0 / 0
39,44801/03/2014

هندوسي يتساءل : أيهما أفضل الهندوسية أم الإسلام ، ولماذا ؟

السؤال: 209139

أنا من موريشيوس ، بلدة من بلاد المحيط الهندي ، من فضلك أخبرني ما هو أفضل الأديان ، ولماذا ، الهندوسية أم الإسلام . أنا هندوسي ؟

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

أفضل الأديان هو الدين الذي يملك الإثبات على أنه الدين الذي يرتضيه الخالق جل وعلا ، وأنزله نورا للبشرية يسعدهم في حياتهم الدنيا ، وينجيهم في حياتهم الأخرى ، والإثبات أو الدليل لا بد أن يكون ناصعا ظاهرا لا يرتاب فيه الناس ، وليس لهم طاقة بمثله ، فالله عز وجل يعلم ما يورده الدجالون من أدلة ساقطة واهية على كذبهم ، لهذا اختار سبحانه أن يؤيد رسله وأنبياءه بالمعجزات المحيطة الشاملة ، وبالعلامات الظاهرة ، التي تؤكد للناس صدق هذا الرجل الموحَى إليه من ربه ، فيؤمنون به ويتبعونه .
وهكذا جاء رسول الإسلام محمد صلى الله عليه وسلم بالمعجزات الباهرات ، وهي كثيرة جدا ألفت فيها المؤلفات الضخام ، ولكن أجلّها وأعظمها هذا القرآن العظيم ، الذي تحدَّى العربَ أن يأتوا بمثله في جميع جوانب كماله ، إذ فيه الإعجاز البلاغي فلم يتمكن فصحاء قريش – وقد بلغوا قمة الفصاحة بشهادة جميع المؤرخين – أن تنطق ألسنتهم بمثاله ، وفيه الإعجاز العلمي ، حيث يشتمل القرآن الكريم – وكذلك السنة النبوية – على سوابق علمية لا يمكن لبشر أن يأتي بمثلها في ذلك الزمان إلا أن يكون يوحى إليه ، وفيه الإعجاز الغيبي حيث حدَّث بتاريخ الأولين والآخرين ، ولم يكن لمحمد عليه الصلاة والسلام أي علم مسبق بالتاريخ ولم يكن في تلك البلاد من يملك هذا العلم أصلا إلا بقايا من أهل الكتاب ، وفيه الإعجاز التشريعي المتمثل في منظومة متكاملة تبدأ من الأخلاق والآداب الشخصية ، وأحكام الأسرة والأحوال الشخصية ، وتنظم العلاقات الدولية ، والأحكام المجتمعية ، وتؤسس مبادئ العدالة والحرية بين بني البشر ، وتقرر مفاهيم الدنيا والغيب والآخرة ، ومفاهيم السعادة والشقاء ، كل ذلك يصدر عن رجل أمي لا يقرأ ولا يكتب ، ولكن يشهد أعداؤه له بالصدق والأمانة قبل أصدقائه ، ويحمل هذا القرآن ليؤسس به الحضارة الإسلامية الهائلة التي تمتد عبر أكثر من أربعة عشر قرنا من الزمان .
وأفضل الأديان في نظرنا هو الدين الذي يربطك بقوة واحدة ، هي القوة التي خلقتك وأنعمت عليك وتملك مقاليد السماوات والأرض ، هي القوة التي سترحمك وتكون معك في حياتك الأخرى إذا آمنت بها وعملت صالحا ، وهو الله سبحانه وتعالى ، الأحد الفرد الصمد ، ولا يربطك بشيء مما سواه ، فكل ما سواه مخلوق ضعيف فقير إليه سبحانه ، وبذلك يتحرر الإنسان من كل قيود العبودية إلا للحق سبحانه ، ويتخلص من روابط الأرض التي تسبب للبشرية الذل والظلم والاضطهاد والتسلط ، كل ذلك باسم الدين الباطل الذي يقر الطبقية – انظر مبحث ” الطبقات في المجتمع الهندوسي ” من كتاب الدكتور الأعظمي ” دراسات ” (ص/565) -، ويقر العبودية لغير الله تعالى ، بل يقر العبودية للحيوانات كالأبقار وغيرها ، فيغدو الإنسان الذي أكرمه الله بالعقل والروح التي هي من روحه عز وجل ، يغدو أسيرا لما يقدسه ويبجله ويعظمه من تلك الدواب ، وهي لا تملك له نفعا ولا ضرا ، بل لا تملك لنفسها فضلا عن غيرها .
وخير الأديان هو الدين الذي يملك المنظومة المتكاملة التي تهدي الإنسان إلى معالم السعادة في الدنيا والآخرة ؛ لأن غاية الأديان تحقيق السعادة ، ولا يمكن تحقيقها بغير هداية من الله سبحانه وتعالى ، وفي الإسلام كل الهداية في الجوانب الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والأسرية والنفسية لتحقيق هذه السعادة المتكاملة ، ولما أخذ المسلمون بها في الزمان الأول ، عمروا الأرض بكل خير وعدل وإنصاف ، وحين تخلوا عنها ، تخلت عنهم مكاسبهم التي منحهم الله إياها.
وأفضل الأديان ما جاء أخيرا في الترتيب الزماني ، مصدقا لما سبقه من الديانات الحقة ، وناسخا لبعض الشرائع السابقة التي نزلت تناسب الزمان والمكان الذي انتشرت فيه ، ومؤكدا للبشارات الواردة في تلك الأديان ، تخبر عن نبي يبعث في آخر الزمان ، وتذكر من علامته وصفته ، فقد أخبرنا القرآن الكريم أن جميع الرسل والأنبياء السابقين يعلمون بنبي يبعث في آخر الزمان ، اسمه محمد ، يختم الله عز وجل به الرسالات ، فقال تعالى : ( وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ النَّبِيِّينَ لَمَا آتَيْتُكُمْ مِنْ كِتَابٍ وَحِكْمَةٍ ثُمَّ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنْصُرُنَّهُ قَالَ أَأَقْرَرْتُمْ وَأَخَذْتُمْ عَلَى ذَلِكُمْ إِصْرِي قَالُوا أَقْرَرْنَا قَالَ فَاشْهَدُوا وَأَنَا مَعَكُمْ مِنَ الشَّاهِدِينَ ) آل عمران/81. ولهذا نجد في البقايا التي لم تحرف من الديانات السابقة بشارات صريحة بهذا النبي الكريم ، فالتوراة والإنجيل مليئة بها ، ولكن لا حاجة لذكرها هنا ، وإنما الذي يهمنا ما ورد في الكتب المقدسة في الهندوسية ، من البشارات الصريحة بنبينا محمد صلى الله عليه وسلم ، تلك البشارات لا تدل على سلامة جميع هذه الكتب بالضرورة ، وصدقها ، وإنما تدل على نزر من الحق ثابت فيها ، مأخوذ عن الرسل والأنبياء الذين أرسلوا في العصور الضاربة في القدم .
وقد نقل هذه النصوص فضيلة الدكتور محمد ضياء الرحمن الأعظمي ، في كتابه القيّم ” دراسات في اليهودية والمسيحية وأديان الهند ” (ص703-746)، خاصة وأن المؤلف الدكتور من الهند ، ويتقن القراءة في تلك الكتب التي لم تترجم إلى العربية على حد علمنا .
1. ” في ذلك الوقت في قرية (شامبهل) [بمعنى البلد الأمين] عند رجل اسمه (وشنوياس) [عبد الله] صاحب قلب رقيق ، يولد في بيته (كالكي) [مطهر من الذنوب والآثام] ” [البهكفت بران] (2/18) .
ومعلوم أن اسم والد نبينا محمد صلى الله عليه وسلم هو ( عبد الله )، ومكة سميت في القرآن الكريم ( البلد الأمين )
2. ” يولد (كالكي) في بيت (وشنوياش) من زوجته (سومتي) [صاحبة السلامة والأمن ، آمنة]” [كلكي بران 2/11] .
ومعلوم أيضا أن اسم أم نبينا محمد صلى الله عليه وسلم هو آمنة بنت وهب .
3. ” إنه يولد في الثاني عشر من ظهور القمر في شهر اسمه (مادوه) [تعني الشهر المحبب إلى النفوس ، وهو شهر الربيع]” [كلكي بران 2/15] .
وكتب السيرة النبوية طافحة ببيان تاريخ مولده عليه الصلاة والسلام ، وأنه في الثاني عشر من شهر ربيع الأول ، على اختلاف بين العلماء .
4. “(كالكي) يكون متصفا بصفات ثمانية : (PRAGYA) [يخبر عن المستقبل]، (CULINATA) [من أشرف قومه]، (INDRIDAMAN) [الغالب على نفسه]، (SHRUT) [يوحى إليه]، (PRAKRAM) [قوي البنية]، (ABHU BHASHITA) [قليل الكلام]، (DAN) [كريم]، (KRITAGYATA) [معترف بالجميل]”
وكلها نزر يسير من صفات سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم التي يعترف بها من عرفه من جميع العرب ، سواء دخلوا في الإسلام أم بقوا على كفرهم .
5. ” يركب على الحصان ، ويخرج منه النور ، ولا يضاهيه أحد في رعبه وجماله ، ويكون مختونا ، ويعدم مئات الألوف من الظلمة والكفرة ” [البهكفت بران 12-2-20] .
والختان لا يمارس لدى الهندوس ، وإنما هو واجب إسلامي على الذكور من أمة محمد صلى الله عليه وسلم .
6. ” بمساعدة أربعة من أصحابه يهلك الشيطان ، وأن الملائكة تنزل على الأرض لمساعدته في حروبه ” [كلكي بران 2/5-7] .
أصحاب نبينا صلى الله عليه وسلم الأربعة هم الخلفاء الراشدون الذين حكموا من بعده ، واتفق علماء الإسلام على أنهم أفضل البشر بعد نبينا صلى الله عليه وسلم .
7. ” بعد ولادته يتوجه إلى الجبال ليتعلم من (برش رام) [تعني المعلم الأكبر] ثم يذهب إلى الشمال ، ثم يعود إلى مولده ” [كلكي بران] .
وهكذا كان النبي صلى الله عليه وسلم يختلي في غار حراء حتى نزل عليه جبريل بالوحي ، ثم هاجر إلى الشمال إلى المدينة المنورة ، ثم عاد إلى مكة فاتحا .
8. “الناس يسحرون من عبقه الذي يخرج من جسمه ، وإن عبق جسمه الطاهر يختلط بالهواء ، ويلطف الأرواح والنفوس” [البهكفت بران 2/2/21] .
9. ” أول من ذبح وضحى هو أحمدو فصار كالشمس ” [سام فيدا 3/6/8] .
10. ” سوف يأتي معلم روحاني مع رفقائه الكرام ، ويشتهر بين الناس باسم (محامد)، ويستقبله الأمير قائلا : يا ساكن الصحراء ، هازم الشيطان ، صاحب المعجزات ، بريئا من كل شر ، قائما على الحق ، خبيرا في معرفة الله ، ومحبا له ، سلام عليك ، أنا عبدك ، أعيش تحت قدميك ” [بهاوشيا بران 3/3/5-8] .
11. ” وفي هذه الأدوار ، إذا جاء وقت ظهور الخير الجماعي للإنسان ، فإنه يرعف الحق ، وبظهور (محمد) تنتهي الظلمات ، ويطلع نور الفهم والحكمة ” [البهكفت بران 2/76] .
وهذه النصوص صريحة في ذكر اسمه ( محمد ) أو ( أحمد ) وكلها من أسمائه عليه الصلاة والسلام . قال تعالى : ( وَمُبَشِّرًا بِرَسُولٍ يَأْتِي مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ ) الصف/6.
12. ” أكنى ديوي صاحب الشريعة الغراء ، جعلناك فوق سرة الأرض لتقديم القرابين ” [ريج فيدا 3/29/4] .
13. وقد ورد في [آتور فيدا] ، و[ريج فيدا] – في صفحات عدة ومتفرقة – التبشير بـ (نراشسنس) [تعني الإنسان المحمود]، وجاء في وصفه أنه : ” أجمل من في الأرض ، نوره يدخل بيتا بيتا ، يطهر الناس من الذنوب والآثام ، يركب الإبل ، له اثنتا عشرة زوجة…اسمعوا أيها الناس ! إن (نراشسنس) يرتفع ذكره…إن (نراشسنس) يحمد ، وإنه يهاجر من بين ستين ألفا وتسعين…وقد أعطيت (مامح) مائة دينار خالص ، وعشر تسبيحات ، وثلاثمائة فرس ” .
وفي السيرة النبوية تعداد أسماء زوجاته عليه الصلاة والسلام بالعدد المذكور .
14. ” إن رجلا ذا سيرة طيبة جاء إلى الملك (بهوج) ملك السند في ظلمات الليل ، وقال له : أيها الملك ! إن دينك (آريا دهرم) يفوق جميع الأديان في الهند ، ولكن بحكم الإله الأكبر ، إني أظهر دين رجل يأكل كل شيء من الطيبات ، وهو مختون ، ولا يكون على رأسه ضفيرة مدلاة ولا معقوصة ، وله لحية طويلة ، ويحدث انقلابا عظيما ، ويؤذن في الناس ، ويأكل من كل شيء من الطيبات ما عدا لحم الخنزير ، ودينه ينسخ جميع الأديان ، وسميناهم المسلي ، والإله الأكبر هو الذي أوحى إليه هذا الدين ” [بهاوشيا بران 3/3/3/23-27] .
ونحن نقول إن الأذان للصلاة واجتناب لحم الخنزير من أبرز خصائص الشريعة الإسلامية ، وأتباعها يسمون ( مسلمين ) وليس ( مسلي )، ولكنها ألفاظ قريبة ذات أصل واحد .
ونقول لك أيضا ، إن مقتضى كلام منظري الهندوسية يسمح لك باعتقاد عقائد الإسلام ، والديانة بما جاء به النبي محمد صلى الله عليه وسلم ؛ وذلك أن الهندوسية – في نظرهم – تمتاز بعدم التعصب ، والبحث عن الحق ، ولا يضر هندوسيتك سواء آمنت بالله أم لم تؤمن ، المهم أن تستمر في بحثك عن الحق .
يقول الزعيم الهندي “غاندي”:
” من حظ الديانة الهندوسية أنها ليست لها عقيدة رئيسة ، فإذا سئلت عنها فأقول : إن عقيدتها هي عدم التعصب والبحث عن الحق بطرق حسنة ، وأما الاعتقاد بوجود الخالق وعدمه فكلاهما سواء ، ولا يلزم لأي رجل من الرجال الهندوس أن يؤمن بالخالق ، فهو هندوسي ، سواء آمن أم لم يؤمن ” .
ويقول أيضا :
” من حسن حظ الديانة الهندوسية أنها تخلت عن كل عقيدة ، ولكنها محيطة بجميع العقائد الرئيسية ، والجواهر الأساسية للأديان الأخرى ” انتهى من كتابه ” هِندو دَهَرَم ” (HINDU DHARM). نقلته من كتاب الدكتور الأعظمي ” دراسات في اليهودية والمسيحية وأديان الهند ” (ص/529-530).
وللمزيد ، يمكن مراجعة الجواب رقم : (126472) .
فلِمَ لا تجعل ذلك منطلقك في دراسة الإسلام ، والنظر في محاسنه وفضائله ، والبحث في مزاياه على سائر الأديان ، لكونه الدين الناسخ لجميع ما سبقه ، ونبي الإسلام محمد صلى الله عليه وسلم هو بشارة جميع الرسل والأنبياء من قبله ، والأمر جليل وخطير ، ذلك أن القرآن الكريم يحصر طريق النجاة في طريق الإسلام ، ديانة التوحيد ، فيقول سبحانه وتعالى : ( وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ ) آل عمران/85.
للفائدة يمكن مراجعة الجواب رقم : (175339) .
والله أعلم .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر

موقع الإسلام سؤال وجواب

answer

موضوعات ذات صلة

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android