0 / 0
70,58701/08/2015

دعاء المسلم يستجاب بمطلوبه أو بغيره

السؤال: 229456

هل دعاء المرء لصلاح دينه يتحقق مؤكدا في الدنيا ، إن صدق في دعائه ، كأن يسأل الله اليقين . وهل دعاؤه لصلاح آخرته يتحقق مؤكدا ، إن صدق في دعائه ، كأن يسأل الله الفردوس ؟

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

المسلم وظيفته أن يتعبد الله عز وجل بالدعاء وهو موقن بالإجابة ، مع إحسان الظن بالله سبحانه وتعالى ، والأخذ بأسباب الإجابة ، ثم يتوكل عليه عز وجل ، ويكل أمر جوابه إلى رحمته ولطفه وحكمته ، فهو جل وعلا أعلم بما يصلح العبد في الدنيا ، وينجيه في الآخرة ، المهم أن لا ييأس ولو طال الصبر والانتظار ، وأن لا يعجل فيقول : دعوت فلم يُستجب لي ، فالدعاء نفسه عبادة خاصة لله ، مقصودة بالذات ، وليست مقصودة للإجابة فحسب .
وقد ثبت عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخدري رضي الله عنه ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( مَا مِنْ مُسْلِمٍ يَدْعُو بِدَعْوَةٍ لَيْسَ فِيهَا إِثْمٌ ، وَلَا قَطِيعَةُ رَحِمٍ ، إِلَّا أَعْطَاهُ اللهُ بِهَا إِحْدَى ثَلَاثٍ : إِمَّا أَنْ تُعَجَّلَ لَهُ دَعْوَتُهُ ، وَإِمَّا أَنْ يَدَّخِرَهَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ ، وَإِمَّا أَنْ يَصْرِفَ عَنْهُ مِنَ السُّوءِ مِثْلَهَا . قَالُوا : إِذًا نُكْثِرُ . قَالَ : اللهُ أَكْثَرُ ) .
رواه أحمد في " المسند " (17/ 213) ، وحسنه المحققون في طبعة مؤسسة الرسالة ، وجوَّد إسناده المنذري في " الترغيب والترهيب "، وصححه الألباني في " صحيح الأدب المفرد " (547) .
وقد بوب عليه الإمام النووي رحمه الله في كتابه " الأذكار " (ص401) بقوله :
" بابُ الدليل على أنَّ دعاء المسلم يُجاب بمطلوبه أو غيره " انتهى .
فالمطلوب المعين – سواء كان من صلاح الدين أو صلاح الآخرة أو صلاح الدنيا – قد لا يتحقق في نفسه ، وإنما يحقق الله له بديله ، في الدنيا أو في الآخرة ، أو يصرف عنه في الدنيا من السوء بقدره .
يقول ابن عبد البر رحمه الله على الحديث المتقدم :
" فيه دليل على أنه لا بد من الإجابة على إحدى هذه الأوجه الثلاثة ، فعلى هذا يكون تأويل قول الله عز وجل – والله أعلم : ( فيكشف ما تدعون إليه إن شاء ) أنه يشاء ، وأنه لا مكره له ، ويكون قوله عز وجل : ( أجيب دعوة الداع إذا دعان ) على ظاهره وعمومه ، بتأويل حديث أبي سعيد المذكور ، والله أعلم بما أراد بقوله ، وبما أراد رسول الله صلى الله عليه وسلم .
والدعاء خير كله ، وعبادة ، وحسن عمل ، والله لا يضيع أجر من أحسن عملا ، وقد روي عن أبي هريرة أنه كان يقول : ما أخاف أن أحرم الإجابة ، ولكني أخاف أن أحرم الدعاء .
وهذا عندي على أنه حمل آية الإجابة على العموم والوعد ، والله لا يخلف الميعاد " .
انتهى من " التمهيد لما في الموطأ من المعاني والأسانيد " (10/ 297-299) .
ويقول ابن حجر رحمه الله :
" كل داع يستجاب له ، لكن تتنوع الإجابة ، فتارة تقع بعين ما دعا به ، وتارة بعوضه . وقد ورد في ذلك حديث صحيح ، أخرجه الترمذي والحاكم من حديث عبادة بن الصامت رفعه : ( ما على الأرض مسلم يدعو بدعوة إلا آتاه الله إياها ، أو صرف عنه من السوء مثلها ) ولأحمد من حديث أبي هريرة : ( إما أن يعجلها له ، وإما أن يدخرها له ) " .
انتهى من " فتح الباري " (11/95) .
ويقول الشيخ ابن باز رحمه الله :
" الإلحاح ، وحسن الظن بالله ، وعدم اليأس ، من أعظم أسباب الإجابة . فعلى المرء أن يلح في الدعاء ، ويحسن الظن بالله عز وجل ، ويعلم أنه حكيم عليم ، قد يعجل الإجابة لحكمة ، وقد يؤخرها لحكمة ، وقد يعطي السائل خيرا مما سأل " .
انتهى من " مجموع فتاوى ابن باز " (26/ 122) .
ويقول الشيخ البراك حفظه الله :
" إجابة الدعاء أعم من قضاء الحاجة ، فلا يلزم من عدم حصول المطلوب أن الله لم يجب دعاءك ، فتقول : إن الله لم يستجب لي ! وما يدريك ؟ لعل الله أعطاك إحدى هذه الثلاث ، ومن أجل ذلك قلتُ : إن قوله : ( ويقضي الحاجات ) أخصُ من قوله : ( والله تعالى يجيب الدعوات ) " انتهى من " شرح العقيدة الطحاوية " (ص: 348) .

وهذا يعني أن تدعو وأنت موقن بالإجابة ، سواء شهدتها في دنياك ، أو تأخرت عنك في أخراك، فكرم الله عز وجل متحقق لكل من حقق أسباب الإجابة .
وفي موقعنا العديد من الإجابات التي يمكن الاستفادة منها حول هذا الموضوع ، ينظر : (212629) ، (135085) .
والله أعلم .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر

موقع الإسلام سؤال وجواب

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android