0 / 0
55,42214/09/2014

الشيعة الأوّلون كانوا يقدّمون أبا بكر وعمر على عليّ رضي الله عنهم .

السؤال: 219169

كيف كانت عقيدة الشيعة المتقدمين ورأيهم في الصحابة ، وخصوصا أبي بكر وعمر رضي الله عنهما ؟

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

كان الشيعة الأولون يقرون لأبي بكر وعمر رضي الله عنهما بالفضل والتقدم على سائر الصحابة رضي الله عنهم ، ولم يكن يعرف عنهم ما هو معروف عن متأخريهم من سب الصحابة والطعن فيهم ، فضلا عن تكفيرهم وتفسيقهم .

أولا من أقوال أئمة الشيعة في تفضيل الصحابة ، وعرفان مقامهم :
عَنِ النَّزَّالِ بْنِ سَبْرَةَ ، قَالَ: ” وَافَقْنَا مِنْ عَلِيٍّ ذَاتَ يَوْمٍ طِيبَ نَفْسٍ وَمِزَاجٍ ، فَقُلْنَا لَهُ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ ، حَدِّثْنَا عَنْ أَصْحَابِكَ خَاصَّةً ، قَالَ: كُلُّ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَصْحَابِي ، فَقَالُوا: حَدِّثْنَا عَنْ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ ، قَالَ: ” ذَاكَ امْرُؤٌ أَسْمَاهُ اللَّهُ صِدِّيقًا عَلَى لِسَانِ جِبْرِيلَ وَلِسَانِ مُحَمَّدٍ ، كَانَ خَلِيفَةَ رَسُولِ اللَّهِ عَلَى الصَّلَاةِ ، رَضِيَهُ لِدِينِنَا ، وَرَضِينَاهُ لِدُنْيَانَا ” انتهى من ” شرح أصول اعتقاد أهل السنة ” (7/ 1372) .

فإذا كان عليّ يقدم أبا بكر وعمر على نفسه ، فلا شك أن أتباعه الذين صحبوه كانوا على هذا الاعتقاد أيضا .
قَالَ ابْنُ شَوْذَبٍ ، عَنْ لَيْثٍ قَالَ : ” أَدْرَكْتُ الشِّيْعَةَ الأُوْلَى بِالكُوْفَةِ وَمَا يُفَضِّلُوْنَ عَلَى أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ أَحَداً ” انتهى من ” سير أعلام النبلاء ” (6/ 314) .

ونحن نذكر جملة من هؤلاء الشيعة المتقدمين ممن يقدم أبا بكر وعمر رضي الله عنهما ، ويذكرهما بالفضل :
– محمد بن علي بن أبي طالب ، والمعروف بابن الحنفية ، روى البخاري (3671) عَنْ مُحَمَّدِ ابْنِ الحَنَفِيَّةِ ، قَالَ: ” قُلْتُ لِأَبِي : أَيُّ النَّاسِ خَيْرٌ بَعْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ؟ قَالَ: أَبُو بَكْرٍ ، قُلْتُ : ثُمَّ مَنْ ؟ ، قَالَ: ثُمَّ عُمَرُ ، وَخَشِيتُ أَنْ يَقُولَ عُثْمَانُ ، قُلْتُ : ثُمَّ أَنْتَ ؟ ، قَالَ: ” مَا أَنَا إِلَّا رَجُلٌ مِنَ المُسْلِمِينَ ” .
ولو لم يكن يقرّ بذلك لعارض أباه ، ولما رواه للناس من بعده .
– علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب .
عَنِ ابْنِ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: ” قِيلَ لِعَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ : كَيْفَ كَانَتْ مَنْزِلَةُ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ؟ قَالَ: ” كَمَنْزِلَتِهِمَا الْيَوْمَ وَهُمَا ضَجِيعَاهُ ” انتهى من “شرح أصول اعتقاد أهل السنة” (7/ 1378) .
– عبد الله بن الحسن بن الحسن بن علي .
عن أبي خَالِدٍ الْأَحْمَرَ، قَالَ: ” سُئِلَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْحَسَنِ عَنْ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ، فَقَالَ: ” صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِمَا، وَلَا صَلَّى عَلَى مَنْ لَا يُصَلِّي عَلَيْهِمَا ” .
انتهى من ” شرح أصول اعتقاد أهل السنة ” (7/ 1381) .
– أَبُو جَعْفَرٍ الْبَاقِرُ، وَهُوَ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ ، قال ابن كثير رحمه الله : ” هُوَ أَحَدُ مَنْ تَدَّعِي فِيهِ طَائِفَةُ الشِّيعَةِ أَنَّهُ أَحَدُ الْأَئِمَّةِ الِاثْنَيْ عَشَرَ، وَلَمْ يَكُنِ الرَّجُلُ عَلَى طَرِيقِهِمْ وَلَا عَلَى مِنْوَالِهِمْ، وَلَا يَدَيْنُ بِمَا وَقَعَ فِي أَذْهَانِهِمْ وَأَوْهَامِهِمْ وَخَيَالِهِمْ ، بَلْ كَانَ مِمَّنْ يُقَدِّمُ أَبَا بَكْرٍ، وَعُمَرَ وَذَلِكَ عِنْدَهُ صَحِيحٌ فِي الْأَثَرِ، وَقَالَ أَيْضًا: ” مَا أَدْرَكْتُ أَحَدًا مِنْ أَهْلِ بَيْتِي إِلَّا وَهُوَ يَتَوَلَّاهُمَا ” رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا وَعَنْهُ ” انتهى من ” البداية والنهاية ” (13/ 72) .
– ابنه جعفر بن محمد الصادق .
قال الحسن بن صالح بن حيي : سمعت جعفر بن محمد الصادق يقول : ” أنا بريء ممن ذكر أبا بكر وعمر إلا بخير ” انتهى من “سير أعلام النبلاء” (2/ 412) .
– زَيْدُ بْنِ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ ، قال في أبي بكر وعمر : ” غَفَرَ اللَّهُ لَهُمَا، مَا سَمِعْتُ أَحَدًا مِنْ أَهْلِ بَيْتِي يَتَبَرَّأُ مِنْهُمَا ، وَأَنَا لَا أَقُولُ فِيهِمَا إِلَّا خَيْرًا ” انتهى من “البداية والنهاية” (13/ 106) .
– شريك بن عبد الله القاضي ، والأجلح بن عبد الله الكندي ، وهما من الشيعة .
روى شريك عن الأجلح قال: “سمعنا أنه ما يسب أبا بكر وعمر أحد إلا مات قتلا أو فقيرا ” انتهى من ” تهذيب التهذيب ” (1/ 190) .
– محمد بن فضيل ، وسالم بن أبي حفصة .
روى مُحَمَّدُ بن فضيل عَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِي حَفْصَةَ قَالَ: ” سَأَلْتُ أَبَا جَعْفَرٍ مُحَمَّدَ بْنَ عَلِيٍّ وَابْنَهُ جَعْفَرًا عَنْ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ فَقَالا : ” يَا سَالِمُ : تولهما وابرأ من عدوهما فإنهما كانا إمامي هُدًى ” ، وَقَالَ لِي جَعْفَرٌ: ” يَا سَالِمُ أَيَسُبُّ الرَّجُلُ جَدَّهُ! أَبُو بَكْرٍ جَدِّي فَلا نَالَتْنِي شَفَاعَةُ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنْ لَمْ أَكُنْ أَتَوَلاهُمَا وَأَبْرَأُ مِنْ عَدُوِّهِمَا ” قال الذهبي : ” هَذَا إِسْنَادٌ صَحِيحٌ ، وَسَالِمٌ وَابْنُ فُضَيْلٍ شِيعِيَّانِ ” انتهى من ” تاريخ الإسلام” (9/ 90) .
– عبد الرحمن بن صالح الأزدي ، أبو محمد الكوفي.
قال البغوي : سمعته يقول : ” أفضل هذه الأمة بعد نبيها : أبو بكر وعمر “
انتهى من “ميزان الاعتدال” (2/ 569) .
– أبو الصلت الهروي .
قال أحمد بن سيار : ” كان يعرف بالتشيع ، فناظرته لأستخرج ما عنده ، فلم أره يفرط ، رأيته يقدم أبا بكر وعمر، ولا يذكر الصحابة إلا بالجميل ” .
انتهى من ” ميزان الاعتدال” (2/ 616) .
– مجالد بن سعيد ، قال مجالد : ” أَشْهَدُ عَلَى أَبِي الْوَدَّاكِ ، أَنَّهُ شَهِدَ عَلَى أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ ، أَنَّهُ سَمِعَهُ يَقُولُ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ( إِنَّ أَهْلَ الْجَنَّةِ لَيَرَوْنَ أَهْلَ عِلِّيِّينَ كَمَا تَرَوْنَ الْكَوْكَبَ الدُّرِّيَّ فِي أُفُقِ السَّمَاءِ ، وَإِنَّ أَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ لَمِنْهُمْ ، وَأَنْعمَا )انتهى من ” فضائل الصحابة ” للإمام أحمد (1/ 169) .
ومجالد من الشيعة ، وقد روى هذا الحديث في فضل الشيخين رضي الله عنهما .
ومثل ذلك كثير مشهور .

ثانيا :
أقوال العلماء في تقرير ذلك الأصل ، وحكاية مذهب الشيعة المتقدمين :
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :
” وَلِهَذَا كَانَتِ الشِّيعَةُ الْمُتَقَدِّمُونَ الَّذِينَ صَحِبُوا عَلِيًّا، أَوْ كَانُوا فِي ذَلِكَ الزَّمَانِ : لَمْ يَتَنَازَعُوا فِي تَفْضِيلِ أَبِي بَكْرٍ، وَعُمَرَ، وَإِنَّمَا كَانَ نِزَاعُهُمْ فِي تَفْضِيلِ عَلِيٍّ، وَعُثْمَانَ، وَهَذَا مِمَّا يَعْتَرِفُ بِهِ عُلَمَاءُ الشِّيعَةِ الْأَكَابِرُ مِنَ الْأَوَائِلِ وَالْأَوَاخِرِ ، حَتَّى ذَكَرَ مِثْلَ ذَلِكَ أَبُو الْقَاسِمِ الْبَلْخِيُّ ، قَالَ: سَأَلَ سَائِلٌ شَرِيكَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي نَمِرٍ، فَقَالَ لَهُ: أَيُّهُمَا أَفْضَلُ أَبُو بَكْرٍ، أَوْ عَلِيٌّ ؟ فَقَالَ لَهُ : أَبُو بَكْرٍ، فَقَالَ لَهُ السَّائِلُ : أَتَقُولُ هَذَا ، وَأَنْتَ مِنَ الشِّيعَةِ؟ ، فَقَالَ: نَعَمْ إِنَّمَا الشِّيعِيُّ مَنْ قَالَ مِثْلَ هَذَا ، وَاللَّهِ لَقَدْ رَقَى عَلِيٌّ هَذَه الْأَعْوَادَ ، فَقَالَ: أَلَا إِنَّ خَيْرَ هَذِهِ الْأُمَّةِ بَعْدَ نَبِيِّهَا أَبُو بَكْرٍ، ثُمَّ عُمَرُ، أَفَكُنَّا نَرُدُّ قَوْلَهُ؟ أَكُنَّا نُكَذِّبُهُ؟ وَاللَّهِ مَا كَانَ كَذَّابًا ” انتهى من “منهاج السنة النبوية” (1/ 13-14) .
وقال أيضا :
” الشِّيعَة الْأُولَى أَصْحَابَ عَلِيٍّ لَمْ يَكُونُوا يَرْتَابُونَ فِي تَقْدِيمِ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ عَلَيْهِ.
كَيْفَ وَقَدْ ثَبَتَ عَنْ عَلِيٍّ مِنْ وُجُوهٍ مُتَوَاتِرَةٍ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ: ” خَيْرُ هَذِهِ الْأُمَّةِ بَعْدَ نَبِيِّهَا أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ ؟ ” .
انتهى من ” منهاج السنة النبوية ” (2/ 72) ، وانظر أيضا : “منهاج السنة النبوية” (4/ 132) .

قال الذهبي رحمه الله :
” الشيعي الغالي في زمان السلف وعرفهم : هو من تكلم في عثمان والزبير وطلحة ومعاوية ، وطائفة ممن حارب عليا رضي الله عنه، وتعرض لسبهم.
والغالي في زماننا وعرفنا هو الذي يكفر هؤلاء السادة ، ويتبرأ من الشيخين أيضاً، فهذا ضال معثَّر ” انتهى من “ميزان الاعتدال” (1/ 6) .

قال الحافظ ابن حجر رحمه الله :
” التشيع في عرف المتقدمين : هو اعتقاد تفضيل عليّ على عثمان , وأن عليا كان مصيبا في حروبه وأن مخالفه مخطئ، مع تقديم الشيخين ، وتفضيلهما …
وأما التشيع في عرف المتأخرين : فهو الرفض المحض ، فلا تقبل رواية الرافضي الغالي ولا كرامة ” انتهى من ” تهذيب التهذيب ” (1/ 94) .

ثالثا :
من الأدلة المهمة في هذا المقام : أن نعلم كيف كانت المصاهرة بين آل البيت الكرام ، وبين الصحابة ، وحرص أئمة آل البيت على تسمية أبنائهم بأسماء كبار الصحابة ، كأبي بكر وعمر وعثمان ، وغيرهم ، رضوان الله عليهم جميعا .
ويكفي أن علي بن أبي طالب رضي الله عنه : هو أول من سمى ثلاثة من أبنائه : أبا بكر ، وعمر ، وعثمان !!
وأما ابنه الحسين ، رضي الله عنه : فقد سمى ابنا له : أبا بكر ، وسمى الآخر : عمر!!
وأخو الحسين : علي ، زين العابدين : سمى أحد أبنائه : عمر ، وآخر سماه : عثمان ، وكنى نفسه : أبا بكر !!
وأما الكاظم ، فقد سمى أحدَ أبنائه بأبي بكر، وآخر بعمر، وكان ابنه الرضا يكنى بأبي بكر !!
وأما من سمى بناته : باسم أم المؤمنين عائشة ، رضي الله عنها ، أو بأسماء أمهات المؤمنين الأخريات ، فكثير في أهل البيت ، رضي الله عنهم :
فعلي زين العابدين : سمى بنتا له : عائشة ، ومثله : جعفر الصادق .
والأمر في هذا كثير ، يطول إحصاؤه .

وينظر في ذلك :
بحث : صِدْقُ المحَبَّة بين آلِ البَيْتِ والصَّحَابَة رضي الله عنهم ، لعبد الأَحَد بن عبدِ القُدُّوسِ النَّذِير :
http://www.almoslim.net/node/181884

وانظر للفائدة إجابة السؤال رقم : (101272) ، والسؤال رقم : (127152) .

والله أعلم .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر

موقع الإسلام سؤال وجواب

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android