0 / 0
142,53704/01/2014

تشعر بحالة من الحزن والاكتئاب ، وتسأل عن الحل .

السؤال: 210410

أنا بنت عندي 24 عام ، أشعر بحالة حزن شبه دائمة ، وعدم رغبة في التواصل مع الناس ، وأشعر بوحدة شديدة ، وكأن لا شيء يسعدني ، رغم أني أصلي الفروض جميعا ، حتى الفجر في وقته ، وأصلي قيام ليل ، وأقرأ جزءا من القرآن يوميا لأختمه كل شهر مرة ، وأحاول أن أتقرب إلى الله ، واعتمرت أكثر من مرة ، ولكن هذه الحالة لا تذهب .
وأنا ولله الحمد في نعمة ، فحياتي إلى حد ما بخير ، وأفضل من الكثيرين ، والحمد لله ، وأعرف ذلك وأشكر الله عليه ، وأرجو ألا يحاسبني على شعور نفسي السلبي ، ولكن لا أعرف ما سبب هذا الشعور السيئ ، وهو مستمر منذ أكثر من سنة ، وهو من قبل الأحداث المؤسفة التي تحدث في وطننا العربي ، وقد زادت الحالة مع حدوث قتل في بلادنا ، وفقد أقرباء لأصدقائي .
فكيف أتغلب على هذه السلبية ؟

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

أولا :
بداية نود الترحيب بك في موقع الإسلام سؤال وجواب ، نسأل الله أن ينفعنا وإياكم بما نقول ، وأن يرفع عنا وعن أمتنا الإسلامية البلاء .
أختنا الفاضلة ،
الدنيا مجبولة على الكدر ، هكذا خلقها بارئها ، وجعلها دار محن وابتلاءات وجسر عبور للآخرة ، لم تصف حتى للأنبياء خيرة الخلق ، ولم تعط عهدها لصغير ولا لكبير ، تفرحك يوما لتحزنك أياما ؛ ولا يزال ذلك دأبها أبدا ، ودأب الناس فيها :
طُبِعَتْ على كَدَرٍ وأنْتَ تُريدُها … صَفْواً مِنَ الأقْذاءِ والأكْدارِ
ومُكَلّفُ الأيّامِ ضِدَّ طِباعِها … مُتطَلّبٌ في الماءِ جُذْوةَ نارِ
فمن منا لم تحدث عنده حالة من الحزن إثر ما نراه من البلايا التي تنزل بالمسلمين ، يوما بعد يوم ؟ ومن منا لم تعزف نفسه عن الدنيا بما فيها ، لما نسمعه أو نراه ؟
لكن حينما يستمر هذا الشعور بالحزن والوحدة، أو اعتلال المزاج فيمنعنا من استمرار الحياة بشكل طبيعي ، أو القيام بما يجب علينا من الواجبات ، أو أداء الحقوق لأصحاب الحقوق ، أو الغفلة عن نعم الله علينا ، وما يجب علينا من شكره عليها ، حينها ينتقل الحزن من الحال الطبيعي إلى حال الضعف ، والمرض الذي يحتاج إلى علاج !!
وليس أعظم علاجا لذلك من الصبر والتقوى ، وحسن الظن بالله رب العالمين ، والتوكل عليه ، وتفويض الأمور إليه ، وحسن اللجأ إليه في كل ملمة .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :
” وَكَثِيرٌ مِنْ النَّاسِ إذَا رَأَى الْمُنْكَرَ ، أَوْ تَغَيَّرَ كَثِيرٌ مِنْ أَحْوَالِ الْإِسْلَامِ : جَزِعَ وَكَلَّ وَنَاحَ ، كَمَا يَنُوحُ أَهْلُ الْمَصَائِبِ ؛ وَهُوَ مَنْهِيٌّ عَنْ هَذَا؛ بَلْ هُوَ مَأْمُورٌ بِالصَّبْرِ وَالتَّوَكُّلِ وَالثَّبَاتِ عَلَى دِينِ الْإِسْلَامِ ، وَأَنْ يُؤْمِنَ بِأَنَّ اَللَّهِ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَاَلَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ ، وَأَنَّ الْعَاقِبَةَ لِلتَّقْوَى ، وَأَنَّ مَا يُصِيبُهُ فَهُوَ بِذُنُوبِهِ ؛ فَلْيَصْبِرْ إنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ ، وَلْيَسْتَغْفِرْ لِذَنْبِهِ ، وَلْيُسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّهِ بِالْعَشِيِّ وَالْإِبْكَارِ ” انتهى من “مجموع الفتاوى” (18/295) .
ثانيا :
إذا تطورت حالة الحزن ، وأدت بصاحبه إلى درجة من درجات الاكتئاب ، فالأمر يحتاج ، مع العلاجات الإيمانية ، وحسن الصبر والتوكل على الله ، وملازمة ذكره ، إلى متابعة طبي ، عند أخصائي موثوق في علمه وأمانته .
ومن أعراض الاكتئاب :
• شعور دائم بالحزن والقلق وتعكر المزاج .
• فقدان الاهتمام والشعور بالمتعة في الأنشطة المحببة للنفس .
• الشعور بالتشاؤم الدائم وقلة الحيلة في مواجهة مشاكل الحياة .
• الشعور بالذنب، وعدم القيمة والأهمية في المجتمع .
• عدم القدرة على إظهار أو تقبل العواطف للآخرين ومن الآخرين .
• مشاكل في النوم مثل الأرق أو النوم لساعات طويلة ، أو الاستيقاظ مبكرا.
• مشاكل في تناول الطعام (الشهية زائدة ، انقطاع الشهية).
• آلام جسدية مزمنة والتي لا ينفع معها علاج .
• البكاء الكثير.
• سرعة التوتر والنشاط الزائد وعدم القدرة على الهدوء والارتخاء .
• الشعور بالتعب الدائم وعدم القدرة على بذل الجهد البدني .
• نقص القدرة على التركيز، والتذكر، واتخاذ القرارات السليمة .
فإذا اجتمعت عندك أربعة فما فوق ، من الأعراض السابقة الذكر ، فهنا ينبغي أن تعرضي نفسك على أخصائي في الطب النفسي ، كما سبق .
ومع العلاج حاولي شغل نفسك بما هو مفيد: بقراءة القرآن والمطالعة وممارسة هواياتك وغيرها. ولا تنسي بعض الوصفات الطبيعية التي تجم الفؤاد وتساعد المخ على استعادة نشاطه ، مثل العسل والفواكه الجافة .
ومن الوصفات التي كانت تستعمل قديما : التلبينة ، وقد صح فيها قول رسول الله – صلى الله عليه وسلم : ( التَّلْبِينَةُ مُجِمَّةٌ لِفُؤَادِ الْمَرِيضِ ، تَذْهَبُ بِبَعْضِ الْحُزْنِ ) رواه البخاري ( 5101 ) ، ومسلم ( 2216 ) .
قال ابن القيم رحمه الله في “زاد المعاد” : “وهذا الحساء يجلو ذلك عن المعدة ، ويسروه ، ويحدره ، ويميعه ، ويعدل كيفيته ، ويكسر سورته ، فيريحها، ولا سيما لمن عادته الاغتذاء بخبز الشعير، وهي عادة أهل المدينة إذ ذاك ، وكان هو غالب قوتهم ، وكانت الحنطة عزيزة عندهم، والله أعلم” .
والتلبينة حساء من دقيق الشعير بنخالته يضاف لهما كوب من الماء وتطهى على نار هادئة لمدة 5 دقائق ثم يضاف كوب من اللبن(حليب) وملعقة عسل نحل.
وينظر جواب السؤال رقم : (158533)، ورقم : (45847) .
والله أعلم .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر

موقع الإسلام سؤال وجواب

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android