أرغب في عمل قرض من بنك إسلامي بنظام المرابحة، وصورتها: " أن البنك يعطيك سلعة معينة، ولتكن حديد تسليح، مثلا بسعر ٨ آلاف، ثم تعطي هذا الحديد لتاجر بالتنسيق مع البنك، ويأخذ عمولة على أنه يتوسط في بيع هذا الحديد، ويعطيني التاجر ثمن الحديد بعد خصم عمولته، ثم أسدد البنك بالتقسيط على سعر ١٠ آلاف؛ لأن السداد يكون علي أقساط، وذلك لشراء منزل في بلدي، المنزل به مسجد في الدور الأرضي على مساحة ٤٠٠ متر، تهفو نفسي لشراء هذا المنزل تحديداً؛ حتى يكون لي نصيب في أجر خدمة بيت من بيوت الله تعالى، والتكفل به في كل شيء. السؤال: هل المرابحة بهذه الصورة من بنك إسلامي هي معاملة شرعية أم ربوية؟
ما حكم شراء سلعة من بنك وإعطائها لتاجر بالتنسيق مع البنك ليبيعها لصالح المشتري بثمن أقل مقابل عمولة؟
السؤال: 499072
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
أولا:
إذا ملك البنك الحديد، ثم باعه لك بعشرة آلاف مقسطة، وملكت أنت الحديد كذلك، ثم أعطيته تاجرا ليبيعه لك مقابل عمولة، وباعه بثمانية آلاف مثلا، فلا حرج في ذلك.
بشرط ألا يبيعه التاجر للمصدر الذي اشترى منه البنك الحديد، أو لشريك للبنك.
فإن فعل ذلك، كان هذا تحايلا على الربا، وتسمى الحيلة الثلاثية أو المثلثة، وهي محرمة؛ لأن السلعة ستعود إلى صاحبها، وتكون المعاملة مالا بمال، وقد أُكل العميل من الطرفين، من البنك ومن التاجر.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: " أو يواطئا ثالثا على أن يبيع أحدَهما عرْضا، ثم يبيعه المبتاع لمعامِله المرابي، ثم يبيعه المرابي لصاحبه، وهي الحيلة المثلثة " انتهى من "مجموع الفتاوى" (29/28).
وقد أدخلها الحنفية في بيع العينة.
قال في "المحيط البرهاني" (7/304): "اختلف المشايخ في تفسير العينة التي ورد النهي عنها …
قال بعضهم: تفسيرها أن يدخلا بينهما ثالثاً، فيبيع المقرض ثوبه من المستقرض باثني عشر درهماً ويسلمه إليه، ثم يبيع المستقرض من الثالث الذي أدخلاه بينهما بعشرة ويسلم الثوب إليه، ثم إن الثالث يبيع من صاحب الثوب وهو المقرض بعشرة ويسلم الثوب إليه ويأخذ منه العشرة، ويدفعها إلى طالب القرض، فيحصل لطالب القرض عشرة دراهم ويحصل لصاحب الثوب عليه اثنا عشر درهماً، وهذا حيلة من حيل الربا" انتهى.
وبيع العِينة محرم، وهو ربا، وفيه قوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِذَا تَبَايَعْتُمْ بِالْعِينَةِ، وَأَخَذْتُمْ أَذْنَابَ الْبَقَرِ، وَرَضِيتُمْ بِالزَّرْعِ، وَتَرَكْتُمْ الْجِهَادَ، سَلَّطَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ ذُلا لا يَنْزِعُهُ حَتَّى تَرْجِعُوا إِلَى دِينِكُمْ رواه أبو داود (2956) وصححه الألباني في "صحيح أبي داود".
وأما إذا بعته أنت أو باعه التاجر الوكيل عنك، لتاجر آخر لا علاقة له بالبنك، فلا حرج في ذلك.
ولا يضر كون البنك هو الذي أتى لك بالتاجر الوكيل.
ولا يضر أيضا لو كان التاجر الوكيل هو من باع الحديد للبنك، إذا كان سيبيعه لتاجر آخر لا علاقة له بالبنك في هذه المعاملة.
لكن يشترط في ذلك كله: أن يكون تملك البنك للحديد، قبل بيعه عليك: تملكا حقيقيا.
وأن تكون أنت أيضا قد تملكت الحديد تملكا حقيقيا، ثم أعطيته للتاجر الذي سيبيعه لك.
فمتى كان شيء من هذه التصرفات صوريا، على الورق فقط، والسلعة في مكانها، لم تنتقل من مالك إلى مالك، ولا من بائع إلى مشتر؛ كان ذلك كله حيلة ظاهرة على أكل الربا.
ثانيا:
هذه المعاملة جامعة بين المرابحة والتورق:
فالمرابحة كون البنك يشترى الحديد بسبعة أو ثمانية، ثم يبيعه بعشرة.
ويشترط لها:
تملك البنك للسلعة قبل بيعها لك، وخلو العقد من شرط غرامة التأخير.
وينظر: بيع المرابحة للآمر بالشراء
والتورق: كونك تشتري الحديد بالآجل، لتبيعه وتحصل على الورق، وهو النقود.
والتورق جائز عند جمهور الفقهاء، كما بينا في جواب السؤال رقم: (45042 ).
وليس في المعاملة قرض، فمن الخطأ تسميتها قرض المرابحة.
فإذا انضبطت المعاملة بما ذكرنا، فلا حرج فيها.
والله أعلم.
هل انتفعت بهذه الإجابة؟
المصدر:
موقع الإسلام سؤال وجواب
موضوعات ذات صلة