أجد صعوبة فى فهم قوله تعالى فى سورة الرعد (وَهُوَ ٱلَّذِي مَدَّ ٱلۡأَرۡضَ وَجَعَلَ فِيهَا رَوَٰسِيَ وَأَنۡهَٰرٗاۖ)، وقوله تعالى فى سورة الإنشقاق (وَإِذَا ٱلۡأَرۡضُ مُدَّتۡ (3)) فما المقصود بكلمة المد فى الأولى وكلمة المد فى الثانية، أقصد إنه إذا كانت الأرض ممدودة بالفعل فكيف يمدها الله مرة أخرى يوم القيامة؟ أم إن هناك اختلاف بين الآيتين؟
ما الفرق بين مد الأرض في آية: (وهو الذي مد الأرض) وآية: (وإذا الأرض مدت)؟
السؤال: 342325
ملخص الجواب
مد الأرض الذي يكون عند قيام الساعة، ليس هو مد الأرض الحاصل لها الآن، بل هو مد آخر، مؤذن بزوال العالم، وانتهاء أحوال هذه الدنيا، وينظر تفصيل ذلك في الجواب المطول.
Table Of Contents
أولًا:
معنى المد في قوله تعالى (وهو الذي مد الأرض…)
(المد) في قوله تعالى: وَهُوَ الَّذِي مَدَّ الْأَرْضَ وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ وَأَنْهَارًا وَمِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ جَعَلَ فِيهَا زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ الرعد/3.
معناه البسط.
انظر: "تفسير الطبري" (13/ 413)، و"تفسير البغوي" (4/ 293).
قال "ابن كثير": "أي: جعلها متسعة، ممتدة في الطول والعرض، وأرساها بجبال راسيات شامخات، وأجرى فيها الأنهار والجداول والعيون لسقي ما جعل فيها من الثمرات المختلفة الألوان والأشكال والطعوم والروائح، من كل زوجين اثنين، أي: من كل شكلٍ صنفان." انتهى من "التفسير" (4/ 431).
ثانيًا:
معنى المد في قوله تعالى (وإذا الأرض مدت)
وأما قوله تعالى: وَإِذَا الْأَرْضُ مُدَّتْ الانشقاق/3، فمعناه: زيادة السعة في الأرض، كما قال ابن كثير: "أي: بُسطت، وفرشت، ووسعت". "التفسير" (8/ 356).
وأورد ما رواه "الطبري" في "التفسير" (24/ 232) عن علي بن الحسين: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إذا كان يوم القيامة مد الله الأرض مد الأديم، حتى لا يكون لبشر من الناس إلا موضع قدميه…".
قال "الحليمي" في "المنهاج في شعب الإيمان" (1/ 449): "أنها تبدل، بمعنى: أن أعراضها وصفاتها تغير، فإنها ذات جبال وتلال وروابي وآكام، وأودية ووهاد، وغدران وأشجار وبنيان، فتزال هذه كلها، ويسوى بعضها ببعض، ثم تمد مد الأديم، فتزيد بذلك سعتها، فتتمكن الخلائق، من الأولين والآخرين من الوقوف عليها، وعلى هذا معنى قوله عز وجل: وإذا الأرض مدت، وألقت ما فيها وتخلت." انتهى.
فمد الأرض في الآخرة، معناه: زيادة السعة، والبسط، وزوال الجبال، ونحوها، ولا تعارض بين الآيتين.
قال العلامة ابن عاشور، رحمه الله:
"ومد الأرض: بسطها.
وظاهرُ هذا: أنها يزال ما عليها من جبال كما يمد الأديم، فتزول انثناءاته، كما قال تعالى: (ويسئلونك عن الجبال فقل ينسفها ربي نسفا * فيذرها قاعا صفصفا * لا ترى فيها عوجا ولا أمتا) [طه: 105- 107].
ومن معاني (المد): أن يكون ناشئا عن اتساع مساحة ظاهرِها، بتشققها بالزلازل، وبروز أجزاء من باطنها إلى سطحها.
ومن معاني المد: أن يُزال تكويرها بتمدد جسمها، حتى تصير إلى الاستطالة بعد التكوير. وذلك كله مما يؤذن باختلال نظام سير الأرض، وتغير أحوال الجاذبية، وما يحيط بالأرض من كرة الهواء؛ فيعقب ذلك زوال هذا العالم." انتهى من "التحرير والتنوير" (30/219).
وحاصل ذلك كله:
أن المد الذي يكون عند قيام الساعة، ليس هو مد الأرض الحاصل لها الآن، بل هو مد آخر، مؤذن بزوال العالم، وانتهاء أحوال هذه الدنيا.
والله أعلم.
هل انتفعت بهذه الإجابة؟
المصدر:
موقع الإسلام سؤال وجواب