برجلها بعد الذبح حلت ، ولم يشرطوا أن تكون حركتها قبل ذلك أكثر من حركة المذبوح ، وهذا قاله الصحابة لأن الحركة دليل على الحياة ، والدليل لا ينعكس ، فلا يلزم إذا لم يوجد هذا منها أن تكون ميتة ، بل قد تكون حية وإن لم يوجد منها مثل ذلك ، والإنسان قد يكون نائما فيذبح وهو نائم ولا يضطرب ، وكذلك المغمى عليه يذبح ولا يضطرب ، وكذلك الدابة قد تكون حية فتذبح ولا تضطرب لضعفها عن الحركة وإن كانت حية ، ولكن خروج الدم الذي لا يخرج إلا من مذبوح ، وليس هو دم الميت ، دليل على الحياة . والله أعلم " انتهى .
ثانيا :
وبناء على ذلك ، فما ذكرته – أخي السائل – من بعض المعلومات عن طريقة الذبح في مكان إقامتكم ، وأنهم يستعملون إطلاق العيار الناري لشل حركة الحيوان قبل الذبح ، وذلك إذا غلب على ظن من يقوم به أن إطلاق النار على هذا المحل من جسم الحيوان لا يؤدي إلى قتله ، إنما إلى إيقاف حركته فقط ، وأن الحياة لا زالت سارية فيه ، فلم تفارقه روحه ، ولا يخشى عليه من ذلك ، فمثل هذا إن ذبح بعدها الذبح الشرعي ، فإنه يحل أكله ، ولا بأس بإطلاق النار عليه ، تسهيلا لمهمة ذبحه .
وقد سبق في موقعنا بيان حكم الذبح بعد الصعق أو التخدير ، وننقل هنا لمزيد من البيان قرار "المجمع الفقهي الإسلامي بمكة المكرمة" ، فقد جاء فيه :
" أولا : إذا صعق الحيوان المأكول بالتيار الكهربائي ، ثم بعد ذلك تم ذبحه أو نحره وفيه حياة فقد ذكي ذكاة شرعية ، وحل أكله ، لعموم قوله تعالى : ( حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالْدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللّهِ بِهِ وَالْمُنْخَنِقَةُ وَالْمَوْقُوذَةُ وَالْمُتَرَدِّيَةُ وَالنَّطِيحَةُ وَمَا أَكَلَ السَّبُعُ إِلاَّ مَا ذَكَّيْتُمْ ) المائدة/3
ثانيا : إذا زهقت [ أي : خرجت ] روح الحيوان المصاب بالصعق الكهربائي قبل ذبحه أو نحره فإنه ميتة يحرم أكله ، لعموم قوله تعالى : ( حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ )
ثالثا : صعق الحيوان بالتيار الكهربائي عالي الضغط هو تعذيب للحيوان قبل ذبحه أو نحره ، والإسلام ينهى عن هذا ويأمر بالرحمة والرأفة به ، فقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : ( إن الله كتب الإحسان على كل شيء ، فإذا قتلتم فأحسنوا القتلة ، وإذا ذبحتم فأحسنوا الذبحة ، وليحد أحدكم شفرته وليرح ذبيحته ) رواه مسلم .
رابعا : إذا كان التيار الكهربائي منخفض الضغط وخفيف المس ، بحيث لا يعذب الحيوان ، وكان في ذلك مصلحة كتخفيف ألم الذبح عنه وتهدئة عنقه ومقاومته فلا بأس بذلك شرعا مراعاة للمصلحة ، والله أعلم " انتهى . نقلا عن "فقه النوازل" (4/251) للدكتور الجيزاني.
وجاء في قرار "مجمع الفقه الإسلامي بجدة" رقم (94) :
" أ – الأصل في التذكية الشرعية أن تكون بدون تدويخ للحيوان ؛ لأن طريقة الذبح الإسلامية بشروطها وآدابها هي الأمثل ، رحمة بالحيوان ، وإحسانا لذبحته ، وتقليلا من معاناته .
ويُطلب من الجهات القائمة بالذبح أن تطور وسائل ذبحها بالنسبة للحيوانات الكبيرة الحجم ، بحيث تحقق الأصل في الذبح على الوجه الأكمل .
ب- مع مراعاة ( ذلك ) فإن الحيوانات التي تذكى بعد التدويخ ذكاة شرعية يحل أكلها إذا توافرت الشروط الفنية التي يتأكد بها عدم موت الذبيحة قبل تذكيتها .
ج – لا يجوز تدويخ الحيوان المراد تذكيته باستعمال المسدس ذي الإبرة الواقذة ، أو بالبلطة ، أو بالمطرقة ، ولا بالنفخ على الطريقة الإنجليزية " انتهى .
فالحاصل أنه يجوز الأكل مما ذبح بالطريقة التي وصفت ، ولا حرج على من أكل من تلك الذبائح .
ولمزيد فائدة يرجى مراجعة (10339) ، (14308) ، (20805)
والله أعلم .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر

الإسلام سؤال وجواب

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android