0 / 0

حديث ( منهم البطيء الغضب سريع الفيء ) لا يدل على ما ورد في كتاب ( بوصلة الشخصية )

السؤال: 219172

ما حكم تحليل الشخصية عن طريق بوصلة الشخصيات . وهناك كثير من النساء انجرفن وراء هذا التحليل ، وقمن بتصديقه ، ويقمن بنشره . وما حكم من تجهل الحكم . وإن كان لا يجوز فما يترتب على من صدق ذلك ؟ وهنا توضيح لبوصلة الشخصية :
http://forum.hawaaworld.com/showthread.php?t=2254382
؟

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

أولا :
الحديث النبوي الشريف الذي استندت إليه الدكتورة في إسناده مقال وضعف ، يروى عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ رضي الله عنه قَالَ : صَلَّى بِنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمًا صَلاَةَ العَصْرِ بِنَهَارٍ ، ثُمَّ قَامَ خَطِيبًا ، فَلَمْ يَدَعْ شَيْئًا يَكُونُ إِلَى قِيَامِ السَّاعَةِ إِلاَّ أَخْبَرَنَا بِهِ ، حَفِظَهُ مَنْ حَفِظَهُ ، وَنَسِيَهُ مَنْ نَسِيَهُ .
وَكَانَ فِيمَا قَالَ : ( إِنَّ الدُّنْيَا حُلْوَةٌ خَضِرَةٌ ، وَإِنَّ اللَّهَ مُسْتَخْلِفُكُمْ فِيهَا فَنَاظِرٌ كَيْفَ تَعْمَلُونَ ، أَلاَ فَاتَّقُوا الدُّنْيَا وَاتَّقُوا النِّسَاءَ ، وَكَانَ فِيمَا قَالَ : أَلاَ لاَ يَمْنَعَنَّ رَجُلاً هَيْبَةُ النَّاسِ أَنْ يَقُولَ بِحَقٍّ إِذَا عَلِمَهُ .
قَالَ : فَبَكَى أَبُو سَعِيدٍ وَقَالَ : قَدْ وَاللَّهِ رَأَيْنَا أَشْيَاءَ فَهِبْنَا ، فَكَانَ فِيمَا قَالَ : أَلاَ إِنَّهُ يُنْصَبُ لِكُلِّ غَادِرٍ لِوَاءٌ يَوْمَ القِيَامَةِ بِقَدْرِ غَدْرَتِهِ ، وَلاَ غَدْرَةَ أَعْظَمُ مِنْ غَدْرَةِ إِمَامِ عَامَّةٍ ، يُرْكَزُ لِوَاؤُهُ عِنْدَ اسْتِهِ .
فَكَانَ فِيمَا حَفِظْنَا يَوْمَئِذٍ :
أَلاَ إِنَّ بَنِي آدَمَ خُلِقُوا عَلَى طَبَقَاتٍ شَتَّى :
فَمِنْهُمْ مَنْ يُولَدُ مُؤْمِنًا وَيَحْيَا مُؤْمِنًا وَيَمُوتُ مُؤْمِنًا .
وَمِنْهُمْ مَنْ يُولَدُ كَافِرًا وَيَحْيَا كَافِرًا وَيَمُوتُ كَافِرًا .
وَمِنْهُمْ مَنْ يُولَدُ مُؤْمِنًا وَيَحْيَا مُؤْمِنًا وَيَمُوتُ كَافِرًا .
وَمِنْهُمْ مَنْ يُولَدُ كَافِرًا وَيَحْيَا كَافِرًا وَيَمُوتُ مُؤْمِنًا .
أَلاَ وَإِنَّ مِنْهُمُ البَطِيءَ الغَضَبِ سَرِيعَ الفَيْءِ .
وَمِنْهُمْ سَرِيعُ الغَضَبِ سَرِيعُ الفَيْءِ ، فَتِلْكَ بِتِلْكَ .
أَلاَ وَإِنَّ مِنْهُمْ سَرِيعَ الغَضَبِ بَطِيءَ الفَيْءِ .
أَلاَ وَخَيْرُهُمْ بَطِيءُ الغَضَبِ سَرِيعُ الفَيْءِ .
أَلاَ وَشَرُّهُمْ سَرِيعُ الغَضَبِ بَطِيءُ الفَيْءِ .
أَلاَ وَإِنَّ مِنْهُمْ حَسَنَ القَضَاءِ حَسَنَ الطَّلَبِ ، وَمِنْهُمْ سَيِّئُ القَضَاءِ حَسَنُ الطَّلَبِ ، وَمِنْهُمْ حَسَنُ القَضَاءِ سَيِّئُ الطَّلَبِ ، فَتِلْكَ بِتِلْكَ . أَلاَ وَإِنَّ مِنْهُمُ السَّيِّئَ القَضَاءِ السَّيِّئَ الطَّلَبِ ، أَلاَ وَخَيْرُهُمُ الحَسَنُ القَضَاءِ الحَسَنُ الطَّلَبِ ، أَلاَ وَشَرُّهُمْ سَيِّئُ القَضَاءِ سَيِّئُ الطَّلَبِ .
أَلاَ وَإِنَّ الغَضَبَ جَمْرَةٌ فِي قَلْبِ ابْنِ آدَمَ ، أَمَا رَأَيْتُمْ إِلَى حُمْرَةِ عَيْنَيْهِ وَانْتِفَاخِ أَوْدَاجِهِ ، فَمَنْ أَحَسَّ بِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ فَلْيَلْصَقْ بِالأَرْضِ .
قَالَ : وَجَعَلْنَا نَلْتَفِتُ إِلَى الشَّمْسِ هَلْ بَقِيَ مِنْهَا شَيْءٌ ؟
فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : أَلاَ إِنَّهُ لَمْ يَبْقَ مِنَ الدُّنْيَا فِيمَا مَضَى مِنْهَا إِلاَّ كَمَا بَقِيَ مِنْ يَوْمِكُمْ هَذَا فِيمَا مَضَى مِنْهُ ) رواه الترمذي في ” السنن ” (2191) وقال : ” هذا حديث حسن ” .
ولكن في إسناده علي بن زيد بن جدعان ، كان الترمذي يحكم عليه بأنه ” صدوق إلا أنه ربما رفع الشيء الذي يوقفه غيره ” ، ولكن جمهور النقاد على تضعيفه ، قال فيه أحمد بن حنبل : ضعيف الحديث . وقال يحيى بن معين : ضعيف . وقال أبو زرعة : ليس بقوى . وقال أبو حاتم : ليس بقوي ، يكتب حديثه ، ولا يحتج به . وقال النسائي: ضعيف . وقال أبو بكر بن خزيمة : لا أحتج به لسوء حفظه . وقال أبو أحمد بن عدي : مع ضعفه يكتب حديثه . ينظر ” تهذيب التهذيب ” (7/324)
ولذلك ضعف هذا الحديث البوصيري في ” إتحاف الخيرة ” (8/66)، والشيخ الألباني في ” ضعيف الترمذي ” ، ومحققو مسند أحمد في ” طبعة مؤسسة الرسالة ” (17/228) .

ثانياً :
ثم على فرض تصحيح الحديث ، فقد حدد مناط القسمة بخلقي الغضب والفيء فحسب ، ولم يصنف البشر على أي مناط آخر ، ولا وفقا لأي أساس آخر ، فمن أين ينسب إلى هذا الحديث كل هذه الأنماط الشخصية المذكورة في كتاب يتجاوز عدد صفحاته الثلاثمائة صفحة .

ثالثا :
تحويل التقسيم النبوي للبشر إلى تمييز مناطقي : شمالي وجنوبي وشرقي وغربي أيضا لا يسلم ، ولا يجوز نسبته إلى النبي عليه الصلاة والسلام .

ورغم ما سبق كله ، فليس البحث أمراً محرماً في علوم النفس والاجتماع والعلاقات البشرية والاجتهاد في دراسة أنماط البشر ، وأنواع النفوس ، ودراسة العلاقات بين الشخصيات ، ومحاولة تصنيفها وتمييز القواسم المشتركة أو العوامل المفرقة بينها ، فتلك علوم واسعة ، وتخصصات دقيقة ، مجال الاجتهاد فيها مفتوح ، وتدخل في دائرة المباحات في شريعتنا الإسلامية ، التي فتحت للناس آفاق البحث والمعرفة .

ولكن في الوقت نفسه يجب الحذر من إضفاء الصبغة الشرعية على كل شيء نقرؤه أو ندرسه من هذه العلوم ، واستعمال هذه الطريقة – في البحث عن أي حديث نبوي يؤيد الفكرة التي نقرؤها – فيها مجموعة من المحاذير :
أهمها التساهل في التأويل والتحريف ليتوافق الحديث الشريف مع الفكرة المظنونة الاجتهادية ، وحينئذ يصبح الدين عرضة لتلاعب المغرضين والمفسدين .
ومنها محذور الرياء وتزكية النفس ، وكأن أحدنا يبحث عن مسحة دينية يجذب بها قلوب العامة لحضور الدورات وتقبلها ، ونشرها والتصديق بها ، وهذا موضع خطر وخلل .
وإنما الذي يُنصح به إمكان الإشارة إلى الحديث النبوي الشريف ، ودعوة الحضور إلى التأمل والتفكر فيه وفي علاقته بموضوع الدورة ، وطرح هذا الربط على سبيل الاجتهاد والتساؤل ، وليس على سبيل الجزم والقطع بعلاقته بتقسيم الشخصيات المطلوب ، فهنا دائما يكمن الخلل ، حيث نستعمل لغة القطع في قضايا البحث والاجتهاد .

وملاحظة أخيرة : لا يخلو الكتاب من ملاحظات وانتقادات ، وليس المقصود في الجواب هنا دراسة الكتاب وعرض أبوابه ، وإنما فقط التركيز على نسبة ” بوصلة الشخصية ” للسنة النبوية .

والله أعلم .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر

موقع الإسلام سؤال وجواب

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android