0 / 0
45,35428/11/2018

حكم قطع الصلاة بسبب الزلزال ونحوه

السؤال: 295672

هل يجوز قطع الصلاة خلال الزلزال ونحوه من الكوارث الطبيعية ؟

ملخص الجواب

لا حرج على من كان في الصلاة : أن يقطع صلاة إذا حصل زلزال ، أو حريق ، أو نحو ذلك من الكوارث ، أو النوازل العامة ، إذا خاف شيئا من ذلك على نفسه ، أو ماله ، أو خاف على نفس معصوم ، أو ماله .

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

أولا:

إذا كانت الصلاة تطوعا ، فالأمر فيها واسع؛ لأن قطع صلاة التطوع من غير عذر : جائز ، فمع العذر من باب أولى .

وهذا مذهب الشافعية والحنابلة وهو الصحيح ، ويدل على ذلك :

حديث عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ، قَالَتْ: " دَخَلَ عَلَيَّ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَاتَ يَوْمٍ فَقَالَ:  هَلْ عِنْدَكُمْ شَيْءٌ؟ 

فَقُلْنَا: لَا.

قَالَ:  فَإِنِّي إِذَنْ صَائِمٌ .

ثُمَّ أَتَانَا يَوْمًا آخَرَ فَقُلْنَا: يَا رَسُولَ الله! أُهْدِيَ لَنَا حَيْسٌ.

فَقَالَ:  أَرِينِيهِ ، فَلَقَدْ أَصْبَحْتُ صَائِمًا  فَأَكَلَ" رواه مسلم (1154).

جاء في "الموسوعة الفقهية الكويتية" (34 / 51):

" أما قطع التطوع بعد الشروع فيه فقد اختلف الفقهاء في حكمه فقال الحنفية والمالكية: لا يجوز قطعه بعد الشروع بلا عذر كالفرض ويجب إتمامه؛ لأنه عبادة.

وقال الشافعية والحنابلة: يجوز قطع التطوع، عدا الحج والعمرة، لحديث ( المتنفل أمير نفسه ) – أخرجه الترمذي من حديث أم هانئ بلفظ: ( الصائم أمير أو أمين نفسه ) -، ولكن يستحب إتمامه .

أما الحج والعمرة فيجب إتمامهما، وإن فسدا إذا شرع فيهما، لأن نفلهما كفرضهما " انتهى.

وراجع لمزيد الفائدة جواب السؤال رقم : (161243).

ثانيا :

أما إذا كانت الصلاة فريضة : فالأصل أن من شرع في الفريضة فلا يجوز له قطعها إلا لعذر سائغ.

جاء في "الموسوعة الفقهية الكويتية (34 / 51):

" قطع العبادة الواجبة بعد الشروع فيها ، بلا مسوغ شرعي : غير جائز باتفاق الفقهاء، لأن قطعها بلا مسوغ شرعي عبث يتنافى مع حرمة العبادة ، وورد النهي عن إفساد العبادة، قال تعالى: ( وَلَا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ ) .

أما قطعها بمسوغ شرعي : فمشروع، فتقطع الصلاة لقتل حية ونحوها ، للأمر بقتلها، وخوف ضياع مال له قيمة ، له أو لغيره، ولإغاثة ملهوف، وتنبيه غافل أو نائم قصدت إليه نحو حية، ولا يمكن تنبيهه بتسبيح، ويقطع الصوم لإنقاذ غريق، وخوف على نفس، أو رضيع " انتهى.

وحصول الزلازل والفيضانات .. ونحو ذلك ، لا شك أنها من الأعذار التي تبيح قطع صلاة الفريضة ، بل يجب قطعها في هذه الحالة ، إذا كان في قطعها إنجاء نفسه أو غيره من إخوانه ، قال الله تعالى : (وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ) البقرة/195 .

قال الشوكاني :

"وَلِلسَّلَفِ فِي مَعْنَى الْآيَةِ أَقْوَالٌ …

وَالْحَقُّ أَنَّ الِاعْتِبَارَ بِعُمُومِ اللَّفْظِ لَا بِخُصُوصِ السَّبَبِ، فَكُلُّ مَا صَدَقَ عَلَيْهِ أَنَّهُ تَهْلُكَةٌ فِي الدِّينِ أَوِ الدُّنْيَا ، فَهُوَ دَاخِلٌ فِي هَذَا، وَبِهِ قَالَ ابْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ" انتهى من "فتح القدير" (1/222) .

وقد ذكر العلماء جملة من الأعذار التي تبيح قطع الصلاة ، وفرق الحنابلة بين الخطر الذي يتهدد المصلي وبين الخطر الذي يتهدد غيره .

فالذي يتهدد غيره يقطع له الصلاة ، ثم يعيدها بعد ذلك .

أما الخطر الذي يتهدده فإنه لا يقطع له الصلاة ، بل يفر منه ويهرب ويتخلص منه  ، ولو باستدبار القبلة والحركة الكثيرة والجري ، وهو مع ذلك كله في صلاته ، عملا بالآية الكريمة الواردة في صلاة الخوف ، فإنها ليست خاصة بالخوف من الأعداء .

قال الله تعالى : (فَإِنْ خِفْتُمْ فَرِجَالاً أَوْ رُكْبَاناً) البقرى/239 .

قال الشيخ ابن عثيمين في تفسير سورة البقرة (239) : "(فإن خفتم) أي : خفتم حصول مكروه بالمحافظة على ما ذكر، بأن أخافكم عدو أو حريق أو سيل، أو ما أشبه ذلك مما يخاف منه الإنسان : (فرجالا) أي على الأرجل ، أو (ركبانا) أي راكبين " انتهى .

وقال السعدي رحمه الله (ص106) :

"(فإن خفتم) لم يذكر ما يُخاف منه ، ليشمل الخوفَ من كافر وظالم وسبع ، وغير ذلك من أنواع المخاوف ..

(فرجالا أو ركبانا) ويلزم من ذلك : أن يكونوا مستقبلي القبلة ، وغير مستقبليها" انتهى .

وقال ابن قدامة في "المغني" (3/97) :

"وَإِنْ احْتَاجَ إلَى الْفِعْلِ الْكَثِيرِ فِي الصَّلَاةِ لِغَيْرِ ضَرُورَةٍ ، قَطَعَ الصَّلَاةَ ، وَفَعَلَهُ .

قَالَ أَحْمَدُ : إذَا رَأَى صَبِيَّيْنِ يَقْتَتِلَانِ ، يَتَخَوَّفُ أَنْ يُلْقِيَ أَحَدُهُمَا صَاحِبَهُ فِي الْبِئْرِ ، فَإِنَّهُ يَذْهَبُ

إلَيْهِمَا فَيُخَلِّصُهُمَا ، وَيَعُودُ فِي صَلَاتِهِ .

وَقَالَ : إذَا لَزِمَ رَجُلٌ رَجُلًا ، فَدَخَلَ الْمَسْجِدَ ، وَقَدْ أُقِيمَتْ الصَّلَاةُ ، فَلَمَّا سَجَدَ الْإِمَامُ خَرَجَ الْمَلْزُومُ ، فَإِنَّ الَّذِي كَانَ يَلْزَمُهُ : يَخْرُجُ فِي طَلَبِهِ .

يَعْنِي : وَيَبْتَدِئُ الصَّلَاةَ .

وَهَكَذَا لَوْ رَأَى حَرِيقًا يُرِيدُ إطْفَاءَهُ ، أَوْ غَرِيقًا يُرِيدُ إنْقَاذَهُ ، خَرَجَ إلَيْهِ ، وَابْتَدَأَ الصَّلَاةَ .

وَلَوْ انْتَهَى الْحَرِيقُ إلَيْهِ ، أَوْ السَّيْلُ ، وَهُوَ فِي الصَّلَاةِ ، فَفَرَّ مِنْهُ : بَنَى عَلَى صَلَاتِهِ ، وَأَتَمَّهَا صَلَاةَ خَائِفٍ ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ" انتهى .

وقال المرداواي في "الإنصاف" (3/658) :

"يجِبُ رَدُّ الكافرِ المعْصوم دَمهُ ، عن بئر ، إذا كان يُصَلِّي ، على أصَحِّ الوَجْهَيْن، كرَدِّ مُسْلمٍ عن ذلك، فَيقْطَعُ الصَّلاةَ ثم يَسْتَأنِفُها. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وقيل: يُتِمُّها. …

وكذا يجوز له قطعُ الصَّلاةِ إذا هرَب منه غَرِيمُه. نَقَل حُبَيْشٌ عن الإمام أحمد : يخْرجُ في طَلَبِه. وكذا إنْقاذ غرِيقٍ ونحوِه. على الصَّحيح مِنَ المذهبِ" انتهى .

وقد ذهب إلى هذه الرخصة ، بقطع الصلاة عند الأمر المخوف ، والخطر المتفاقم غير واحد من السلف والأئمة .

قال ابن رجب الحنبلي رحمه الله :

" وقال قتادة: إن أخذ ثوبه يتبع السارق ويدع الصلاة.

وروى عبد الرزاق في (كتابه)، عن معمر، عن الحسن وقتادة :

في رجل كان يصلي، فأشفق أن تذهب دابته ، أو أغار عليها السبع؟

قالا: ينصرف .

وعن معمر، عن قتادة، قالَ: سألته، قلت: الرجل يصلي فيرى صبياً على بئر، يتخوف أن يسقط فيها، أفينصرف؟

قال: نعم.

قلت: فيرى سارقاً يريد أن يأخذ نعليه؟

قال: ينصرف .

ومذهب سفيان: إذا عرض الشيء المتفاقم ، والرجل في الصلاة : ينصرف إليه .

رواه عنه المعافى .

وكذلك إن خشي على ماشيته السيل، أو على دابته .

ومذهب مالك؛ من انفلتت دابته وهو يصلي : مشى فيما قرب، إن كانت بين يديه، أو عن يمينه أو عن يساره، وإن بعدت طلبها وقطع الصَّلاة.

ومذهب أصحابنا: لو رأى غريقاً، أو حريقاً، أو صبيين يقتتلان، ونحو ذلك، وهو يقدر على إزالته قطع الصلاة وأزاله .

ومنهم من قيده بالنافلة ، والأصح: أنه يعم الفرض وغيره.

وقال أحمد – فيمن كان يلازم غريماً له، فدخلا في الصلاة، ثم فر الغريم وهو في الصلاة -: يخرج في طلبه.

وقال أحمد – أيضا -: إذا رأى صبياً يقع في بئر، يقطع صلاته ويأخذه .

قال بعض أصحابنا: إنما يقطع صلاته إذا احتاج إلى عمل كثير في أخذه، فإن كان العمل يسيراً لم تبطل به الصلاة.

وكذا قال أبو بكر ، في الذي خرج ورأى غريمه ؛ أنه يعود ، ويبني على صلاته.

وحمله القاضي على أنه كان يسيراً.

ويحتمل أن يقال: هو خائف على ماله، فيغتفر عمله، وإن كثر."  انتهى، "فتح الباري" لابن رجب (9/336-337) .

والحاصل :

أنه لا حرج على من كان في الصلاة : أن يقطع صلاة إذا حصل زلزال ، أو حريق ، أو نحو ذلك من الكوارث ، أو النوازل العامة ، إذا خاف شيئا من ذلك على نفسه ، أو ماله ، أو خاف على نفس معصوم ، أو ماله .

والله أعلم.

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر

موقع الإسلام سؤال وجواب

answer

موضوعات ذات صلة

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android