0 / 0

لماذا صعّد النبي صلى الله عليه وسلم النظر إلى الواهبة نفسها له ؟

السؤال: 210315

رُوي عن سهل بن سعد الساعدي أنه قال : ” جاءت امرأة إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، فقالت يا رسول الله : أريد أن أهب نفسي لك لتتزوجني ، فنظر النبي صلى الله عليه وسلم إليها من الأعلى إلى الأسفل ، ثم خفض رأسه وصمت..الحديث .
فما السبب الذي جعل النبي صلى الله عليه وسلم ينظر إليها من الأعلى إلى الأسفل ، ثم يخفض رأسه ؟ ، ولماذا لم يتزوجها ؟

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

أولا :
روى البخاري (5030) ، ومسلم (1425) عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ : ” أَنَّ امْرَأَةً جَاءَتْ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ جِئْتُ لِأَهَبَ لَكَ نَفْسِي ، فَنَظَرَ إِلَيْهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَصَعَّدَ النَّظَرَ إِلَيْهَا وَصَوَّبَهُ ، ثُمَّ طَأْطَأَ رَأْسَهُ ، فَلَمَّا رَأَتِ المَرْأَةُ أَنَّهُ لَمْ يَقْضِ فِيهَا شَيْئًا جَلَسَتْ ، فَقَامَ رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِهِ ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَكَ بِهَا حَاجَةٌ فَزَوِّجْنِيهَا، فَقَالَ: ( هَلْ عِنْدَكَ مِنْ شَيْءٍ ؟ ) ، فَقَالَ: لاَ وَاللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ ، قَالَ : ( اذْهَبْ إِلَى أَهْلِكَ فَانْظُرْ هَلْ تَجِدُ شَيْئًا ؟ ) ، فَذَهَبَ ثُمَّ رَجَعَ فَقَالَ: لاَ وَاللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا وَجَدْتُ شَيْئًا ، قَالَ: ( انْظُرْ وَلَوْ خَاتَمًا مِنْ حَدِيدٍ ) ، فَذَهَبَ ثُمَّ رَجَعَ، فَقَالَ: لاَ وَاللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ وَلاَ خَاتَمًا مِنْ حَدِيدٍ، وَلَكِنْ هَذَا إِزَارِي – قَالَ سَهْلٌ : مَا لَهُ رِدَاءٌ – فَلَهَا نِصْفُهُ ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ( مَا تَصْنَعُ بِإِزَارِكَ، إِنْ لَبِسْتَهُ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهَا مِنْهُ شَيْءٌ ، وَإِنْ لَبِسَتْهُ لَمْ يَكُنْ عَلَيْكَ شَيْءٌ ؟ ) ، فَجَلَسَ الرَّجُلُ حَتَّى طَالَ مَجْلِسُهُ ، ثُمَّ قَامَ فَرَآهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُوَلِّيًا، فَأَمَرَ بِهِ فَدُعِيَ ، فَلَمَّا جَاءَ قَالَ: ( مَاذَا مَعَكَ مِنَ القُرْآنِ؟ ) ، قَالَ: مَعِي سُورَةُ كَذَا، وَسُورَةُ كَذَا، وَسُورَةُ كَذَا – عَدَّهَا – قَالَ : ( أَتَقْرَؤُهُنَّ عَنْ ظَهْرِ قَلْبِكَ ؟ ) ، قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: ( اذْهَبْ فَقَدْ مَلَّكْتُكَهَا بِمَا مَعَكَ مِنَ القُرْآنِ ) .
وقد رواه أهل السنن الأربعة أيضا .

وإنما نظر إليها النبي صلى الله عليه وسلم لأنه في مقام الخاطب الذي يشرع له النظر إلى المخطوبة ، فنظر إليها : فإن أعجبته تزوجها ، وإن لم تعجبه غض طرفه عنها ، وهذا ما حصل في هذه القصة .
قال النووي رحمه الله :
” أَمَّا صَعَّدَ: فَبِتَشْدِيدِ الْعَيْنِ أَيْ رَفَعَ ، وَأَمَّا صَوَّبَ: فَبِتَشْدِيدِ الْوَاوِ أَيْ خَفَضَ ” انتهى .
وقال الحافظ ابن حجر رحمه الله :
” قَوْله : ” فَصَعَّدَ النَّظَر إِلَيْهَا وَصَوَّبَهُ ” دَالٌّ عَلَى أَنَّهُ كَانَ يُرِيد التَّزْوِيج لَوْ أَعْجَبَتْهُ ” انتهى .

وقد استدل أهل العلم بهذا الحديث على جواز النظر إلى المخطوبة .
قال النووي رحمه الله :
” فِيهِ دَلِيلٌ لِجَوَازِ النَّظَرِ لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يَتَزَوَّجَ امْرَأَةً وَتَأَمُّلِهِ إِيَّاهَا ” .
انتهى من ” شرح مسلم ” (9/212) .
وقال بدر الدين العيني رحمه الله :
” فِيهِ: دَلِيل على جَوَاز النّظر للمتزوج وتكراره ، والتأمل فِي محاسنها ، فهم ذَلِك من
قَوْله: فَصَعدَ النّظر إِلَيْهَا وَصَوَّبَهُ ” انتهى من “عمدة القاري” (12/ 144) .
وانظر جواب السؤال رقم : (120378) .
ثانيا :
أما لماذا لم يتزوجها النبي صلى الله عليه وسلم ، فلأنه لم يرغب فيها ، ولم يُرِدْها زوجة له ، وهل يلزم كل خاطب نظر إلى مخطوبته وتأملها : أن يتزوجها ؟!
إنما جُعل هذا النظر ليقرر بعده : هل يتزوجها أم لا ؟
قال ابن الجوزي رحمه الله :
” ( فصعد النظر فيها وصوبه ) أي نظر إلى وجهها وحط النظر إلى ما دونه. وهذا يدل على جواز النظر إلى المرأة التي يراد نكاحها، وإنما فعل ذلك لجواز أن يريدها، فلما لم يُرِدها ، طأطأ رأسه ” انتهى من “كشف المشكل” (2/ 270) .
وينظر لمزيد الفائدة جواب السؤال رقم : (118102) .
والله تعالى أعلم .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر

موقع الإسلام سؤال وجواب

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android