0 / 0
6,14904/04/2019

يرى أنه أحق من غيره بالإمامة وهناك من يكره إمامته، ومعنى حديث (من أم قوما وهم له كارهون)

السؤال: 289020

أنا مهندس ميكانيكي مقري في الهند ، وكذلك طالب علم ، أكملت الماجستير في الدراسات الإسلامية من الجامعة الإسلامية ، لقد حفظت 7 أجزاء من القرآن حتى الآن ، وأتمنى أن أكمل ما تبقى ، في غياب الإمام الراتب في مسجدنا هنا في الهند وبناء على طلب من الناس اعتدت إمامتهم في صلاة الفجر لعدم وجود نائب إمام معين ، لكن هناك شخص واحد أو شخصان ، واحد منهم هو رئيس المسجد) اعترضا في يوم ما، ودعاني من مكان الصلاة ، وطلب من شخص آخر أن يؤدي الصلاة مكاني ، وقال لاحقا : إن تجويدي للقرآن ضعيف ، وأخطئ في التلاوة ، لكن من وضعه بدلا عني لإمامة المصلين تجويده أضعف مني ، ولم يحفظ حتى جزءاً من القرآن ، علاوة على ذلك ، لقد درست فقه العبادات خلال الماجستير ، فما مدى صحة وجهة نظر رئيس المسجد؟ هل ما فعله كان صحيحا ؟ واستشهد بقوله “وإمام قوم وهم له كارهون ” ، هل هذا الاعتراض وعدم المحبة لشخص أو شخصين تكفي لتطبيق هذا الحديث ؟ لقد درست شرح الإمام النووي حديث (1422) من صحيح مسلم حول هذا الموضوع من أحق الناس بالإمامة في الصلاة ، وليس هناك ما يشبه قول هذا الرجل ، وقرأت أيضا “حاشية الروض” ولم يتم العثور على شيء ، يرجى تقديم النصيحة في هذا الشأن.

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

أولا:

روى مسلم (673) عَنْ أَبِي مَسْعُودٍ الْأَنْصَارِيِّ رضي الله عنه قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : يَؤُمُّ الْقَوْمَ أَقْرَؤُهُمْ لِكِتَابِ اللَّهِ ، فَإِنْ كَانُوا فِي الْقِرَاءَةِ سَوَاءً فَأَعْلَمُهُمْ بِالسُّنَّةِ ، فَإِنْ كَانُوا فِي السُّنَّةِ سَوَاءً فَأَقْدَمُهُمْ هِجْرَةً ، فَإِنْ كَانُوا فِي الْهِجْرَةِ سَوَاءً فَأَقْدَمُهُمْ سِنا ، وَلَا يَؤُمَّنَّ الرَّجُلُ الرَّجُلَ فِي سُلْطَانِهِ ، وَلَا يَقْعُدْ فِي بَيْتِهِ عَلَى تَكْرِمَتِهِ إِلَّا بِإِذْنِهِ  .

وقد تقدم في جواب السؤال رقم : (134279) شرح معنى : “الأقرأ لكتاب الله”، وأن المراد بذلك : الأكثر حفظاً، والأحسن تلاوة، والمراد من حسن التلاوة أن يقرأ قراءة صحيحة .

وَبَّينَّا أيضاً أنه إذا اجتمع شخصان: أحدهما أكثر حفظاً للقرآن ، والثاني أحسن قراءة ، فإنه يقدم الأكثر حفظاً .

وعليه: فإذا لم تكن تلحن لحنا جليا، أو كنت تلحن وهو يلحن كذلك، فأنت أحق من صاحبك؛ لأنك أكثر منه حفظا.

بل لو استويتما في الحفظ ، وكنت أفقه منه لدراستك الشرعية: فأنت مقدم لقوله في الحديث: فَإِنْ كَانُوا فِي الْقِرَاءَةِ سَوَاءً ، فَأَعْلَمُهُمْ بِالسُّنَّةِ .

وأما إذا كنت تلحن لحنا يحيل المعنى، وكان هو يسلم من هذا اللحن: فإنه يقدم.

قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: ” ولو قرأ كلَّ الآيات، ولم يسقط شيئاً من الكلمات؛ لكن أسقط حرفاً مثل أن يقول: صراط الذين أنعم عليهم فأسقط التاء لم تصحَّ، ولو أخلف الحركات فإنها لا تصحُّ؛ إنْ كان اللَّحنُ يُحيل المعنى؛ وإلا صحَّت، ولكنه لا يجوز أن يتعمَّد اللَّحنَ.

مثال الذي يُحيل المعنى: أن يقول: أَهْدِنَا بفتح الهمزة: لأن المعنى يختلف؛ لأن معناه يكون مع فتح الهمزة أعطنا إيَّاه هدية، لكن اهْدِنَا بهمزة الوصل بمعنى: دُلَّنا عليه، ووفِّقْنَا له، وَثَبِّتْنَا عليه.

ولو قال: صراط الذين أنعمتُ عليهم [يعني: بضم التاء]: لم تصحَّ؛ لأنه يختلف المعنى، يكون الإِنعامُ مِن القارئ، وليس مِن الله عزّ وجل.

ومثال الذي لا يُحيل المعنى: أن يقول: الحمدِ لله بكسر الدال بدل ضمِّها.

ولو قال: الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِ الْعَالَمِينَ بدون تشديد الباء لم تصحَّ؛ لأنه أسقط حرفاً؛ لأن الحرف المشدَّد عبارة عن حرفين” انتهى من “الشرح الممتع” (3/ 60).

وكذلك لو كنت تبدل من الفاتحة حرفا بحرف.

قال الشيخ رحمه الله: ” قوله: أو يبدل حرفاً أي: يُبدل حرفاً بحرفٍ، وهو الألثغُ، مثل: أنْ يُبدِلَ الرَّاءَ باللام، أي: يجعلَ الرَّاءَ لاماً فيقول: الحمدُ لله لَبِّ العالمين فهذا أُمِّيٌّ؛ لأنه أبدلَ حرفاً مِن الفاتحة بغيرِه.

ويُستثنى مِن هذه المسألةِ: إبدالُ الضَّادِ ظاءً ، فإنَّه معفوٌّ عنه على القولِ الرَّاجحِ ، وهو المذهبُ، وذلك لخَفَاءِ الفَرْقِ بينهما، ولا سيَّما إذا كان عاميَّاً، فإنَّ العاميَّ لا يكادُ يُفرِّقُ بين الضَّادِ والظَّاءِ، فإذا قال: غير المغظوب عليهم ولا الظالين : فقد أبدلَ الضَّادَ وجعلها ظاءً، فهذا يُعفى عنه لمشقَّةِ التَّحرُّز منه ، وعُسْرِ الفَرْقِ بينهما ، لا سيَّما مِن العوامِ.

فالإِبدال كما يلي:

1 ـ إبدالُ حَرْفٍ بحَرْفٍ لا يماثلُه. فهذا أُمِّيٌّ.

2 ـ إبدالُ حَرْفٍ بما يقارِبُه، مثل: الضَّاد بالظَّاءِ. فهذا معفوٌّ عنه.

3 ـ إبدالُ الصَّادِ سيناً، مثل: السراط والصراط، فهذا جائزٌ، بل ينبغي أنْ يقرأَ بها أحياناً، لأنها قِراءةٌ سبعيَّةٌ، والقِراءة السبعيَّةُ ينبغي للإِنسانِ أنْ يقرأَ بها أحياناً، لكن بشرط أن لا يكون أمامَ العامَّةِ، لأنك لو قرأتَ أمامَ العامَّةِ بما لا يعرفون لأنكروا ذلك، وَشَوَّشْتَ عليهم” انتهى من “الشرح الممتع”(2/ 247).

وقال البهوتي في “كشاف القناع” (1/482) : ” ( وحكم من أبدل منها ) أي الفاتحة ( حرفا بحرف لا يبدل ، كالألثغ الذي يجعل الراء غينا ونحوه : حكم من لحن فيها لحنا يحيل المعنى )؛ فلا يصح أن يؤم من لا يبدله ، لما تقدم ( إلا ضاد المغضوب والضالين ) ، إذا أبدلها ( بظاء ،  فتصح ) إمامته بمن لا يبدلها ظاء ; لأنه لا يصير أميّا بهذا الإبدال . وظاهره : ولو علم الفرق بينهما لفظا ومعنى ، ( كما تصح إمامته ( بمثله ; لأن كلا منهما ) أي الضاد والظاء ( من أطراف اللسان , وبين الأسنان، وكذلك مخرج الصوت واحد ، قاله الشيخ في “شرح العمدة” انتهى.

ثانيا:

يكره أن يؤم الإنسان قوما أكثرهم يكرهونه بحق.

قال في “الروض المربع”، (ص133) : ” (و) يكره (أن يؤم) امرأة (أجنبية فأكثر، لا رجل معهن) لنهيه – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – أن يخلو الرجل بالأجنبية، فإن أم محارمه، أو أجنبيات معهن رجل: فلا كراهة؛ لأن النساء كن يشهدن مع النبي – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – الصلاة، (أو) أن يؤم (قوما أكثرهم يكرهه بحق)، كخلل في دينه، أو فضله؛ لقوله – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: ثلاثة لا تجاوز صلاتهم آذانهم: العبد الآبق حتى يرجع، وامرأة باتت وزوجها عليها ساخط، وإمام قوم وهم له كارهون ، رواه الترمذي وقال في ” المبدع “: حسن غريب وفيه لين.

فإن كان ذا دين وسنة، وكرهوه لذلك : فلا كراهة في حقه” انتهى.

وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله في “الشرح الممتع” (4/ 252): ” وقوله: أكثرهم يكرهه بحق.

أفادنا المؤلِّفُ: أنَّه لو كان الأقلُّ يكرهه: فلا عبرةَ به.

وأفادنا قوله: بِحَقٍّ : أنَّهم لو كرهوه بغير حَقٍّ، مثل: لو كرهوه لأنَّه يَحْرِصُ على اتِّباعِ السُّنَّةِ في الصَّلاةِ ، فيقرأ بهم السُّورَ المسنونةَ، ويُصلِّي بهم صلاةً متأنيةً: فإن إمامتَه فيهم لا تُكره؛ لأنَّهم كرهوه بغيرِ حَقٍّ ، فلا عِبرةَ بكراهتهم.

لكن ظاهرُ الحديثِ : الكراهةُ مطلقاً، وهذا أصحُّ؛ لأنَّ الغَرَضَ مِن صلاةِ الجماعةِ هو الائتلافُ والاجتماعُ ، وإذا كان هذا هو الغَرضُ؛ فمِنَ المعلومِ أنَّه لا ائتلافَ ولا اجتماعَ إلى شخصٍ مكروهٍ عندَهم.

وينبغي له إذا كانوا يكرهونَه بغير حَقٍّ أنْ يَعِظَهُم ويُذكِّرَهم ويتألَّفَهم؛ ويُصلِّيَ بهم حسب ما جاءَ في السُّنَّةِ، وإذا عَلِمَ اللهُ مِن نِيَّتِهِ صِدْقَ نِيَّةِ التأليفِ بينهم يَسَّرَ اللهُ له ذلك” انتهى.

فإذا كان شخص أو شخصان ، أو جماعة قليلة من أهل المسجد ، يكرهون إمامتك، فلا حرج عليك.

وينبغي أن يتعاون المصلون في تقديم الأحق والأفضل عند غياب إمامهم، وأن يحرصوا على الائتلاف وعدم الخلاف.

والله أعلم.

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر

موقع الإسلام سؤال وجواب

answer

موضوعات ذات صلة

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android